قرارات المحكمة الدستورية


قرار رقم : 203/22
تاريخ صدور القرار : 29-12-2022

المملكة المغربية                                                                  الحمد لله وحده، 
المحكمة الدستورية  
 

ملف عدد: 249/22 
قرار رقم: 203/22 م.د 


باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

المحكمة الدستورية،

بعد اطلاعها على الرسالة المسجلة بأمانتها العامة في 30 نوفمبر 2022، التي يطلب بمقتضاها السيد رئيس الحكومة من المحكمة الدستورية، التصريح بأن مقتضيات المواد 10 و12 و13 و14 و15 و22 و25 و27 و33 و38 و39 و40 و41 و44 و54 و55 و81 و86 و106   و131 و133 و136 و139 و152 و154 و186 من القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 190.14.1 بتاريخ 6 ربيع الأول 1436 (29 ديسمبر 2014)، لا تدخل في مجال القانون، بالرغم من ورودها في نص تشريعي من حيث الشكل، بل يشملها اختصاص السلطة التنظيمية، ويمكن، بناء على ذلك، تغييرها بمرسوم؛
 
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 91. 11. 1 بتاريخ 27 من شعبان 1432( 29 يوليو 2011)؛


وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛


وبعد الاطلاع على القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 190.14.1 بتاريخ 6 ربيع الأول 1436 (29 ديسمبر 2014)؛


وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛


حيث إن الدستور، خول للحكومة صون نطاق مجالها التنظيمي من تجاوز مجال القانون، بسبيلين، أولهما خلال المسطرة التشريعية، وذلك بأن تدفع، بموجب أحكام الفقرة الأولى من الفصل 79 من الدستور "بعدم قبول كل مقترح أو تعديل لا يدخل في مجال القانون"، وثانيهما، بعد صدور القانون، بمقتضى ما نص عليه الفصل 73 من الدستور من أنه: " يمكن تغيير النصوص التشريعية من حيث الشكل بمرسوم، بعد موافقة المحكمة الدستورية، إذا كان مضمونها يدخل في مجال من المجالات التي تمارس فيها السلطة التنظيمية اختصاصها"؛  


وحيث إنه، يعود لرئيس الحكومة، المبادرة بالتشريع، طبقا للفقرة الأولى من الفصل 78 من الدستور، متى تراءى للحكومة ما يدعوها إلى تغيير مقتضى تشريعي أو تتميمه؛ 


وحيث إن المحكمة الدستورية، حين تبت في مدى اندراج مقتضى معروض عليها في مجال القانون أو في مجال التنظيم (الفصل 73 من الدستور)، فإنها تستند في ذلك، من جهة أولى، على أحكام الدستور والقوانين التنظيمية، وليس على قوانين تتقاسم معها ذات المرتبة والدرجة في التراتبية القانونية، وتراعي، من جهة ثانية، ألا يؤدي تغيير درجة النص المعروض في التراتبية القانونية، إلى تجريد المبادئ والالتزامات ذات الطبيعة الدستورية من ضمانات قانونية، وتستحضر، من جهة ثالثة، ما يترتب عن أحكام الفقرة الأولى من الفصل السادس من الدستور، من متطلبات تسهيل الولوج إلى القانون، ومقروئيته، ووضوحه، وانسجامه، تفاديا لتضارب تأويل مقتضياته، وتعطيل نفاذ مضامينه وحسن تطبيقه؛


وحيث إن المواد المستفتى في شأنها لم تكن، إبان تقديم التعديلات المتعلقة بها، محل دفع بعدم القبول التشريعي من قبل الحكومة خلال المسطرة التشريعية التي أفضت إلى إقرار القانون رقم 18.12 المشار إليه؛ 
وحيث إن الدستور، خص، بموجب صريح الفقرة الأولى من الفصل 71 منه، القانون، بالتشريع في ميدان: "...- ...حوادث الشغل"، وألزم بمقتضى الفصل 31 منه، "الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية"، بالعمل "على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في : العلاج والعناية الصحية"، وأوجب، بمقتضى الفصل 34 منه، على السلطات العمومية السهر على "إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية، أو حسية حركية أو عقلية"، و"تيسير تمتعهم بالحقوق... المعترف بها للجميع"؛


وحيث إنه يستفاد من هذه الأحكام، علاقة بالمواد المستفتى في شأنها، من جهة أولى، أن الدستور أوكل إلى مجال القانون التشريع في ميدان حوادث الشغل، دون حصر نطاق ذلك في نظامها أو مبادئها أو قواعدها أو توجهاتها، وذلك خلافا لميادين أخرى تم التنصيص عليها في الفقرة الأولى من الفصل 71 المذكور، ومن جهة ثانية، فإن مجال التنظيم في ميدان حوادث الشغل، يتحدد، تبعا لذلك، متى مارس المشرع كامل صلاحيته التشريعية، فيما ارتأى هذا الأخير أن يسند أمر تطبيقه إلى نصوص تنظيمية، ومن جهة ثالثة، فإن ضحايا حوادث الشغل، هم، بمقتضى أحكام الدستور، أصحاب حق في العلاج والعناية الصحية، وإعادة تأهيل عند الاقتضاء، وأن التشريع يعد إحدى سبل إنفاذ هذا الحق وكفالته، مما تكون معه الضمانات المتعلقة بهذه الفئة، مندرجة في نطاق الحقوق التي يختص القانون بالتشريع فيها طبقا للفصل 71  السالف الذكر؛  
وحيث إنه، يبين من الاطلاع على المواد المستفتى في شأنها، ما يلي:


في شأن المواد 10 و12 (الفقرة الأخيرة) و13 (المقطع الأخير) و14 (المقطع الأخير من الفقرة الأخيرة) و15 (المقطع الأخير من الفقرة الأخيرة) و22 (المقطع الأخير من الفقرة الأولى) و33 (الفقرة الأخيرة) و38 و40 و41 (الفقرة الأخيرة) و44 (الفقرة الأولى) و54 (الفقرة الأولى) و86 (الفقرة الأخيرة) و106 (الأسطر الثاني والثالث والأخير) و133 (المقطع الأخير من الفقرة الثانية) و139 (المقطع الأخير): 


حيث إن هذه المقتضيات أسندت، بالتوالي، إلى نص تنظيمي يحدد عند الاقتضاء كيفيات تطبيق أحكام القانون 18.12 على بعض فئات المستفيدين وإلى نص تنظيمي تحديد كيفيات مراقبة تطبيق أحكام القانون المذكور من قبل الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل وأسندت إلى قرارات تتخذها السلطات الحكومية المختصة، حسب الحالة، تحديد مضمون النسخة الموجزة للقانون وكيفيات إلصاقها، وتحديد نموذج التصريح بحادثة الشغل للمقاولة المؤمنة، وتحديد الجدول المتعلق بالعجز، وإلى قرارات تحديد شروط وكيفيات تدبير التعويض عن حوادث الشغل التي تصيب فئات معينة من المستفيدين، وتحديد تعريفة المصاريف المتعلقة بالخدمات المقدمة للمصاب من قبل المؤسسات العمومية أو الخصوصية للاستشفاء والعلاج وتحديد مصاريف الجنازة والمعايير المعتمدة لاحتساب مصاريف نقل جثمان المصاب في حالة الوفاة، وخولت لمرسوم تحديد نوع أجهزة استبدال أو تقويم الأعضاء وقيمتها وشروط تخصيصها وإصلاحها وتجديدها، ولقرارات إمكانية إعفاء المشغل من أداء الرأسمال للصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، وتحديد مقدار المساهمة المنصوص عليها في المادتين 50 و51 من القانون، وأسندت لمرسوم تحديد مبلغ الزيادة في مبلغ الإيراد وكيفيات وشروط الاستفادة منها، وإلى نص تنظيمي تحديد الحد المعين للإيراد، وإلى قرار للسلطة الحكومية المعنية تحديد نموذج "محضر الصلح"، وإلى نص تنظيمي تحديد لائحة الوثائق والمستندات التي يمكن للمقاولة المؤمنة للمشغل أن تطلبها من هذا الأخير أو من المصاب أو ذوي حقوقه من أجل تقدير المصاريف والتعويضات والتي يضمنها القانون واحتسابها وتصفيتها؛  


وحيث إن نص هذه المقتضيات التي تحيل على نصوص تنظيمية، يندرج في مجال القانون، إذ بموجبها خولت السلطة التنظيمية اتخاذ ما أسند إليها من نصوص تطبيقا وإنفاذا لبعض مواد القانون المذكور، أما مضمون ما أسند إلى السلطة التنظيمية من مجالات بموجب المقتضيات التشريعية المذكورة، فتندرج في المجال التنظيمي، إذ لا يتعدى نطاقها تطبيق مقتضيات المواد المستفتى في شأنها، ولا يترتب عن اندراجها في المجال التنظيمي، في الصيغة المعروضة، تجريد أي من القواعد أو المبادئ الدستورية من ضمانات قانونية؛  


في شأن باقي المقتضيات والمواد المستفتى في شأنها:


في شأن المادة 12 (الفقرة الأولى) 


حيث إن الفقرة الأولى من هذه المادة، أسندت مهمة مراقبة تطبيق أحكام هذا القانون إلى الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل المنصوص عليهم في الباب الأول من الكتاب الخامس من القانون رقم 65.99 بمثابة مدونة الشغل.
وحيث إنه، من جهة، فإن تحديد الجهة المكلفة بمراقبة تطبيق القانون المتعلق بحوادث الشغل، يعد من مشمولات التشريع في هذا الميدان المسند، بنص الدستور، إلى مجال القانون، وأن إغفال التشريع فيه يقع، تبعا لذلك، تحت طائلة عدم الاختصاص السلبي، إذ لا يمكن تحديد الجهة المكلفة بإنفاذ القانون أو مراقبة تطبيقه إلا بنص تشريعي، ومن جهة أخرى، فإن ميدان حوادث الشغل، يعد جزءا من تشريع الشغل بمعناه الموضوعي، وإن وردت مقتضياته التشريعية في نص مستقل، وأن المشرع ارتأى وفق سلطته التقديرية إسناد مهمة مراقبة تطبيق القانون المتعلق بحوادث الشغل إلى الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل، المخولين ولاية عامة للسهر "على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل"، طبقا للمادة 532 من القانون رقم 65.99 المذكور، مما تكون معه الفقرة الأولى من المادة 12 المستفتى في شأنها مندرجة في مجال القانون؛

 
في شأن المادة 13 (ما عدا المقطع الأخير)


حيث إن هذه المادة ألزمت المقاولات والمؤسسات التي تشغل فئة من فئات الأشخاص المستفيدين من هذا القانون التعريف بمضمون أحكامه بكل الوسائل المناسبة وإلصاق نسخة موجزة منه، يحدد مضمونها بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل، في الأماكن التي يباشر فيها الأجراء والمستخدمون عملهم مع اسم وعنوان المقاولة المؤمنة والمديرية الجهوية أو الإقليمية للتشغيل المختصة وعنوانها؛ 


وحيث إن المشرع ارتأى وفق اختصاصه، ولغايات الوقاية والحماية، تمتيع الضحايا المحتملين لحوادث الشغل، من ضمانة تشريعية تضاف إلى المبدإ الملزم، بموجب الفقرة الثالثة من الفصل السادس من الدستور، المتمثل في وجوب نشر مقتضيات القانون ، إذ مكنهم من التعرف على مضمون القانون المذكور في نسخة موجزة منه، تسهيلا للولوج إليه، وهي إحدى المتطلبات المستمدة من الفقرة الأولى من الفصل السادس من الدستور، فيكون المشرع قد مارس تبعا لذلك، كامل صلاحيته التشريعية، وتكون المادة 13 المستفتى في شأنها مندرجة في مجال القانون؛

   
في شأن المواد 14 (ماعدا المقطع الأخير من فقرتها الأخيرة)، و15 (ماعدا المقطع الأخير من فقرتها الأخيرة) و22 (ما عدا المقطع الأخير من الفقرة الأولى) و25 و27


  حيث إن المقتضيات المذكورة من المادتين 14 و15 تحدد، من جهة، مسطرة وإجراءات وآجال التصريح بحادثة الشغل من طرف المصاب أو ذوي حقوقه أو من يمثلهم، ومن جهة أخرى، تصريح المشغل أو أحد مأموريه للمقاولة المؤمنة بكل حادث علم به أو أخبر به؛


وحيث إن باقي مقتضيات المادة 22 تنص، على وجه الخصوص، أنه في حالة عدم الاتفاق بين الطبيب المعالج  والطبيب الخبير المنتدب من قبل المقاولة المؤمنة للمشغل  في تحديد  نسبة العجز في الحادثة التي تسبب عجزا دائما للمصاب ، يتم تعيين  طبيب خبير مختص بناء على اقتراح من الطبيب المعالج للمصاب، الذي يتعين أن يضع تقريره في أجل شهر؛


وحيث إن المادة 25 تنظم مسطرة وإجراءات وأجال إيداع مختلف الشواهد الطبية المتعلقة بحوادث الشغل، وأن المادة 27 تلزم المصاب بحادثة الشغل الاستجابة للمراقبة الطبية وتحدد الشروط والاجراءات المتبعة لترتيب الآثار الناتجة عن عدم الاستجابة لهذه المراقبة؛

 
وحيث إن مضامين المواد السابق ذكرها، تعد من جهة، من مشمولات التشريع في ميدان "حوادث الشغل"، وأن مجال التنظيم، في الميدان المذكور، لا يتحدد إلا بما ارتأى المشرع إسناد أمر تطبيقه إلى نصوص تنظيمية، ومن جهة أخرى، فإن المقتضيات المستفتى في شأنها، يتوقف عليها، استيفاء ضحايا حوادث الشغل لحقوقهم في العناية الصحية وإعادة التأهيل وتعويض ذويهم عما ترتب عن حادثة الشغل، مما تشكل معه هذه المقتضيات حماية لهذه الحقوق بضمانات تشريعية، وتكون معه، تبعا لذلك، مندرجة في مجال القانون؛

  
في شأن المادة 33 (الفقرة الأولى) 


حيث إن الفقرة الأولى من هذه المادة، أسندت مهمة تدبير التعويض عن حوادث الشغل التي تصيب بعض فئات المستفيدين المشار إليهم في المادة السابعة من القانون إلى السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل أو إلى كل هيئة تفوض من قبلها لهذا الغرض؛


وحيث إنه، من جهة أولى، فإن تدبير التعويض المستحق قانونا للفئات المعنية، يعد من مشمولات التشريع في مجال التعويض عن حوادث الشغل، ويندرج، تبعا لذلك، ضمن ميدان حوادث الشغل، المسند بالدستور إلى مجال القانون، وأنه، متى تصدى المشرع للتشريع فيه، تعين عليه، من جهة ثانية، تحت طائلة الإغفال التشريعي، تحديد الجهة ذات الاختصاص في تدبير التعويض عن حوادث الشغل، إذ لا يمكن إسناد تحديد الجهة المؤهلة لتدبير التعويض عن حوادث الشغل، الذي اعتبره المشرع حقا، بموجب الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون ، إلى المجال التنظيمي، ومن جهة ثالثة، فإن المشرع، ارتأى، ممارسة لصلاحيته التشريعية، إسناد مهمة تدبير  التعويض عن حوادث الشغل، على النحو الوارد في المقتضى المستفتى بشأنه، إلى السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل، كصاحبة اختصاص أصلي، ووضع أساسا من القانون لتفويض هذا الاختصاص إلى "كل هيئة تفوض من قبلها"، مما تكون معه الفقرة الأولى من المادة 33 مندرجة في مجال القانون، من وجهين، الأول اندراجها في ميدان التشريع للحق في التعويض، والثاني اندراجها في المشمولات الموضوعية للتشريع في ميدان حوادث الشغل؛

 
في شأن المادة 39

 
حيث إن هذه المادة ألزمت من جهة، المشغل أو مؤمنه، داخل أجل محدد قانونا، وطبق تعريفة محددة بنص تنظيمي، بمباشرة أداء المصاريف التي يستوجبها علاج المصاب ومصاريف المستلزمات الطبية التي تفرضها الحادثة ومصاريف نقل المصاب وكذا مصاريف الجنازة ونقل الجثمان إلى مكان الدفن، وأقرت، من جهة أخرى، قاعدة عدم  مطالبة المصاب من قبل المؤسسات العمومية أو الخصوصية للاستشفاء والعلاج أو الطبيب المعالج، بأداء المصاريف التي سبق بيانها، إلا في حالتين محددتين على سبيل الاستثناء؛ 


وحيث إنه، فضلا عن كون القواعد المتعلقة بتحديد التحملات المالية الناتجة عن حوادث الشغل (مبدأ واستثناء)، تعد من صميم الضمانات القانونية المندرجة في ميدان التشريع لفائدة الأشخاص المستفيدين من أحكام هذا القانون، فإن هذه المادة انصبت على التزامات مترتبة على المشغل أو مؤمنه، بموجب علاقات الشغل أو عقد التأمين حسب الحالة، مما يجعلها من هذا الوجه أيضا مندرجة في مجال القانون؛

    
في شأن المادة 41 (الفقرة الأولى) 


حيث إن الفقرة الأولى من هذه المادة خولت للمصاب الحق في نيل وإصلاح وتجديد أجهزة استبدال أو تقويم الأعضاء التي تفرض الحادثة استعمالها ، وكذا الحق في إصلاح أو تعويض الأجهزة التي فرضت استعمالها عاهة سابقة ولو كانت غير ناتجة عن حادثة من حوادث الشغل، والتي أفسدتها الحادثة أو بسبب ضياعها أو جعلتها غير صالحة للاستعمال؛


وحيث إنه، فضلا عن اندراج مضمون هذه الفقرة في المجال الموضوعي للتشريع في ميدان حوادث الشغل، فإن التشريع، يعد أيضا، من جهة أولى، صورة من صور "وضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص أو الفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة"، وأن المصابين في حوادث الشغل يعدون مستفيدين، متى ترتبت إعاقة عما تعرضوا له من حوادث، من الالتزام الإيجابي للسلطات العمومية ب"إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية، أو حسية حركية، أو عقلية"، وفقا لنص الفصل 34 من الدستور، ومن جهة ثانية، فإن التنصيص التشريعي على ما خول للمصاب من "أجهزة استبدال أو تقويم الأعضاء التي تفرض الحادثة استعمالها"، بوصفه "حقا"، وتحديد نطاقه بأن شمل أيضا" تعويض الأجهزة التي فرضت استعمالها عاهة سابقة ولو كانت غير ناتجة عن حادثة من حوادث الشغل، والتي أفسدتها الحادثة أو بسبب ضياعها أو جعلتها غير صالحة للاستعمال"، يفيد ممارسة المشرع لاختصاصه في تحديد طبيعة الحق ونطاق التمتع به، ويترتب عنه إدراج مقتضيات هذه الفقرة في الضمانات القانونية للحق التي يؤدي إدراجها في المجال التنظيمي إلى تجريد مبادئ والتزامات ذات طبيعة دستورية من ضمانات قانونية، مما تكون معه مقتضيات هذه الفقرة مندرجة في مجال القانون؛

  
في شأن المادة 44 


حيث إن الفقرة الأولى من هذه المادة نصت على أنه: "خلافا لأحكام المادة 42 ... يمكن إعفاء المشغل من أداء الرأسمال للصندوق الوطني للتقاعد والتأمين بقرار مشترك للسلطتين الحكوميتين المكلفتين بالتشغيل وبالمالية."، أما الفقرة الأخيرة منها فحددت الشروط المتطلبة لإعفاء المشغل من أداء الرأسمال المذكور؛ 


وحيث إنه، من جهة أولى، فإن نص الفقرة الأولى، في صيغتها المعروضة، يندرج، على النحو الذي سبق بيانه أعلاه، في مجال القانون من وجهين، إذ بموجبها، من وجه أول، خولت السلطة التنظيمية (السلطتان الحكوميتان المكلفتان بالتشغيل وبالمالية) إصدار قرار مشترك يمكن بموجبه إعفاء المشغل من أداء الرأسمال للصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، ومن وجه ثان، فإن مضمون الفقرة الأولى المذكورة، يقر استثناء يرد على قاعدة محددة بمقتضيات المادة 42 من القانون، والتي لم تكن موضوعا لطلب تغييرها بمرسوم، في إطار الإحالة الماثلة، مما تكون معه الفقرة الأولى من المادة 44 من هذا الوجه أيضا، مندرجة في مجال القانون؛ 


وحيث إنه، من جهة ثانية، فإن تحديد الشروط المتطلب استيفاؤها لإعفاء المشغل من أداء الرأسمال للصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، يندرج أيضا في مشمولات التشريع لحوادث الشغل، إذ بمقتضاها تتحدد التزامات المشغل المالية الناتجة عن تعرض أجرائه لحوادث الشغل، مما تكون معه الفقرة المذكورة مندرجة في مجال القانون؛

  
في شأن المادة 54 (الفقرة الأخيرة) والمادة 55 


حيث إن الفقرة الأخيرة من المادة 54 والمادة 55 نصتا على التوالي على معايير تحديد مساهمة المشغلين غير المؤمن لهم من رؤوس الأموال المؤسسة للإيرادات المفروضة عليهم لدى الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، وعلى شروط الرفع من مقدار المساهمة أو تحويل جزء من الادخارات المالية لصندوق الضمان المودعة لدى صندوق الإيداع والتدبير؛ 

 

وحيث إن هذه المقتضيات تتعلق بمعايير وشروط من شأنها ضمان استدامة تمويل التعويضات عن حوادث الشغل، ضمانا لحقوق المستفيدين منها بموجب القانون ، ووضع ضوابط تشريعية للنصوص التنظيمية المتخذة تطبيقا لهذه المقتضيات، فيكون المشرع تبعا لذلك، قد مارس بهذا الخصوص كامل صلاحيته في نطاق ما خصه به الفصل 71 من الدستور، من التشريع في ميدان حوادث الشغل، وتكون المقتضيات المستفتى في شأنها مندرجة في مجال القانون؛


في شأن المادة 81


حيث إن المادة 81 تنص على أنه: "إذا كان الانخفاض الكلي اللاحق بالقدرة المهنية للمصاب يساوي على إثر حادثة واحدة أو عدة حوادث سابقة للشغل عشرة في المائة (%10) على الأقل، فإن مجموع الإيراد الجديد والإيرادات الممنوحة برسم التعويض عن الحوادث السابقة لا يمكن أن يقل عن إيراد مقدر على أساس نسبة الانخفاض الكلي للقدرة المهنية والأجرة السنوية الدنيا المحددة في القرار المشار إليه في المادة 106..."؛


وحيث إنه، من جهة، فإن تحديد قواعد احتساب الإيراد على أساس العجز، يعد من المشمولات الموضوعية للتشريع في ميدان حوادث الشغل، ومن جهة أخرى، فإن مقتضيات هذه المادة، تعد ضمانة قانونية مقررة لفائدة الأشخاص في حالة العجز نتيجة حادثة شغل، إذ بموجبها لا يمكن ان يقل الايراد المستحق للضحية، في جميع الأحوال، عن ايراد يحتسب على اساس نسبة العجز التي بقيت عالقة به وبمبلغ الأجرة السنوية الدنيا، مما تكون معه هذه المادة مندرجة في مجال القانون؛ 


في شأن المادة 86 (الفقرة الأولى) 


حيث إن الفقرة الأولى من هذه المادة نصت على الرفع من مبلغ الإيراد الممنوح للمصاب بعجز دائم عن العمل، إذا كان العجز الدائم تاما وكان يضطر معه المصاب للاستعانة بشخص آخر للقيام بأعمال الحياة العادية؛ 


وحيث إن التشريع لهذه الحالة، فضلا عن كونه في صميم المجال الموضوعي لحوادث الشغل، يعد ضمانة أساسية لاستحقاق هذه الفئة من المصابين لحقهم في الإيراد، ولا يمكن تغيير درجتها في التراتبية القانونية، بإدراجها في المجال التنظيمي، دون أن يؤدي ذلك إلى تجريد التزام ذي طبيعة دستورية، يهم الأشخاص ذوي الإعاقة، من ضمانة قانونية، مما تكون معه الفقرة الأولى من المادة 86 مندرجة في مجال القانون؛


في شأن المادة 106 (السطر الأول)


حيث إن هذا المقتضى نص، استثناء من المادة 105 من القانون، على عدم إدخال الأجرة السنوية برمتها المتخذة أساسا في تقدير الإيراد الممنوح للمصاب أو لذوي حقوقه إذا تجاوزت حدا معينا أسندت تحديده إلى نص تنظيمي؛ 


وحيث إنه فضلا عن أن مضمون هذه المادة، أقر استثناء ورد على القواعد العامة لاحتساب الإيراد المنصوص عليها في المادة 105 المشار إليها، والتي لم تكن أيضا موضوعا لطلب تغييرها بمرسوم، في إطار هذه الإحالة، فإن التشريع لهذا الاستثناء يعد قاعدة أساسية لتقدير الإيراد الممنوح للمصاب أو لذوي حقوقه، ولا يمكن تغيير درجتها في التراتبية القانونية، بإدراجها في المجال التنظيمي، دون أن يؤدي ذلك إلى المساس بوحدة الأساس الموضوعي لعناصر تقدير الإيراد الذي يعد من مشمولات التشريع في ميدان حوادث الشغل، وبالتبعية بمقروئية القانون، ووضوحه، وانسجامه، لاتصال الاستثناء بالقواعد المقررة في المادة 105، مما تكون معه المادة 106 المستفتى في شأنها مندرجة في مجال القانون؛

 
في شأن المادة 131 


حيث إن مقتضيات هذه المادة أوجبت عرض الاتفاق بين المشغل أو مؤمنه والمصاب، على توقيف أداء الإيراد واستبداله بنوع آخر من التعويض، قبل إبرامه على  موافقة الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، بعد استشارة السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل خصوصا إذا كان المصاب يستمر، بعد شفائه، في تقاضي أجرة تساوي على الأقل تلك المتخذة أساسا لتقدير إيراده؛ 


وحيث إن المشرع لما اشترط عرض الاتفاق المذكور، قبل إبرامه، على موافقة الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين بعد استشارة السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل، بوصفه شكلية جوهرية لصحة الاتفاق، واعتبر، بنص المادة 2 من القانون، على وجه التعميم، "باطلة بحكم القانون كل اتفاقية مخالفة لأحكام هذا القانون التي تعتبر من النظام العام"، إنما رام من ذلك حماية الأشخاص المستفيدين من التعويض عن حوادث الشغل، مما يضعف مركزهم القانوني، وهي غاية لا تتحقق، وفقا للدستور، إلا بالتشريع في ميدان حوادث الشغل، وضمان إنفاذ الحق في التعويض وعناصر استحقاقه واستيفائه بالقانون، دون أن يحول ذلك بين المشرع، بعد استنفاذ كامل صلاحيته في التشريع، وبين تخويله السلطة التنظيمية وفق ما يرتئيه ويقدره، اتخاذ نصوص لتطبيق المقتضيات التشريعية المعنية، وتبعا لذلك، تكون المادة 131 مندرجة في مجال القانون؛ 


في شأن المادة 133( ما عدا المقطع الأخير من الفقرة الثانية) والمادة 136


 حيث إن المقتضيات المذكورة، عرفت، على وجه الخصوص، مدلول الصلح، بأنه الاتفاق المبرم بين المصاب بالحادثة أو ذوي حقوقه والمقاولة المؤمنة للمشغل من أجل تمكينهم من الاستفادة من المصاريف والتعويضات الواجبة ، ويتم إثبات الاتفاق المتوصل إليه بين الطرفين في محضر يسمى محضر الصلح يحدد نموذجه بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل ، ويعتبر الاتفاق المبرم نهائيا وغير قابل لأي طعن أمام المحكمة الابتدائية المختصة ماعدا إذا كانت المصاريف والتعويضات الممنوحة للمصاب أو لذوي حقوقه أو مبلغها يقل عن تلك المضمونة في هذا القانون، وأقرت أيضا بأن التوقيع على محضر الصلح من طرف الممثل القانوني للمقاولة المؤمنة والمصاب أو ذوي حقوقه، رهين بموافقة المصاب أو ذوي حقوقه على عروض المصاريف والتعويضات المقترحة من طرف المقاولة المؤمنة للمشغل؛ 


وحيث إنه، متى منح المشرع، صبغة النظام العام، لمقتضيات القانون رقم 18.12، وأبطل كل اتفاق على خلافها، ترتب عن ذلك، اندراج مسطرة الصلح، بعناصرها ومراحلها وشكلياتها الجوهرية، ضمن مجال القانون، بوصفه وسيلة بديلة عن الانتصاف القضائي؛ 


وحيث إنه، تبعا لذلك، لا يمكن إسناد تعريف الصلح، الذي تتوقف عليه، قانونا ومنطقا، باقي عناصره الإجرائية، إلى مجال يقل درجة في التراتبية المعيارية عن رتبة تلك القواعد الإجرائية نفسها، أي مجال القانون في الإحالة الماثلة؛ 


وحيث إن باقي المقتضيات المتعلقة بالصلح، تندرج، فيما رامه المشرع من تمكين ضحايا حوادث الشغل من اللجوء لهذه الوسيلة لاستيفاء حقهم في التعويض، فضلا عن أن  المادتين 133 و136 وردتا في القسم الخامس من الباب الأول المعنون "مسطرة الصلح" والتي افردت له المواد من 132 الى 140، مما يتعذر معه في هذه الحالة،  و ضمانا لمقروئية  النص القانوني وانسجامه الداخلي، تغيير طبيعتها؛

 

في شأن المادة 139 ( المقطع الأول)


حيث إن المقطع الأول من هذه المادة، إذ يتيح المقاولة المؤمنة للمشغل أن تطلب من هذا الأخير أو المصاب أو ذوي حقوقه جميع الوثائق والمستندات اللازمة لتمكينها من تقدير المصاريف والتعويضات التي يضمنها هذا القانون واحتسابها وتصفيتها، فإنه بذلك يحدد شروط استيفاء الحقوق التي يكفلها القانون للمتضرر من حادثة الشغل أو حقوق ذويه، مما يكون معه مندرجا في مجال القانون؛


في شأن المادتين 152 و154


حيث إن هاتين المادتين مكنتا، على وجه الخصوص، من جهة، المشغل أو مؤمنه والمصاب أو ذوي حقوقه والسلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل أن يطلبوا تعديل محضر الصلح أو الأمر القضائي بالتصالح أو الحكم أو القرار القضائي الصادر بشأن المصاريف والتعويضات، إذا لم تتم مراعاة أحكام هذا القانون المتعلقة بتقدير واحتساب المصاريف والتعويضات أو في حالة وجود خطأ مادي، وحددت لكل طرف إجراءات وأجل تعديل محضر الصلح و أثر عدم احترام هذه الآجال ،كما مكنتا، من جهة اخرى، المشغل أو المدين بالإيراد، أو عند الاقتضاء، السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل أو الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، أن يطلبوا تعديل محضر الصلح أو الأمر القضائي بالتصالح أو الحكم أو القرار القضائي النهائي الممنوح بموجبه الإيراد داخل أجل شهر، إذا كان التصريح بالحادثة غير صحيح أو كان الإيراد قد قدر على أساس نسبة عجز وقع تحديدها دون مراعاة القواعد المتعلقة بالتخفيض الجزئي من الإيرادات؛


وحيث إن مقتضيات هاتين المادتين ، إذ تحدد إجراءات وآجال تعديل محضر الصلح أو الأمر القضائي بالتصالح أو الحكم أو القرار القضائي الصادر بشأن المصاريف والتعويضات، فإنها تندرج في إطار الضمانات التشريعية التي تكفل حقوق المصاب أو ذوي حقوقه من جهة، ومن جهة أخرى حماية المشغل أو مؤمنه في  الحالات المشار اليها أعلاه مما تكون معه المادتان مندرجتين في مجال القانون ؛ 


في شأن المادة 186


 حيث إن هذه المادة تحدد المخالفات و العقوبات المطبقة على المشغل أو أحد مأموريه في حالة خرق بعض أحكام هذا القانون؛

 
وحيث إن الدستور أوكل، بمقتضى الفصل 71 منه، إلى مجال القانون، التشريع في ميدان حوادث الشغل، دون حصر نطاق ذلك في نظامها أو مبادئها أو قواعدها أو توجهاتها؛ 


وحيث إن المشرع ارتأى إضفاء صبغة النظام العام على أحكام القانون، ورتب التزامات تقع على عاتق المشغل أو الجهة المؤمنة حسب الحالة، ورام حماية حقوق المستفيدين من التعويض عن حوادث الشغل، وأرسى شكليات جوهرية تتعلق بمساطر استيفاء الحق في هذا التعويض، مما يكون معه، بالتبعية، ترتيب جزاءات على مخالفة بعض أحكام هذا القانون، على النحو المقرر أعلاه، مندرجا في مجال القانون؛    
 وحيث إنه بناء على ما تقدم ، فإن كافة المواد المستفتى في شأنها تندرج في مجال القانون، وإن ما خول للسلطة التنظيمية اتخاذه من نصوص بموجب هذه المواد في صيغتها المعروضة و تطبيقا لمقتضياتها  ، يبقى مندرجا في المجال التنظيمي ؛

 

لهذه الأسباب:

أولا- تصرح أن:
-    المواد 10 و12 و13 و14 و15 و22 و25 و27 و33 و38 و39 و40 و41 و44 و54 و55 و81 و86 و106 و131 و133 و136 و139 و152 و154 و186 من القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.190 بتاريخ 6 ربيع الأول 1436 (29 ديسمبر 2014) تندرج في مجال القانون؛

-    ما خول للسلطة التنظيمية اتخاذه من نصوص بموجب هذه المواد في صيغتها المعروضة وتطبيقا لمقتضياتها، يبقى مندرجا في المجال التنظيمي؛

ثانيا- تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس الحكومة وبنشـره في الجريدة الرسمية.
             وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الخميس 5 جمادى الآخرة 1444    
                                                                               (29 ديسمبر 2022)

 

الإمضــاءات

اسعيد إهراي

عبد الأحد الدقاق                 الحسن بوقنطار           محمد بن عبد الصادق

مولاي عبد العزيز العلوي الحافظي              محمد الأنصاري             ندير المومني 

لطيفة الخال         الحسين اعبوشي               محمد علمي              خالد برجاوي