المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المحكمة الدستورية
ملف عدد: 1629/16
قرار رقـم: 25/17 م.إ
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المحكمة الدستورية،
بعد اطلاعها على العريضة المسجلة بالأمانة العامة للمجلس الدستوري في 24 أكتوبر 2016 التي قدمها السيد لحسن الداودي -بصفته مرشحا فائزا- طالبا فيها إلغاء انتخاب السيدين حميد ابراهيمي وخالد المنصوري عضوين بمجلس النواب في الاقتراع الذي أجري في 7 أكتوبر2016 بالدائرة الانتخابية المحلية "بني ملال" (إقليم بني ملال)، والذي أعلن على إثره انتخاب السادة خالد المنصوري ولحسن الداودي وحليم فؤاد وعبد الرحمان خيير وحميد ابراهيمي ومحمد مرزوق أعضاء بمجلس النواب؛
وبعد اطلاعها على المذكرتين الجوابيتين المسجلتين بنفس الأمانة العامة بتاريخ 9 ديسمبر 2016؛
وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملف؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو2011)، لاسيما الفصل 132 (الفقرة الثانية) منه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)، لاسيما المادتين 48 (الفقرتين الأولى والثانية) و49 (الفقرة الأولى) منه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.165 بتاريخ 16 من ذي القعدة 1432(14 أكتوبر 2011)، كما وقع تغييره وتتميمه، لا سيما المواد 1 و23 و91 منه؛
وبناء على المرسوم رقم 2.16.669 المتعلق بتحديد الأماكن الخاصة بتعليق الإعلانات الانتخابية بمناسبة الانتخابات العامة لانتخاب أعضاء مجلس النواب الصادر في 6 ذي القعدة 1437 (10 أغسطس 2016)؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
من حيث الشكل:
حيث إن المطعون في انتخابه السيد حميد ابراهيمي يدفع بكون عريضة الطعن قد أودعت خارج الأجل القانوني؛
لكن،
حيث إن المادة 29 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري، وهو القانون الواجب التطبيق قبل تنصيب المحكمة الدستورية، تنص على أنه "يحدد في خمسة عشر يوما من تاريخ الإعلان عن نتيجة الاقتراع الأجل الذي يتم داخله الطعن..."؛
وحيث إنه، يبين من الاطلاع على محضر لجنة الإحصاء، أنه تم الإعلان عن نتيجة الاقتراع بالدائرة الانتخابية المحلية المعنية في 8 أكتوبر 2016، وأن الطاعن أودع عريضته بالأمانة العامة للمجلس الدستوري في 24 أكتوبر 2016؛
وحيث إن أجل الطعن يحتسب على أساس قاعدة الأجل الكامل طبقا للمادة 20 من القانون التنظيمي المذكور؛
وحيث إنه، بناء على ما سبق، يكون الدفع المتعلق بإيداع عريضة الطعن خارج الأجل القانوني غير قائم على أساس صحيح؛
من حيث الموضوع:
في شأن الطعن الموجه ضد السيد حميد ابراهيمي:
في شأن المأخذ المتعلق بالحملة الانتخابية:
حيث إن هذا المأخذ يقوم على دعوى أن المطعون في انتخابه المذكور قام بتوزيع إعلانات انتخابية تتضمن صورا فردية لمرشحين في لائحته، ودون الإشارة إلى صفتهم في حالة، وفي حالة أخرى إلى نشر صورتين فقط الأولى له كوكيل للائحة والثانية لمترشح في لائحة ترشيحه دون ذكر ترتيبه، مما يشكل تحايلا على نمط الاقتراع وإيهاما للناخبين بأن الأمر يتعلق بنمط الاقتراع الفردي وليس اللائحي؛
وحيث إن المادة الأولى من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب تنص على أن انتخاب أعضاء مجلس النواب يتم عن طريق الاقتراع باللائحة؛
وحيث إن الاقتراع باللائحة يستوجب، بالنظر لطبيعته ومراعاة لمبدإ الشفافية وتكافؤ الفرص، أن يتعرف الناخبون على صور جميع المترشحين والبيانات المتعلقة بهم، ما دامت أصواتهم تحتسب لفائدة اللائحة في كليتها؛
وحيث إن المادة 23 من القانون التنظيمي المذكور تنص على أنه يجب أن "تتضمن كل لائحة من لوائح الترشيح عددا من الأسماء يعادل عدد المقاعد الواجب شغلها"؛
وحيث إنه، لئن كانت المادة المذكورة تتعلق بمرحلة الترشيح، فإنه يستفاد منها أيضا أن الإعلانات الانتخابية، بغض النظر عن شكلها، يجب ألا تخفي أسماء بعض المترشحين في اللائحة المعنية، بما لا يسمح للناخبين بالتعرف عليهم جميعا؛
وحيث إن المادة الرابعة من المرسوم رقم 2.16.669 تنص على أنه "تتضمن الإعلانات الانتخابية التي يجوز لوكلاء لوائح الترشيح أوالمترشحين تعليقها البيانات التالية كلا أو بعضا: البيانات التي تعرف بالمترشحين الذين تتألف منهم لوائح الترشيح أو المترشحين أو برامجهم الانتخابية أو إنجازاتهم أو برامج الأحزاب السياسية التي ينتسبون إليها، صور المترشحين، الرمز الانتخابي، شعار الحملة الانتخابية، الإخبار بانعقاد الاجتماعات الانتخابية"؛
وحيث إن المادة الرابعة المذكورة تشير إلى "البيانات التي تعرف بلوائح المترشحين" و"صور المترشحين"، بصيغة الجمع، وليس فيها ما يسوغ تبريرالتعريف ببعضهم فقط، كما أن عبارة "كلا أو بعضا"، الواردة فيها، تعني أن البيانات التي يجوز أن تتضمنها الإعلانات الانتخابية، إما أنها تقدم بشكل كلي أو جزئي، دون إمكانية تجزيء لائحة الترشيح من خلال إظهار بعض من مكوناتها دون الباقي؛
وحيث إن الطاعن أدلى، رفقة عريضته، بأربعة محاضر معاينة اختيارية منجزة من قبل مفوض قضائي بتاريخ 30 سبتمبر و2 و3 أكتوبر 2016، وبإعلانات انتخابية خاصة بالمطعون في انتخابه تعرف بالمترشحين في لائحة ترشيحه بشكل جزئي، وليس من بينها أي إعلان انتخابي يضم بيانات وصور جميع المترشحين؛
وحيث إن المطعون في انتخابه لم يدل بما يثبت أنه وزع إعلانا انتخابيا يتضمن صور وأسماء جميع المترشحين في لائحة ترشيحه، كما أن المنازعة في نتيجة انتخابه، وعلى عكس ما جاء في مذكرته الجوابية، لا تتعلق بطريقة تقديم صور المترشحين ولا بترتيبهم، وإنما بقيامه بتوزيع إعلانات انتخابية متباينة، في مناطق مختلفة من الدائرة الانتخابية المعنية؛
وحيث إن واقعة توزيع إعلانات انتخابية مُجزئة للائحة الترشيح المعنية، وعدم إدلاء المطعون في انتخابه بإعلان انتخابي يتضمن صور وبيانات جميع المترشحين بلائحة ترشيحه، يشكل إخلالا بصدقية وشفافية الاقتراع، ويعد مناورة تدليسية هدفها إخفاء صور وبيانات بعض المترشحين للتأثير على إرادة الناخبين؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، يتعين التصريح بإلغاء انتخاب السيد حميد ابراهيمي عضوا بمجلس النواب؛
ومن غير حاجة للبت في باقي المآخذ المثارة ضد المعني بالأمر؛
في شأن الطعن الموجه ضد السيد خالد المنصوري:
في شأن المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية:
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى أن المطعون في انتخابه المذكور:
- استعمل أثوابا حمراء لتغطية أعمدة المنزل الذي اتخذه مقرا لحملته الانتخابية، مما يشكل استعمالا للرموز الوطنية،
- علق بشجرتين بالمكان المسمى "بوعشوش" بمدينة بني ملال لافتة للدعاية الانتخابية،
- وزع مناشير انتخابية تتضمن صورا فردية للمترشحين بلائحة ترشيحه، مما أدى إلى تجزيء اللائحة،
- عمل على تغيير اسم المرتب رابعا في لائحة ترشيحه في الإعلانات الانتخابية، الأمر الذي شكل تدليسا وتضليلا للناخبين؛
لكن،
حيث إن الطاعن أدلى بمحضر معاينة اختيارية منجزة من قبل مفوض قضائي بتاريخ 2 أكتوبر 2016، لتعزيز ما ادعاه من استعمال أثواب حمراء لتغطية أعمدة المنزل المتخذ كمقر للحملة الانتخابية المتعلقة بالمطعون في انتخابه؛
وحيث إنه، يبين من الاطلاع على الصور الفوتوغرافية المعززة للمعاينة المذكورة، أنه ليس فيها ما يثبت ما جاء في الإدعاء وما هو مضمن بمحضر المعاينة نفسه؛
وحيث إن المادة الأولى من المرسوم المتعلق بتحديد الأماكن الخاصة بتعليق الإعلانات الانتخابية منعت تعليق إعلانات انتخابية على الأشجار، ونصت المادة الثانية منه، في حال الإخلال بالمقتضى المذكور، على أنه "...تقوم السلطة الإدارية المحلية، من تلقاء نفسها أو بناء على شكاية، بتوجيه تنبيه لوكيل(ة) اللائحة...المعني(ة) بجميع الوسائل القانونية من أجل إزالة الإعلان أو الإعلانات المعنية داخل أجل أقصاه أربعة وعشرون ساعة من تاريخ التنبيه أو عند الاقتضاء من تاريخ تقديم الشكاية؛
في حالة عدم قيام المعني بالأمر بإزالة الإعلان أو الإعلانات المعنية داخل الأجل المشار إليه في الفقرة أعلاه، تقوم السلطة الإدارية المحلية بإزالتها على نفقته؛
في حالة الاستعجال، تقوم السلطة الإدارية المحلية من تلقاء نفسها وعلى نفقة المعنيين بالأمر، ودون توجيه أي تنبيه إليهم، بإزالة الإعلان أو الإعلانات المعنية"؛
وحيث إنه، فضلا عن أنه ليس في الملف ما يدل على سلوك المسطرة المشار إليها في المادة الثانية أعلاه، فإن تعليق لافتة انتخابية واحدة، المثبت بمحضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي بتاريخ 30 سبتمبر 2016، في مكان ممنوع قانونيا، غير مؤثر؛وحيث إنه، لئن كان الطاعن أدلى بمحضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي بتاريخ 5 أكتوبر 2016 وبصور فوتوغرافية، للاستدلال على توزيع المطعون في انتخابه لإعلانات انتخابية تتضمن صورا فردية بمركز أغبالة، فإنه يبين من الاطلاع عليها أنها تتضمن صورة لإعلان انتخابي يهم جميع المترشحين بلائحة ترشيح المطعون في انتخابه؛
وحيث إن ما ادعي من تغيير اسم المرتب رابعا في لائحة ترشيح المطعون في انتخابه، للتدليس على الناخبين، لم يدعم بأي حجة تثبته؛
وحيث إنه، بناء على ما سبق، تكون المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية غير مؤثرة من وجه، وغير قائمة على أساس من وجه آخر؛
في شأن المأخذ المتعلق بسير الاقتراع:
حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى أن المطعون في انتخابه الثاني علق إعلانات انتخابية، يوم الاقتراع، على جدران بناية النيابة الإقليمية لوزارة الشباب والرياضة بجماعة أولاد مبارك؛
لكن،
حيث إن ما جاء في الادعاء، عزز بمحضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي بتاريخ 7 أكتوبر 2016؛
وحيث إن تعليق إعلانات انتخابية على الجدار الخارجي لبناية النيابة الإقليمية لوزارة الشباب والرياضة، باعتبارها مبنى حكومي ومرفق عمومي، يعد مخالفا لما قررته المادة الأولى من المرسوم المذكور، دون أن يترتب عنه أي جزاء انتخابي؛
وحيث إن تخصيص البناية المذكورة لمكاتب التصويت ذات الأرقام 13 و14 و18 و19، كما هو مثبت بمحضر المعاينة المذكور، كان يقتضي من السلطة الإدارية المعنية، تقيدا منها بما ورد في المادة الثانية من المرسوم المذكور، أن تزيل الإعلانات الملصقة ببناية حكومية معدة كمقر لمكاتب التصويت المشار إليها، ضمانا منها لمبدأي النزاهة وتكافؤ الفرص؛
وحيث إنه، بناء على ما سبق، يكون المأخذ المتعلق بسير الاقتراع غير قائم على أساس؛
لهذه الأسباب:
أولا- تقضي بإلغاء انتخاب السيد حميد ابراهيمي عضوا بمجلس النواب على إثرالاقتراع الذي أجري في 7 أكتوبر 2016 بالدائرة الانتخابية المحلية "بني ملال" (إقليم بني ملال)، وتأمر بتنظيم انتخابات جزئية في هذه الدائرة بخصوص المقعد الذي كان يشغله عملا بمقتضيات المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب؛
ثانيا- ومن غير حاجة للبت في الدفع الشكلي المثار، تقضي برفض طلب السيد لحسن الداودي الرامي إلى إلغاء انتخاب السيد خالد المنصوري عضوا بمجلس النواب؛
ثالثا- تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس الحكومة، وإلى السيد رئيس مجلس النواب، وإلى الجهة الإدارية التي تلقت الترشيحات بالدائرة الانتخابية المذكورة، وإلى الأطراف المعنية، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الثلاثاء 16 من شوال 1438
(11 يوليو 2017)
الإمضاءات
اسعيد إهراي
السعدية بلمير الحسن بوقنطار عبد الأحد الدقاق أحمد السالمي الإدريسي
محمد أتركين محمد بن عبد الصادق مولاي عبد العزيز العلوي الحافظي
محمد المريني محمد الأنصاري ندير المومني محمد بن عبد الرحمان جوهري