قرارات الغرفة الدستورية


قرار رقم : 18/1979
تاريخ صدور القرار : 1979/07/24

المملكة المغربية            الحمد لله وحده  
المجلس الأعلى                  
الغرفة الدستورية
ملف عدد: 432/79
مقررعدد: 18                        

باسم جلالة الملك

مقرر

ان الغرفة الدستورية
بناء على الدستور الصادر الأمر الملكي بتنفيذه بمقتضى الظهير الشريف رقم 061-72-1 المؤرخ في 23 محرم 1392 ( موافق 10 مارس 1972).
وبناء على الظهير الشريف رقم 177-77-1 الصادر بتاريخ 20 جمادی الأولى عام 1397 ( موافق 9 مايو 1977) الذي هو بمثابة القانون التنظيمي للغرفة الدستورية بالمجلس الاعلى ولا سيما الفصول 16 و17 و18 منه.
وبناء على المقرر عدد 4 الصادر عن هذه الغرفة بتاريخ 12جمادی الاولی 1398 (موافق 20 ابريل 1978) والذي صرحت فيه بأن القانون الداخلي المصادق عليه من طرف مجلس النواب بتاريخ 20 ذی القعدة 1397 (موافق 3 نونبر 1977) مطابق للدستور في جميع مقتضياته ما عدا فيما ورد في الفقرة الأولى من الفصل 19 والفقرة الأولى من فصله 42 والفقرتين الأولى والثانية من فصله 64 والفصول 80، 101، 102، 103، 104 منه
وبناء على الرسالة الموجهة اليها من طرف السيد رئيس مجلس النواب بتاريخ 5 يوليوز 1979 تحت عدد 339 10 والمصحوبة بالتعديلات المصادق عليها من طرف المجلس في جلسته المنعقدة بتاريخ 16 رجب 1399 (موافق 12 يونيو 1979) بشأن الفصول والفقرات من القانون الداخلي التي قضت بمخالفتها أو عدم مطابقتها للدستور.
وبعد المداولة طبقا للقانون
عن الفصل 19 في فقرته الاولى
وحيث ان الفقرة المذكورة التي تنص على أن المجلس "يتمتع بالاستقلال في وضع وتسيير شؤونه المالية " يستفاد من مضمونها أن مجلس النواب يصبح متمتعا بالاستقلال المالي والاستقلال في التسيير فهي مخالفة للدستور ذلك أن مجلس النواب يكون مرفقا من المرافق العامة للدولة غير متمتع بالشخصية المعنوية وأن النفقات اللازمة لتسييره والاعتمادات المخصصة لهذه النفقات تحددها الحكومة في مشروع قانون سنوي للمالية يصوت عليه مجلس النواب وكل هذا حسب المسطرة المبينة في الدستور والقانون التنظيمي للمالية الصادر بتاريخ 9 شعبان 1392 (18 شتنبر 1972) وخاصة الفصل 8 منه الذي ينص على أن " وزير المالية يحضر مشاريع قوانين المالية التي تحدد في مجلس وزاري " وأنه لا يوجد أي نص لا في الدستور ولا في القانون التنظيمي للمالية يعفي مجلس النواب من احترام المسطرة المشار اليها الامر الذي يستخلص منه أن مجلس النواب لا يتمتع بالاستقلال في وضع ميزانيته كما أنه لا يتمتع بالاستقلال المطلق في تسييرها مع التذكير أن المرافق العامة للدولة المسيرة بصفة مستقلة هي حسب التعبير الوارد في الفصل الاول من المرسوم الملكي 68-183 بتاريخ 31 يوليوز 1968 المرافق التي "تغطى بموارد خاصة بعض نفقاتها غير المقتطعة من الميزانية العامة للدولة " وأنه لا يوجد أي نص في الدستور أو في القانون التنظيمي للمالية ينص على خلاف ذلك بالنسبة لمجلس النواب الذي هو مرفق عام ليست له موارد خاصة كما أنه ليس هناك نص يعفيه من مراعاة الاجراءات المنصوص عليها في المرسوم الملكي المتعلق بالحسابات العمومية التي يتعين عليه احترامها كمرفق عام للدولة وبالتالي فان ما يتمتع به مجلس النواب من حرية في تسيير ميزانيته يقتصر على امكانية القيام أو عدم القيام بنفقة منصوص عليها في الميزانية العامة للدولة وذلك في حدود الاعتمادات المخصصة لها في الميزانية العامة وأن الاستقلال في وضع وتسيير ميزانيته يرجع الاختصاص فيه للدستور أو القانون التنظيمي للمالية ولا يسوغ أن يقرر في القانون الداخلي لمجلس النواب وانه اذا كان لمجلس النواب كباقي المرافق العمومية غير المتمتعة بالاستقلال المالي وبحرية التصرف في الاعتمادات المرصودة أن يعرض حين تحضير مشروع الميزانية العامة للدولة مقترحاته بخصوص النفقات والاعتمادات التقديرية التي يرتئها ضرورية لتسييره فان ذلك لا يخوله الحق حسب الوضع الحالي للتشريع الدستوري في أن يحدد بنفسه النفقات والاعتمادات اللازمة لتسييره دون أن يكون ذلك مخالفا لمسطرة المصادقة الحكومية المنصوص عليها في الفصل الثامن من القانون التنظيمي للمالية المشار اليه أعلاه
وعن الفصل 42 في فقرته الأولى
حيث ان هذه الفقرة كانت تنص في صيغتها الأصلية على انه " للوزراء حق حضور أشغال اللجان ، ولهم الحق أيضا في تناول الكلام اذا ما رغبوا في ذلك بينما يمنع حضورهم خلال اجراء التصويت " فاعتبرت الغرفة الدستورية في مقررها عدد 4 المشار اليه أعلاه أن ما ورد في هذه الفقرة من منع حضور الوزراء في اللجان خلال اجراء التصويت مخالف للدستور نظرا لاطلاق المنع في حين أنه لا يسوغ منع الوزراء من التصويت فيلجنة ينتمون اليها بصفتهم أعضاء فيها.
وحيث ان الفقرة المذكورة أصبحت في صيغتها الجديدة المعروضة على نظر الغرفة
الدستورية تنص على أنه " للوزراء حق حضور أشغال اللجان، ولهم الحق أيضا في تناول الكلاماذا ما رغبوا في ذلك ".
وحيث يتضح من مقارنة الصيغتين ان العبارة التي تقول "بينما يمنع حضورهم (أي الوزراء) خلال التصويت " قد وقع حذفها في الصيغة الجديدة الامر الذي أصبحت معه الفقرة الاولی من الفصل 42 مطابقة للدستور بقدر ما يفهم منها ومن هذا الحذف أن الوزراء الذين ينتمون الی لجنة من لجان مجلس النواب بصفتهم أعضاء فيها كنواب لهم حق التصويت فيها كباقي النواب الاعضاء فيها ، ذلك أن الفصل 13 من القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس النواب وانتخاب أعضائه حول صراحة الجمع بين عضوية النائب ومزاولة المهام الحكومية الأمر الذي يكون معه الوزير النائب متمتعا بنفس الحقوق التي يتمتع بها باقي النواب ومن بينها حق التصويت الذي هو حق دستوریلكل نائب سواء داخل اللجان أو داخل المجلس.
وعن الفقرة الأولى من الفصل 64

حيث ان هذه الفقرة أصبحت بعد تعديلها من طرف مجلس النواب تنص على ما يأتي " تتم المصادقة على القضايا المعروضة على التصويت اذا توفرت على أغلبية الأصوات المعبر عنها باستثناء الاحوال التي يقتضي فيها الدستور أغلبية معينة وفي حالة تعادل الأصوات فان القضية المعروضة تعتبر غير مصادق عليها".
وحيث ان الصيغة الجديدة لهذه الفقرة مطابقة للدستور اذ يفهم منها أن المصادقة على القضايا المعروضة على التصويت لا تتم الا اذا توفرت على الأغلبية المنصوص عليها في الدستور.
وعن الفصل 80

حيث ان هذه الفقرة أصبحت بعد تعديلها من طرف مجلس النواب تنص على أنه "لا تجوز المناقشة ولا التصويت حول نص أو اقتراح قانون قبل تقديمه الى اللجنة المعنية بالامر" فان هذه الصيغة المصادق عليها من طرف مجلس النواب تتفق ومقتضيات الفصل 53 من الدستور الذي نص على احالة المشاريع والاقتراحات على اللجان لأجل النظر فيها.
وعن الفصول 101، 102 و103
حيث ان هذه الفصول في صيغتها الأصلية تناولت تكوين لجان البحث والمراقبة وتنظيم عملها وان الغرفة الدستورية في مقرها رقم 4 صرحت بعدم مطابقتها للدستور لعلة أن هذه اللجان لا تدخل في عداد وسائل مراقبة عمل الحكومة المنصوص عليها في الدستور أو القوانين التنظيمية الجاري بها العمل حاليا.
وحيث ان هذه الفصول في صيغتها الجديدة تناولت تكوين لجان البحث والتقصي فهي كذلك غير مطابقة للدستور لنفس العلة ذلك أن الدستور حدد على سبيل الحصر اختصاصات مجلس النواب والحكومة وأن كل واحدة من هاتين السلطتين تتمتع بكامل الحرية في نطاق اختصاصاتها وقد أحدث الدستور نوعا من التعاون بينهما ونظمه بحيث أسند كذلك لمجلس النواب مراقبة عمل الحكومة غير أنه لم يجعل هذه المراقبة مطلقة وبدون حدود بل نظمها هي الأخرى ونص علی سبيل الحصر على وسائل ممارستها وحدد کیفیات استعمال هذه الوسائل وذلك في فصله 49 فيما يرجع للتصويت على قانون المالية والتخطيط والفصل 55 فيما يخص الأسئلة والفصل 74 فيما يتعلق بمسألة الثقة والفصل 75 فيما يرجع لملتمس الرقابة اما لجان البحث والتقصي فانه لم ينص عليها في أي فصل من فصول الدستور والقوانين التنظيمية الجاري بها العمل حاليا وانه لا يسوغ أن تضاف الى وسائل الرقابة هذه وسائل أخرى بواسطة القانون الداخلي اذ ان الاختصاص في هذا الميدان الخاص بالعلاقات بين السلطة التشريعية والحكومة والذي يمس بالتوازن بينهما يرجع الى الدستور أو القوانين التنظيمية.
وعن الفصل 104
حيث ان هذا الفصل في صيغته الأولى كان ينص على أنه "تمكن السلطات المعنية بالأمر المقرر العام للجنة المالية والتخطيط والتنمية الجهوية من الاطلاع على المستندات والارشادات المتعلقة بمراقبة تنفيذ قوانين المالية وميزانية المصالح الوزارية ومراجعة حسابات المؤسسات العمومية وشبه العمومية والشركات الاقتصادية التي للدولة فيها أسهم
" وحيث ان الغرفة الدستورية في قرارها رقم 4 المشار اليه أعلاه اعتبرت هذا الفصل مخالفا للدستور وللقانون التنظيمي للمالية بقدر ما يفهم منه أن المراقبة المشار اليها تمارس أثناء تنفيذ قوانين المالية والحالة أن هذه المراقبة لا تمارس حسب النصوص الموما اليها الا عند دراسة القانون السنوي للمالية أو قانون التصفية المنصوص عليه في الفصل الثاني من الظهير الشريف المؤرخ في 9 شعبان 1392 (18 شتنبر 1972) المعد بمثابة القانون التنظيمي للمالية .
وحيث ان الفصل المذكور وقع تعديله من طرف مجلس النواب فأصبح كما يلي : " تمکن السلطات المعنية بالأمر ، المقرر العام للجنة المالية والتخطيط والتنمية الجهوية من الاطلاع علی المستندات والارشادات المتعلقة بتتبع تنفيذ قوانين المالية وميزانية المصالح الوزارية والاطلاع على حسابات المؤسسات العمومية ، وشبه العمومية ، والشركات الاقتصادية التي للدولة فيها أسهم ".
لكن حيث ان التعديل المدخل على الفصل 104 اقتصر على استبدال لفظة مراقبة بلفظة تتبع ولفظة مراجعة بلفظة الاطلاع واحتفظ بنفس مضمون الفصل 104 في صيغته السابقة التي سبق للغرفة الدستورية أن صرحت بمخالفتها للدستور وحيث ان تتبع تنفيذ قوانين المالية والاطلاع على الحسابات المشار اليها هما وجهان من وجوه المراقبة وان المراقبة بجميع وجوهها لا ينبغي أن تمارس بصفة مستمرة أثناء تنفيذ قوانين المالية بل فقط بمناسبة التصويت على قانون المالية وقانون التصفية كما ورد في المقرر رقم 4 الآنف ذكره ولهذا فان تمكين المقرر العام للجنة المالية من المستندات والارشادات المذكورة في الفصل 104 لا يجب أن يتم الا بهاته المناسبات مما يكون معه التعديل المعروض على نظر هذه الغرفة مخالفا للدستور.

لهذه الأسباب

تصرح بأن التعديلات المدخلة على القانون الداخلي لمجلس النواب المصادق عليها من طرفه في جلسته المنعقدة بتاريخ 16 رجب 1399 (موافق 12 يونيو 1979) مطابقة للدستور فيما يخص الفصول 42، 64 و80 وغير مطابقة له فيما يرجع للفصول 101، 102 و103 ومخالفة له فيما يتعلق بالفصل 19 في فقرته الاولى والفصل 104 كما وقع توضيح ذلك أعلاه.
وبه صدر المقرر أعلاه بمقر المجلس الاعلى بالرباط بتاريخ 29 شعبان 1399 موافق 24 يوليوز 1979 عن الغرفة الدستورية المؤلفة من السيد ابراهيم قدارة بصفته رئيسا ومن السادة مكسيم أزولاي، عبد الصادق الربيع، عبد العزيز بنجلون،  محمد الودغیرى،  بحاجي محمد ومحمد مشیش العلمي بصفتهم أعضاء.
وحرر بتاريخ 29 شعبان 1399 موافق 24 يوليوز 1979.

الامضاءات :
ابراهيم قدارة   مكسيم أزولاى   عبد الصادق الربيع  عبد العزيز بنجلون

محمد الودغيرى   بحاجي محمد  محمد مشيش العلمي