قرارات المحكمة الدستورية


قرار رقم : 74/18
تاريخ صدور القرار : 2018/05/03

 المملكة المغربية            الحمد لله وحده،

 المحكمة الدستورية

 

ملفات عــدد: 19/18 و22/18 و23/18 

قــرار رقــم: 74/18 م.إ

 

 

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

المحكمة الدستورية،

بعد إطلاعها على العريضتين المسجلتين بأمانتها العامة في 29 يناير و5 فبراير 2018، الأولى قدمها السيد علي الجغاوي - بصفته مرشحا- طالبا فيها إلغاء انتخاب السيد سعيد بعزيز في الاقتراع الجزئي الذي أجري في 4 يناير 2018 بالدائرة الانتخابية المحلية "جرسيف" (إقليم جرسيف)، والثانية قدمها السيد محمد بن حادين  -بصفته مرشحا- طالبا فيها إلغاء انتخاب السيد محمد البرنيشي في الاقتراع المذكور، وعلى العريضة الثالثة المودعة لدى كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بجرسيف في 2 فبراير 2018 والمسجلة بالأمانة العامة المذكورة في 7 فبراير 2018، التي قدمها السيد خاليد شوروق  - بصفته ناخبا- طالبا فيها إلغاء نتيجة الاقتراع المعني، الذي أعلن على إثره انتخاب السيدين سعيد بعزيز ومحمد البرنيشي عضوين بمجلس النواب؛

وبعد اطلاعها على المذكرات الجوابية المسجلة بنفس الأمانة العامة المذكورة في 8 و12 مارس 2018؛

وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملفات؛

وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)، لاسيما الفصل 132 (الفقرة الأولى) منه؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.165 بتاريخ 16 من ذي القعدة 1432 (14 أكتوبر2011)، كما وقع تغييره وتتميمه؛

وبناء على القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.171 بتاريخ 30 من ذي القعدة 1432 (28 أكتوبر 2011)، كما وقع تغييره وتتميمه، لاسيما المادة 118 منه؛

وبناء على المرسـوم رقم 2.16.669 المتعلق بتحديد الأماكن الخاصة بتعليق الإعلانات الانتخابية بمناسبة الانتخابات العامة لانتخاب أعضاء مجلس النواب، الصادر في 6 من ذي القعدة 1437 (10 أغسطس 2016)؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛

وبعد ضم الملفات الثلاثة للبت فيها بقرار واحد لتعلقها بنفس الدائرة الانتخابية؛

في شأن المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية:

حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى:

من جهة، أن المطعون في انتخابه الأول:

- نظم تجمعا خطابيا في 3 يناير 2018 شابته العديد من الخروقات تمثلت في حضور وزير العدل، الذي هو رئيس لجنة تتبع الانتخابات، إلى جانب وزير إصلاح الإدارة، مما شكل مخالفة لمبدإ التحفظ الوظيفي ودعما لمرشح دون آخر وإخلالا بضمانات تساوي الحظوظ بين المترشحين، وكذا استغلال وزير العدل للرموز الوطنية، في الكلمة التي ألقاها، من خلال إقحام جلالة الملك بقوله "يدا في يد تحت قيادة جلالة الملك"، وربطه التصويت على المطعون في انتخابه الأول شرطا "لكي ينال هذا الإقليم وأبناؤه ما يستحقون من عناية من طرف الدولة"، ووصف المطعون في انتخابه بأنه "المرشح للدفاع لتحقيق ذلك"، واستعمال عبارات التحقير من قبل أحد المتدخلين الذي كان يضع رداءا أحمر على كتفه، عبر نعت باقي منافسي المطعون في انتخابه "بالمفسدين"، وتضمين الكلمة التي ألقاها المطعون في انتخابه، ما يفيد نسب مشروع الحكومة لبرنامجه الانتخابي، وامتلاك "نفوذ" للسهر على تطبيق القانون، وترديد شعارات تتضمن عبارة "الثورة" في محاولة تدليسية لإيهام الناخبين بأن المطعون في انتخابه يحمل "مشروعا للتغيير"، مع ما ينطوي عليه ذلك من عنف، يشكل مخالفة للدستور ولقواعد العملية الانتخابية،

- دعمته أحزاب أخرى، دون تقيد بالمقتضيات القانونية التي تجعل دعم الأحزاب المعنية لمرشح من حزب آخر يخضع لقرار من أجهزة معينة، حسب قوانينها وأنظمتها الأساسية، أو في إطار الاتحادات بين الأحزاب، وهو ما لم يتم احترامه، وأن القول بأن هذا الدعم يندرج في إطار "التحالف الحكومي" ليس مبررا لخرق القوانين والأنظمة المشار إليها، إضافة إلى قيام أحد داعمي المطعون في انتخابه، باستغلال منصبه رئيسا للهلال الأحمر بجرسيف بعد انطلاق الحملة الانتخابية (أيام 22 و23 و24 ديسمبر 2017) للقيام بحملة تضامنية بشراكة مع عمالة جرسيف ومجلس جهة الشرق، التي 

يشغل فيها المطعون في انتخابه منصب نائب رئيس الجهة، وزعت خلالها مواد غذائية أساسية وأغطية، وتنظيم قافلة طبية بالدواوير التابعة لجماعة بركين، التي ازداد بها المطعون في انتخابه، وهو ما يندرج ضمن خانة تقديم هدايا وتبرعات لجلب أصوات الناخبين، 

- ظهر بمقر رسمي، عبر نشر بالموقع الإلكتروني للحزب الذي ترشح باسمه، لأشرطة فيديو تتضمن مداخلاته بمجلس النواب خلال الولاية التشريعية المنصرمة، واستعمال الموقع المذكور لأماكن العبادة، بعرض "خدمة" أوقات الصلاة بجرسيف، وإظهار مأذنة مسجد الكتبية وصور لمسجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى المعتبرة رموزا دينية، ووضعه الرمز الوطني للانتخابات باللونين الأحمر والأخضر الممنوع استعمالهما قانونا في الحملة الانتخابية، إضافة إلى استعمال صور لجلالة الملك وللعلم الوطني وظهور المطعون في انتخابه المعني داخل مقر جهة الشرق التي يشغل بمجلسها مهمة نائب الرئيس، وهو ما يشكل مخالفة للمادة 118 من القانون رقم 57.11،

- قام بالتدليس على الناخبين، من خلال اتخاذه شعار "من أجل إرجاع صوت جرسيف للبرلمان"، في اختزال للمدينة ولإرادتها وتمثيليتها في شخصه، وفي تصريحه "اجعلوا أصواتكم وردة"، مع أن النظام الانتخابي يلزم التصويت على المترشحين بوضع علامة على رمز الحزب، وكذا دعوته رواد صفحته الرسمية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، قبل حوالي ساعتين من التجمع الخطابي الذي حضره وزير العدل، لطرح "قضاياكم المرتبطة بتطبيق واحترام مدونة الشغل بمجلس النواب"، ونشره، على الصفحة المذكورة، لخبر زائف وإشاعات كاذبة، أثنى من خلالها على عائلة اختارت لمولودتها اسم "وردة"،

- استعمل اللون الأخضر بمنشوره الانتخابي، إذ أن رمز اللائحة التي ترشح باسمها، كما الإطار المخصص للبرنامج الانتخابي قد استعمل فيهما اللون المذكور، في مخالفة للمادة 35 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب،

- وظف عبارة دينية "صلوا على الحبيب المصطفى" في ملصق على سيارة معدة للحملة الانتخابية، كما عرف، في منشوره الانتخابي، المرتب ثانيا في لائحة ترشيحه، باعتباره رئيسا "للجمعية الخيرية الإسلامية"، مما يعد استعمالا لرمز ديني ولأحد ثوابت المملكة الذي هو الإسلام، في مخالفة للمادة 118 المذكورة،

- استغل مؤسسة التعاون الوطني التابعة للدولة في حملته الانتخابية، عبر تضمين إعلاناته الانتخابية إشارة إلى كونه "رئيس جمعية النهضة القروية"، وكذا صفات المرتب ثانيا في لائحة ترشيحه (رئيس فدرالية جمعيات جماعة لمريجة، رئيس الجمعية الخيرية الإسلامية لدار الطالب والطالبة بجماعة لمريجة، رئيس جمعية المطاهرة للثقافة والبيئة والتنمية، أمين مال فدرالية الجمعيات التنموية بإقليم جرسيف، وأمين مال الجمعية الإقليمية دار العائلة القروية بجرسيف)،

- ضمن بمنشوره الانتخابي، أنه حاصل على "شهادة النجاح في امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة"، لإيهام الناخبين أنه محام، وأنه "أستاذ بكلية الحقوق"، في حين أنه منتدب قضائي من الدرجة الأولى، ولا يمكنه الجمع بالتالي بين الوظيفتين، كما قدم نفسه باعتباره "باحثا في سلك الدكتوراه" عوض استعمال صفة "الطالب المسجل لتحضير الدكتوراه" كما تتطلب ذلك النصوص المنظمة، لغاية التدليس على الناخبين،

ومن جهة أخرى، أن المطعون في انتخابه الثاني:

- قدم بشكل مباشر، وكذا بمساعدة مناصريه، هدايا وتبرعات قصد استمالة أصوات الناخبين وحثهم على التصويت لفائدته، تتمثل في المساهمة بمبلغ 3000 درهم لبناء منزل إمام مسجد بدوار تغيزة (جماعة تادرت)، وتمكين ساكنة دوار غفولة الشرقية (جماعة هوارة أولاد رحو) من مساهمة مالية لبناء حائط مسجد الدوار، وكذا استغلاله صفته رئيسا لجمعية تعنى بمرضى القصور الكلوي، لدعوة المرضى للتصويت لفائدته، كشرط لاستمرارية استفادتهم من العلاج، مما يشكل مخالفة للمادتين 62 و64 من القانون التنظيمي المذكور،

- خالف مقتضيات المادة 118 المذكورة، من خلال إظهار علامة تجارية في إحدى تجمعاته الانتخابية، عبر وضع قنينات مياه معدنية لشركة معروفة بمنصة التجمع المذكور، ونشر صور تظهره بشكل واضح بمقرات رسمية، على حسابه بأحد مواقع التواصل الاجتماعي، واستغلال أماكن العبادة، إذ عمد المرتب ثانيا في لائحة ترشيحه، إلى نشر صورة له بالكعبة المشرفة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، 

- علق إعلانات انتخابية بمبان تابعة للملك الجماعي بمركز جماعة بركين وبعلامات التشوير الطرقي على الطريق الإقليمية الرابطة بين تادرت (أماكن وجود التجمعات السكنية لدواري سيدي عبد الله وسيدي امبارك) وبلفراح، وعلى التشوير الطرقي المخصص للمعبر السككي المحروس، وكذا تعليق إعلانات انتخابية على أعمدة كهربائية خارج الأماكن التي حددتها السلطة الإدارية، مخالفا بذلك المادتين 32 و33 من القانون التنظيمي المذكور،

- ألصق إعلانات انتخابية على سيارات مملوكة لشركة معينة، واستعملها في مواكب حملته الانتخابية ولنقل المشاركين في تجمعاته الانتخابية، مما يشكل إظهارا لعناصر أو أماكن أو مقرات يمكن أن تشكل علامة تجارية، وهو ما تحظره المادة 118 سالفة الذكر،

- هدد النساء المستخدمات بشركته بالطرد في حال عدم التصويت لفائدته؛

لكن،

حيث إنه، من جهة، ليس في القانون ما يمنع مشاركة الوزراء في الحملات الانتخابية، طالما أن هذه المشاركة تتم في إطار الضوابط القانونية المؤطرة لها، لاسيما ما يتعلق منها بعدم تسخير الوسائل المملوكة للدولة وفي احترام لمبدإ تكافؤ الفرص بين جميع المترشحين؛

وحيث إن البت في ما يعن لأطراف العملية الانتخابية من مخالفات، موكول، دستورا وقانونا، إلى محاكم التنظيم القضائي للمملكة المختصة وإلى المحكمة الدستورية؛

وحيث إن ما ادعي من استعمال للرموز الوطنية، قد دعم بقرص مدمج يحتوي على شريط فيديو وبمحضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي في 23 يناير 2018، اقتصر فيه على تفريغ مضمون الفيديو المذكور، وفق ملاحظة، مدونة بالمحضر المشار إليه، مفادها "حاولنا بالتقريب أن ندون أكثرية كلمات مضامينها مع استثناءات في بعض الحروف والعبارات التي كانت إشكالات في ترتيبها وسمعها أو فهمها"؛

وحيث إنه، بالنظر لكون محضر المعاينة المذكور لم ينصب على وقائع قائمة، ومنازعة المطعون في انتخابه لمضمون الفيديو كما تم تقديمه من قبل الطاعن الأول، فإنه لا يمكن الاعتداد به لإثبات ما جاء في الادعاء؛

وحيث إن ما نعاه الطاعن الأول من استعمال المطعون في انتخابه الأول لعبارات قدحية في مواجهته، وترديد عبارات تحرض على العنف، عزز بفيديو مضمن في قرص مدمج وبمحضر تفريغ مضامين الفيديو المذكور، منجز من قبل مفوض قضائي في 23 يناير 2018؛

وحيث إنه، يبين من الاطلاع على الفيديو المشار إليه، أن عبارات "المفسدين" و"محاربة الفساد"، أتت في صيغة للعموم وغير موجهة ضد مرشح بعينه، وليس فيها، بالنظر للسياق الذي وردت فيه، أي مس بالكرامة الإنسانية أو الحياة الخاصة أو باحترام الغير؛

وحيث إنه، فضلا عن أن الشعار المتضمن لعبارة "الثورة" هو مقتطف من نشيد الحزب الذي ترشح باسمه المطعون في انتخابه الأول، فإن العبارة المذكورة، في سياق ذكرها، لا تتضمن أي دعوة أو تحريض أو تمجيد للعنف؛ 

وحيث إنه، ليس في القانون ما ينص على اشتراط استيفاء شكليات معينة لدعم أحزاب سياسية، لم تقدم مرشحا لها، لائحة ترشيح معينة كما أن الاستدلال بالأحكام المتعلقة باتحادات الأحزاب السياسية، لا ينطبق على نازلة الحال، على اعتبار أن لائحة ترشيح المعني بالأمر تمت باسم ورمز حزب سياسي واحد وليس في إطار اتحاد أحزاب سياسية؛

وحيث إن ادعاء تقديم هدايا وتبرعات لجلب أصوات الناخبين، دعم بصور فوتوغرافية مستخرجة من حساب شخصي لأحد مساندي المطعون في انتخابه الأول على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، مذيلة بتوقيع أحد المفوضين القضائيين، وبإشهادات سبع صادرة، حسب ما ذكرته عريضة الطعن، من مستفيدين من خدمات القافلة الطبية، محررة وفق أنموذج موحد، وموقعة جميعها في 12 و15 يناير 2018؛

وحيث إن المطعون في انتخابه الأول أدلى، رفقة مذكرته الجوابية، بإشهاد صادر عن رئيس المكتب الإقليمي للهلال الأحمر بجرسيف ولمنسقه الإقليمي، مؤرخ في 5 مارس 2018، أشير فيه إلى أن عملية توزيع المساعدات، التي تمت يوم 21 ديسمبر 2017 "تندرج في إطار الحملة التضامنية السنوية...وأن أعضاء المكتب الإقليمي جميعا، لم يشاركوا في أية حملة انتخابية لفائدة أي مرشح كان بموجب الانتخابات الجزئية بالدائرة الانتخابية المحلية لجرسيف"؛

وحيث إنه، فضلا عن عدم الاعتداد بالصور الفوتوغرافية كوسيلة للإثبات، فإن الإشهادات المدلى بها، التي كانت موضوع طعن بالزور، حسب شكاية مقدمة من قبل المطعون في انتخابه إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بجرسيف بتاريخ 8 مارس 2018، لا تكفي وحدها لتدعيم ما جاء في الادعاء؛

وحيث إنه، بخصوص ما ادعي من مخالفة المطعون في انتخابه الأول لمقتضيات المادة 118 من القانون رقم 57.11، فإن الطاعن أدلى لتعزيز ما ادعاه بفيديو مسجل في قرص مدمج وبتفريغ لمضمون الفيديو المذكور بمحضر منجز من قبل مفوض قضائي، وبصور فوتوغرافية مستخرجة من الموقع الإلكتروني للكتابة الإقليمية للحزب الذي ترشح باسمه المطعون في انتخابه؛

وحيث إنه، يتضح من وسائل الإثبات المدلى بها، أن الفيديوهات المتعلقة بالظهور بمقري مجلس النواب ومجلس جهة الشرق، المعتبرين مقرين رسميين، يعود نشرها إلى تواريخ سابقة لحملته الانتخابية للاقتراع الجزئي موضوع النازلة، وبالضبط في 25 و27 و28 يوليو 2017، كما أنه لم يتم تحيينها بجعلها تتضمن دعوة للتصويت لفائدة المطعون في انتخابه؛

وحيث إنه، يتبين من وسائل الإثبات المدلى بها، بخصوص ما ادعي من استعمال لرموز دينية، أن الأمر يتعلق بصورة صومعة موضوعة في خدمة أوقات الصلاة التي يقدمها الموقع المشار إليه، وبصورة لمسجد قبة الصخرة منشورة في دعوة مخصصة للتضامن مع الشعب الفلسطيني، أما ما ادعي من استعمال الرموز الوطنية، فإن الأمر يتعلق بوضع صورة لجلالة الملك وباستعمال للونين الأخضر والأحمر في مادتين إخباريتين تهمان تغطية نشاط ملكي وبلاغ رسمي يحدد تاريخ الاقتراع الجزئي موضوع الطعن؛

وحيث إن الطاعن الأول أدلى، للاستدلال على ما ادعاه بشأن قيام المطعون في انتخابه الأول بالتدليس على الناخبين، بمحضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي في 4 يناير 2018 مرفق بصورة، تمت فيه معاينة "مجموعة من المنشورات معلقة بأعمدة الكهرباء...كتب عليها باللون الوردي (من أجل إرجاع صوت جرسيف إلى البرلمان) وعبارة باللون الأسود (اجعلوا أصواتكم وردة)، وصورتين لصفحة المطعون في انتخابه، على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، تتعلقان بباقي ما جاء في الادعاء؛

وحيث إن العبارات الواردة في المنشور الانتخابي، لا تتضمن أي تدليس يعاقب عليه القانون، وأن دعوة المطعون في انتخابه مرتادي صفحته على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، للتفاعل بخصوص قضايا تتعلق بحصيلة تطبيق قانون معين، خلال فترة الحملة الانتخابية، ليس فيه ما يخالف القانون؛

وحيث إن المطعون في انتخابه، أدلى بنسخة موجزة من رسم ولادة رقم 42 المؤرخ في 9 مارس 2018 يتعلق بمولودة مسماة "وردة" مزدادة بتاريخ 18 ديسمبر 2017، مما ينفي ما نعي من نشر خبر زائف غايته التأثير على إرادة الناخبين؛ 

وحيث إنه، فضلا عن أن المطعون في انتخابه ينازع في الإعلان الانتخابي المدلى به من قبل الطاعن الثالث، فإنه بالمقابل، أدلى رفقة مذكرته الجوابية، بإشهاد يتضمن أن رمز الحزب الذي ترشح باسمه المعني بالأمر والمودع لدى مصالح وزارة الداخلية معد "باللونين الوردي والفستقي"، وبإشهاد ثان، صادر عن مدير المطبعة التي أعدت المنشورات الانتخابية لحملته الانتخابية للاقتراع الجزئي موضوع الطعن، يقر فيه بأن اللونين المشار إليهما، هما المستعملان لطباعة رمز لائحة ترشيحه؛

وحيث إنه، يبين من الاطلاع على محضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي في فاتح يناير 2018، وعلى الصورة المرفقة به، أن عبارة "صلوا على الحبيب المصطفى" كتبت على نافذتي سيارة، وهي ليست جزءا من مضامين الإعلانات الانتخابية للمطعون في انتخابه الملصقة بأماكن مختلفة على السيارة المذكورة؛

وحيث إن المطعون في انتخابه، تقدم بشكاية ضد المفوض القضائي الذي أنجز المعاينة المشار إليها، إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بجرسيف بتاريخ 8 مارس 2018 بعلة أنه "لم ينجز معاينة مطابقة للقانون، بل أنجز معاينة مخالفة للواقع"؛

وحيث إنه، فضلا عن أن المادة 118 المشار إليها لا تحظر سوى استعمال كلي أو جزئي لأماكن العبادة، فإن واقعة تعليق إعلانات انتخابية على سيارة مكتوب على نافذتيها العبارة المذكورة، لا ينطوي على أي استعمال للرموز الدينية؛

وحيث إن تضمين الإعلانات الانتخابية المخصصة للمطعون في انتخابه لصفة المرتب ثانيا في لائحة ترشيحه، باعتباره رئيسا "للجمعية الخيرية الإسلامية"، ليس سوى إيراد لاسم الجمعية المعنية، وليس فيه أي استعمال للرموز الدينية؛

وحيث إن مجرد نشر صفات للمهام الجمعوية للمطعون في انتخابه وللمرتب ثانيا في لائحة ترشيحه، في الإعلانات الانتخابية، لا يشكل أي استغلال لهذه الجمعيات وليس فيه، في حد ذاته، ما يخالف القانون؛

وحيث إن المطعون في انتخابه أدلى، رفقة مذكرته الجوابية، بشهادة النجاح في امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة محررة في 8 يونيو 2015، وبشهادة صادرة عن عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، تثبت تدريس المعني بالأمر، بشكل عرضي، مادتين لمستويين جامعيين مختلفين بالموسمين الجامعيين 2016-2017 و2017-2018؛

وحيث إن تضمين المطعون في انتخابه، بإعلاناته الانتخابية، صفته "باحث في سلك الدكتوراه" عوض "الطالب المسجل لتحضير الدكتوراه"، لا ينطوي على أي تدليس، سيما أن المعني بالأمر أدلى، رفقة مذكرته الجوابية، بشهادة التسجيل بسلك الدكتوراه في العلوم القانونية مؤرخة في  30 ديسمبر 2016؛ 

وحيث إنه، من جهة أخرى، فإن ما ادعي من تقديم هدايا وتبرعات، لم يدعم سوى بإيراد أسماء قدمت، في عريضة الطعن، على أنها لشهود، وأن ما نعاه الطاعن الثاني من استغلال المطعون في انتخابه صفته رئيسا لجمعية تعنى بمرض القصور الكلوي للتأثير على إرادة الناخبين، لم يدعم بأي حجة تثبته؛

وحيث إنه، فضلا عن عدم إثبات أن الحساب الشخصي للمطعون في انتخابه، على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، كان مخصصا لحملته الانتخابية بتضمنه مواد انتخابية أو دعوة الناخبين للتصويت لفائدته، فإنه يبين من الاطلاع على محضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي في فاتح فبراير 2018، المدلى به من قبل الطاعن الثالث، أن الصور المدعى إدراجها ضمن قائمة المحظورات المنصوص عليها في المادة 118 سالفة الذكر، نشرت بالحساب المذكور في تواريخ (6 أبريل 2015 و6 مايو 2017) سابقة عن الفترة المخصصة للحملة الانتخابية؛ 

وحيث إن الطاعن الثاني، أدلى لإثبات ما ادعاه من تعليق إعلانات انتخابية خارج الأماكن المخصصة للمطعون في انتخابه، بقرص مدمج وبمحضري معاينة اختيارية منجزين في 31 ديسمبر 2017، الأول، تمت فيه معاينة "أحد الأشخاص يقوم بإلصاق إعلانات انتخابية بالواجهة الخلفية لعلامة التشوير الخاصة بالمعبر السككي المحروس على الطريق الإقليمية الرابطة بين تادرت ورأس لقصر"، والثاني، ضمن فيه "لم نعاين تواجد الملصق الانتخابي على العمود الكهربائي الإسمنتي، بل عاينا آثار ملصقات..."؛

وحيث إنه، لئن كانت المادة الأولى من المرسوم المتعلق بتحديد الأماكن الخاصة بتعليق الإعلانات الانتخابية، تمنع تعليق الإعلانات المذكورة في "...مصالح الجماعات الترابية...وأعمدة التشوير الطرقي"، فإن شريط الفيديو المدلى به، لا يتضمن ما يفيد أن ادعاء تعليق إعلانات انتخابية، بمبان جماعية أو على الطريق الإقليمية، تم خلال الحملة الانتخابية ويهم الدائرة الانتخابية موضوع النازلة؛ 

وحيث إن المخالفة المتعلقة بالمعبر السككي المحروس تهم علامة تشوير واحدة، لا تأثير لها؛

وحيث إنه، يبين من الاطلاع على الفيديو المسجل بالقرص المدمج المدلى به من قبل الطاعن الثاني، أنه لا يتضمن ما يثبت إظهارا لعناصر أو أماكن أو مقرات يمكن أن تشكل علامة تجارية في مواد أو برامج معدة للحملة الانتخابية؛

وحيث إن باقي الإدعاء لم يدعم بأي حجة تثبته؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، تكون المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية غير قائمة على أساس من وجه، وغير مؤثرة من وجه آخر؛

في شأن المأخذ المتعلق بتشكيل مكتب للتصويت:

حيث إن هذا المأخذ يقوم على دعوى أن تركيبة مكتب التصويت رقم 33 (جماعة تادرت) مخالفة للقانون؛

لكن،

حيث إن هذا المأخذ جاء عاما لعدم تحديد ما يؤاخذه الطاعن على تشكيل مكتب التصويت المعني، مما يجعله غير جدير بالاعتبار؛

في شأن المآخذ المتعلقة بسير الاقتراع:

حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى، من جهة، استمرار المطعون في انتخابه الأول في حملته الانتخابية يوم الاقتراع، من خلال عدم حجبه لنداء منشور على أحد المواقع الإلكترونية يتضمن دعوة للتصويت لفائدته، وقيام أحد الموالين له بخرق سرية التصويت، بمكتب التصويت رقم 11 (جماعة راس لقصر)، بإعلانه التصويت لفائدته، وهي الواقعة التي لم تضمن بمحضر مكتب التصويت المعني، وعدم الإشارة بمحضر مكتب التصويت رقم 21 بالجماعة المذكورة، إلى حالة أحد الناخبين الذي صوت بوكالة "مصادق عليها في قنصلية"، ومن جهة أخرى، استمرار المطعون في انتخابه الثاني في حملته الانتخابية طيلة يوم الاقتراع، من خلال عدم حجب صفحته الشخصية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، المتضمنة لدعوة الناخبين للتصويت لفائدته، مما يشكل مخالفة للمادتين 31 و36 (الفقرة الأخيرة) من القانون التنظيمي المذكور؛

لكن،

حيث إنه، من جهة، فإنه فضلا عن أن محضر المعاينة الاختيارية المنجز من قبل مفوض قضائي في فاتح فبراير 2018، تم في وقت لاحق على الوقائع التي رام إثباتها، فإنه لا يتضمن أي تحديد لتاريخ نشر الإعلان الانتخابي المعني؛

وحيث إنه، يبين من الاطلاع على نظيري محضري مكتبي التصويت رقم 11 و21 (جماعة راس لقصر) المودعين لدى المحكمة الابتدائية بجرسيف، والمستحضرين من قبل المحكمة الدستورية، واللذين لم يدل الطاعن الثالث  بنسختيهما، أن:

- نظير محضر مكتب التصويت رقم 11، تضمن، خلافا لما جاء في الادعاء، الملاحظة التالية "على الساعة...أعلن الناخب...الحامل لبطاقة التعريف الوطنية...جهرا وداخل قاعة التصويت، أنه صوت لفائدة...(المطعون في انتخابه الأول)، مما أثار احتجاج ممثلي باقي لوائح الترشيح، وقد سلمت بطاقته الوطنية لرجال الدرك الملكي لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة"،

- نظير محضر مكتب التصويت رقم 21، سجل فيه "صوت السيد...رقم بطاقته الوطنية...نيابة عن المسمى...رقم بطاقته الوطنية...القاطن بإسبانيا"،

وحيث إن الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 77 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، تنصان على أنه "إذا تعلق الأمر بناخب تابع لمكتب التصويت وموكل من لدن ناخب مقيم خارج تراب المملكة، قام الناخب الوكيل بالتصويت باسمه أولا، وفق الكيفيات المبينة...قبل التصويت، وفق نفس الكيفيات، نيابة عن الناخب الذي منحه الوكالة وذلك بعد الإدلاء بوثيقة الوكالة وبطاقته الوطنية للتعريف. ويشار إلى هذه الحالة ببيان خاص في محضر مكتب التصويت. إذا كان الوكيل لا يتوفر على صفة ناخب بمكتب التصويت التابع له الناخب الذي يمنحه الوكالة أدلى ببطاقته الوطنية للتعريف وبوثيقة الوكالة، ثم باشر عملية التصويت لفائدة الموكل وفق الكيفيات المبينة أعلاه. ويشار إلى هذه الحالة ببيان خاص في محضر مكتب التصويت"؛  

وحيث إن الملاحظة المضمنة بنظير محضر مكتب التصويت رقم 21، كما تم بيانها أعلاه، خلت من الإشارة إلى انتماء الناخب المصوت إلى هيئة ناخبي المكتب المعني من عدمه، وإغفال تسجيل مراجع الوكالة، مما يشكل مخالفة لمتطلبات البيان الخاص كما نظمته الفقرتان الثالثة والرابعة من المادة 77 سالفة الذكر، وأن محدودية هذه المخالفة، لتعلقها بصوت واحد، يجعلها دون تأثير على النتيجة العامة للاقتراع؛

وحيث إنه، من جهة أخرى، فإن الطاعن عزز ما ادعاه بمحضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي في فاتح فبراير 2018، أي بعد مرور قرابة شهر على تاريخ إجراء الاقتراع موضوع النازلة (4 يناير 2018)، وهو ما لا يمكن، بالنظر لتاريخ إنجازه، الاستناد إليه لإثبات واقعة سلبية همت فترة الحملة الانتخابية؛

وحيث إنه، بناء على ما سبق، تكون المآخذ المتعلقة بسير الاقتراع غير مؤثرة من وجه، وغير قائمة على أساس من وجه آخر؛

في شأن المآخذ المتعلقة بتحرير محاضر بعض مكاتب التصويت:

حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى أن:

- محضر مكتب التصويت رقم 15 (جماعة هوارة أولاد رحو) لم يتم فيه احتساب عدد كبير من الأصوات كانت لفائدة الطاعن الأول، ولم يسجل فيه عدد الأصوات بالحروف،

- محاضر مكاتب التصويت ذات الأرقام 16 و19 و25 (جماعة تادرت)، تم فيها إلغاء أوراق صحيحة كانت لفائدة الطاعن الأول،

- محضر مكتب التصويت رقم 34 (جماعة تادرت) سجل فيه للمطعون في انتخابه الأول عدد أكبر من الأصوات المحصل عليها فعليا، بسبب رئيس مكتب التصويت المعني "المنتمي والمتعاطف" مع الحزب الذي ترشح باسمه المطعون في انتخابه المذكور،

- محضر مكتب التصويت رقم 53 (مدرسة بدر) لم يسجل فيه عدد المصوتين ولا عدد الأوراق الملغاة، مما يجعله مشوبا "بالشك بالتدليس"؛

لكن،

حيث إنه، يبين من الاطلاع على نظائر محاضر مكاتب التصويت المعنية المستحضرة، التي لم يدل الطاعن الأول بنسخ منها، أنها تضمنت جميع البيانات المتطلبة قانونا، وأنها منسجمة عموديا وأفقيا، وأن الأعداد المضمنة بها مسجلة بالحروف والأرقام؛

وحيث إن ادعاء تسجيل عدد من الأصوات بشكل يخالف ما حصل عليه فعلا المطعون في انتخابه بمحضر مكتب التصويت المعني، لم يدعم بأي حجة تثبته؛

وحيث إن تحقيق المحكمة الدستورية في ما ادعي من أن أصوات صحيحة، لفائدة الطاعن الأول، احتسبت ملغاة، يتوقف على بيان سبب المنازعة في إلغاء الأوراق المدعى صحتها، وهو ما لم يتم التقيد به؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، تكون المآخذ المتعلقة بتحرير بعض محاضر مكاتب التصويت، غير قائمة على أساس؛

 

لهذه الأسباب:

أولا- تقضي برفض طلب السادة علي الجغاوي ومحمد بن حادين وخاليد شوروق الرامي إلى إلغاء نتيجة الاقتراع الجزئي الذي أجري في 4 يناير 2018 بالدائرة الانتخابية المحلية "جرسيف" (إقليم جرسيف)، وأعلن على إثره انتخاب السيدين سعيد بعزيز ومحمد البرنيشي عضوين بمجلس النواب؛

ثانيا- تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب، وإلى الجهة الإدارية التي تلقت الترشيحات بالدائرة الانتخابية المذكورة، وإلى الأطراف المعنية، وبنشره في الجريدة الرسمية. 

وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الخميس 16 من شعبان 1439

                                                            (3 مايو 2018)

الإمضاءات

اسعيد إهراي

الحسن بوقنطار            عبد الأحد الدقاق          أحمد السالمي الإدريسي              محمد أتركين

محمد بن عبد الصادق          مولاي عبد العزيز العلوي الحافظي             محمد المريني

محمد الأنصاري               ندير المومني            محمد بن عبد الرحمان جوهري