قرارات المحكمة الدستورية


قرار رقم : 110/20
تاريخ صدور القرار : 2020/11/03

 المملكة المغربية            الحمد لله وحده،

 المحكمة الدستورية

ملف عدد: 058/20

قرار رقم: 110/20 م.إ

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

المحكمة الدستورية،

بعد اطلاعها على العريضة المسجلة بأمانتها العامة في 17 يوليو 2020، التي قدمها السيد أحمد الجلالي - بصفته مرشحا - طالبا فيها إلغاء انتخاب السيد عبد الله أشن عضوا بمجلس المستشارين على إثر الاقتراع الجزئي، الذي أجري في 18 يونيو 2020 لانتخاب عضو بهذا المجلس في نطاق الهيئة الناخبة لممثلي المجالس الجماعية ومجالس العمالات والأقاليم بجهة الشرق؛

وبـعد الاطـلاع عـلى المذكـرات الجـوابـية الـمسـجلة بـنـفس الأمـانة الـعامة فــي 22 و28 و30 سبتمبر 2020؛ 

وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملف؛

وبناء عـلى الدستور، الصادر بتـنفيذه الـظهير الشريف رقــم 1.11.91 بتـاريـخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435(13 أغسطس 2014)؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.172 بتاريخ 24 من ذي الحجة 1432 (21 نوفمبر2011)، كما وقع تغييره وتتميمه؛ 

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛

في شأن المأخذ المتعلق بأهلية المطعون في انتخابه:

حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى أن المطعون في انتخابه، صدر في حقه حكم قضى بالتشطيب عليه كرئيس لجماعة ترابية بسبب "تزوير شهادة مدرسية"، وهو الحكم المؤيد استئنافيا والمؤكد من قبل محكمة النقض بتاريخ 18 مارس 2010 في الملف الإداري عدد 2009/1/4/1235، مما يتعين معه بطلان الانتخابات لعدم إجرائها طبقا للمادة 89 من القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، التي تنص على أنه يحكم ببطلان الانتخابات جزئيا أو مطلقا في حالة عدم إجرائها طبقا للإجراءات المقررة في القانون، أو إذا لم يكن الاقتراع حرا أو شابته مناورات تدليسية، وإذا كان المنتخب لا يجوز له الترشح للانتخابات بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائي؛

لكن،

حيث إنه، فضلا عن أن ما يقابل النص المحتج به أعلاه، هو المادة 90 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين، فإنه يبين من الاطلاع على قرار محكمة النقض عدد 202 المذكور، أنه قضى ، خلافا للادعاء، برفض طلب نقض القرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، الذي أيد حكما ابتدائيا، قضى بإلغاء نتيجة الاقتراع المجرى يوم 18 يونيو 2009، فيما يخص تكوين مكتب المجلس الجماعي لعين الزهرة التابعة لدائرة "الدريوش" (عمالة الناظور)، مما لا أثر له على أهلية المطعون في انتخابه ولا على عضويته بالمجلس المذكور، ويكون معه هذا المأخذ غير قائم على أساس صحيح من القانون؛

في شأن المأخذ المتعلق بتمديد تاريخ الانتخابات الجزئية وإجرائها خلال فترة سريان حالة الطوارئ الصحية:

حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى "تمديد الاقتراع" الذي كان مقررا إجراؤه يوم 19 مارس 2020 إلى يوم 18 يونيو 2020، دون "تبليغ" الطاعن بالتاريخ الجديد، مع مخالفة  مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 6 من المرسوم بقانون رقم 2.20.292 الصادر بتاريخ 23 مارس 2020 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية، التي تنص على أنه "يوقف سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ المذكورة"؛

لكن،

حيث إنه يبين من الاطلاع على المرسوم رقم 2.20.282 الصادر بتاريخ 17 مارس 2020، المتعلق بتأجيل تاريخ الانتخابات الجزئية التي كان مقررا إجراؤها لملء ثلاثة مقاعد شاغرة بمجلس المستشارين إلى يوم 18 يونيو 2020، ومنها الانتخاب الجزئي موضوع الطعن، أنه لم يتخذ، خلافا لما ورد في عريضة الطعن، استنادا لمقتضيات المرسوم بقانون المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية، الذي صدر بعد المرسوم المتعلق بتأجيل الانتخابات الجزئية، وإنما اتخذ "اعتبارا للظرفية الاستثنائية التي تعيشها البلاد بسبب ظهور جائحة "فيروس كورونا المستجد كوفيد-19"، والتدابير الاحترازية التي اتخذتها السلطات العمومية بهدف الحد من انتشارها واستفحالها في أوساط السكان" تبعا لما ورد في بناءات المرسوم المذكور؛

وحيث إنه لئن كان المأخذ المذكور يرمي في جوهره إلى البت في مشروعية مرسوم رئيس الحكومة بشأن تأجيل تاريخ الانتخاب الجزئي المعني، مما لا يندرج في الاختصاصات المسندة إلى المحكمة الدستورية بمقتضى الدستور والقوانين التنظيمية، فإن اختصاص المحكمة المذكورة بالبت في صحة انتخاب أعضاء البرلمان، بمقتضى أحكام الفقرة الأولى من الفصل 132 من الدستور، يخولها النظر في الأعمال السابقة والممهدة للعمليات الانتخابية ومن ضمنها تغيير تاريخ إجرائها، لما قد يكون له من تأثير على نتائج الانتخابات؛

وحيث إن الفقرة الأخيرة من المادة 92 من القانون التنظيمي لمجلس المستشارين، تنص على أنه "يجب أن تجري هذه الانتخابات الجزئية في أجل لا يتجاوز ثلاثة أشهر يبتدئ من: ...تاريخ نشر قرار المحكمة الدستورية في الجريدة الرسمية بالنسبة للحالات المنصوص عليها في البنود 3 و4 و5 أعلاه"؛

وحيث إنه، من جهة أولى، إن المادة 92 المذكورة لا تشترط تبليغ المترشحين قرارات مباشرة الانتخابات الجزئية، وأن مرسوم رئيس الحكومة السالف ذكره، قد تم نشره بالجريدة الرسمية عدد 6865 مكرر مرتين بتاريخ 18 مارس 2020؛

وحيث إنه، من جهة ثانية، يبين من الاطلاع على مرسوم رئيس الحكومة، المشار إليه، أنه لم يمس بوحدة العملية الانتخابية موضوع الطعن، إذ نصت المادة الثانية منه على أنه "تعتمد لإجراء الانتخابات الجزئية، في التاريخ الجديد المبين في المادة الأولى أعلاه، الترشيحات المودعة والمسجلة خلال الفترة الممتدة من يوم السبت 7 مارس 2020 إلى غاية الساعة الثانية عشرة (12) من زوال يوم الأربعاء 11 مارس 2020..."، كما أن الطاعن لم يدل بما يثبت المساس بحقوقه الانتخابية، المكفولة بمقتضى الدستور أو القانون جراء المرسوم المذكور؛

وحيث إنه، من جهة ثالثة، إن تجاوز الأجل المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 92 المذكورة، مبرر بما استند عليه المرسوم المتعلق به لتأخير تاريخ إجراء الانتخابات الجزئية، من ضرورة اتخاذ التدابير الاحترازية في هذا الظرف للحد من انتشار واستفحال جائحة "فيروس كورونا المستجد كوفيد-19" في أوساط السكان، باعتباره ظرفا خاصا، ما دام أنه، في النازلة موضوع الطعن، لم يترتب عن الإجراءات المتخذة في نطاق المرسوم المذكور، إخلال بأي حق من الحقوق الانتخابية الأساسية؛

وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، يكون المأخذ المتعلق بتمديد تاريخ الانتخابات الجزئية وإجرائها خلال فترة سريان حالة الطوارئ الصحية غير قائم على أساس صحيح؛

في شأن المأخذ المتعلق بوجود الطاعن خارج أرض الوطن خلال الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع:

حيث إن هذا المأخذ يقوم على دعوى، أن الطاعن كان يوجد خلال فترة الحملة الانتخابية خارج أرض الوطن لسبب قاهر "حالة الطوارئ المعلن عنها بسبب وباء كوفيد 19" وكذا بسبب حالته المرضية التي ألزمته البقاء هناك، والتي صادفت إغلاق الحدود بسبب الحجر الصحي، فمنعه ذلك من مباشرة مهامه وحقوقه الدستورية وحرمه من القيام بحملته الانتخابية وتعيين من يمثله بمكاتب التصويت وحضور عملية الاقتراع وتتبع نتائجه؛

لكن،

حيث إنه، من جهة أولى، أن الطاعن لم يدل بما يفيد وجوده خارج أرض الوطن خلال المدة المشار إليها في الادعاء ويوم الاقتراع؛

وحيث إنه، من جهة ثانية، يبين من الوثائق المدلى بها في الملف:

- أنه تمت الدعوة إلى التصويت لفائدة الطاعن، في بلاغ صادر عن الأمانة الجهوية لأحد الأحزاب السياسية اتخذ في إطار "التنسيق" مع الحزب الذي ترشح الطاعن باسمه، "بمناسبة إجراء الانتخابات الجزئية لملء مقاعد شاغرة بمجلس المستشارين برسم اقتراع يوم الخميس 18 يونيو 2020"؛

- أن الطاعن أبلغ شخصيا السلطة الإدارية المحلية بأسماء ممثليه للقيام بصفة مستمرة بمراقبة عملية التصويت وفرز الأصوات وإحصائها بكل من مكاتب التصويت بجماعات "دار الكبداني" و"وردانة" و"امطالسة" و"تفرسيت" طبقا للفقرة الثامنة من المادة 73 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين، مما يكون معه المأخذ المذكور غير قائم على أساس؛

في شأن المأخذ المتعلق بما شاب الاقتراع من مناورات تدليسية:  

حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى، أن الطاعن حصل على ما مجموعه 674 صوتا، فيما حصل المطعون في انتخابه على 854 صوتا والفارق جد بسيط، كان بسبب عدم تمكنه "من ممارسة حقه في الحملة الانتخابية" وعدم مشاركته بعد ذلك في عملية إحصاء الأصوات، فمكن ذلك المطعون في انتخابه من القيام بعدة خروقات لاستمالة الناخبين ونهج أساليب منافية للقانون وسلوكات احتيالية وتدليسية أدت إلى التلاعب في النتائج التي حصل عليها، مما أخرج الاقتراع عن الإطار القانوني الذي يؤطره؛

لكن،

حيث إن الادعاءات المتعلقة بارتكاب المطعون في انتخابه عدة خروقات لاستمالة الناخبين، مع باقي الادعاءات المذكورة، جاءت عامة ومجردة من أي حجة تدعمها، فضلا عن أن الفارق في عدد الأصوات لا يعني في حد ذاته أن الاقتراع شابته مناورات تدليسية، مما يكون معه المأخذ المذكور غير جدير بالاعتبار؛

لهذه الأسباب:

أولا- تقضي برفض طلب السيد أحمد الجلالي الرامي إلى إلغاء نتيجة الاقتراع الجزئي الذي أجري في 18 يونيو 2020 لانتخاب عضو بمجلس المستشارين في نطاق الهيئة الناخبة لممثلي المجالس الجـماعية ومجالـس العـمالات والأقاليم لجهة الشرق، وأعلن على إثره انتخاب السيد عبد الله أشن عضوا بالمجلس المذكور؛  

ثانيا- تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس مجلس المستشارين، والأطراف المعنية، وبنشره في الجريدة الرسمية.

وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الثلاثاء 17 من ربيع الأول 1442   

      (3 نوفمبر 2020)

الإمضاءات

اسعيد إهراي

عبد الأحد الدقاق           الحسن بوقنطار       أحمد السالمي الإدريسي      محمد بن عبد الصادق 

مولاي عبد العزيز العلوي الحافظي             ندير المومني                   لطيفة الخال

الحسين اعبوشي                      محمد علمي              خالد برجاوي