قرارات المحكمة الدستورية


قرار رقم : 177/22
تاريخ صدور القرار : 2022/05/17

المملكة المغربية                                                            الحمد لله وحده، 

المحكمة الدستورية

ملف عدد: 146/21 

قرار رقم: 177/22 م.إ

 

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

المحكمة الدستورية،

بعد اطلاعها على العريضة المسجلة بأمانتها العامة في 23 سبتمبر 2021، التي قدمها السيد محمد الحارتي - بصفته مترشحا- طالبا فيها إلغاء انتخاب السيد التهامي الوزاني التهامي والسيدة خديجة حجوبي في الاقتراع الذي أجري في 8 سبتمبر 2021 بالدائرة الانتخابية المحلية "فاس الشمالية" (عمالة فاس)، وأعلن على إثره انتخاب السادة التهامي الوزاني التهامي ورءوف عبدلاوي معن وعبد المجيد الفاسي الفهري والسيدة خديجة حجوبي أعضاء بمجلس النواب؛

وبعد اطلاعها على المذكرتين الجوابيتين المسجلتين بنفس الأمانـة العامــة فــي  10 و16 نوفمبر 2021؛      

وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملف؛ 

وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهيـر الشريـف رقـم 1.11.91 بتاريـخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.165 بتاريخ 16 من ذي القعدة 1432 (14 أكتوبر 2011)، كما وقع تغييره وتتميمه؛

وبناء على القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العموميـة خـلال الحملات الانتخابية والاستفتائية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.171 بتاريخ 30 من ذي القعدة 1432 (28 أكتوبر2011)، كما وقع تغييره وتتميمه؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛

في شأن المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية: 

حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى أن المطعون في انتخابه الأول: 

    -استغل، من جهة أولى، أماكن العبادة، إذ قام بتعليق لافتة انتخابية بالواجهة الأمامية لمحل مستخرج من مسجد أبي بكر الصديق الكائن بحي الأمل، باب السفر، بمقاطعة المرينيين، التابعة للدائرة الانتخابية المحلية موضوع الطعن، أي في غير الأماكن المخصصة لتعليق اللافتات الانتخابية، في مخالفة لأحكام المواد 32 و33 و36 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب،  

    -نشر، من جهة ثانية، على صفحته بأحد مواقع التواصل الاجتماعي، إعلانا انتخابيا يتضمن اسمه وصورته فقط دون باقي المترشحين في لائحة ترشيحه، واستغل الرموز الدينية، إذ ظهرت في خلفية الإعلان المنشور، صورة لمدينة فاس "بمعالمها وعمرانها العتيق ومساجدها وصوامعها"، كل ذلك قصد استمالة الناخبين للتصويت لفائدته، مما يشكل مخالفة لأحكام الفقرتين 3 و4 من المادة 23 والمادة 51 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب،

    -أشرف، من جهة ثالثة، بمعية المنسق الإقليمي للحزب الذي ترشح باسمه، على تسخير مجموعة من الأشخاص، قامت في 4 سبتمبر 2021، باعتراض سبيل الطاعن وأنصاره أثناء قيامهم بالحملة الانتخابية، واعتدت عليهم بالضرب والجرح والسب والقذف والسرقة، وهددت وكيل لائحة ترشيح الحزب الذي ينتمي إليه الطاعن بالدائرة الانتخابية المحلية "فاس الجنوبية"، بالتصفية الجسدية، 

    -أن المطعون في انتخابها الثانية، قامت، من جهة رابعة، بحملة انتخابية سابقة لأوانها، إذ نشرت في 13 أغسطس 2021، شريطا على قنوات التواصل الاجتماعي للحزب الذي ترشحت باسمه، يتضمن صورا لمدينة فاس، وتظهر فيه مجموعة من النساء تدعو للتصويت لفائدة الحزب الذي تنتمي إليه، وأنها أعادت نشر نفس الشريط، بصفحتها الرسمية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي في 20 أغسطس 2021؛

لكن،

حيث إنه، من جهة أولى، لئن أدلى الطاعن تعزيزا لمأخذه، بمحضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي في فاتح سبتمبر 2021، عاين فيه تعليق "لافتة كبيرة الحجم" للحزب الذي ترشح باسمه المطعون في انتخابه الأول على واجهة محل تجاري مستخرج من مسجد، فإن هذا الأخير، أدلى من جهته بلائحة صادرة  في 29 أكتوبر 2021، عن السلطة الإدارية  للمنطقة الحضرية شراردة، للمقرات المعدة لأغراض الحملة الانتخابية  المستعملة من قبل لائحة ترشيحه، لا يوجد ضمنها المحل المشار إليه في المأخذ، وبمحضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي في 5 نوفمبر 2021 صرح فيه صاحب المحل التجاري، أنه قام بتعليق اللافتة الانتخابية موضوع المأخذ بباعث منه، تعاطفا مع الحزب الذي ترشح باسمه المطعون في انتخابه المذكور؛ 

وحيث إنه، فضلا عن ذلك، فإن المحلات التجارية الملحقة بالمساجد لا تشكل، من حيث طبيعتها والغايات التي أعدت لها، أماكن للعبادة، ما عدا إن ثبت استعمالها لهذه الغاية، وهو ما لا يستفاد من وثائق الملف؛ 

وحيث إنه، من جهة ثانية، فإن الطاعن أدلى، تعزيزا لمأخذه، بمحضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي، في 29 أغسطس 2021، اي في تاريخ مزامن للوقائع التي يروم إثباتها، ضمن فيه أنه تمت معاينة "إعلان" عن ترشيح -المطعون في انتخابه الأول- يقدم نفسه عبر مواقع التواصل الاجتماعي... باسمه الشخصي والعائلي... وصورته الشخصية والحزب المنضوي تحت لوائه... نشر هذا الإعلان ومن وراء صورته مدينة فاس العتيقة بمعالمها، وعمرانها العتيق ومساجدها وصوامعها"، وأرفق محضر المعاينة بصورتين مستخرجتين من الحساب المذكور؛ 

وحيث إن المطعون في انتخابه الأول، نفى في مذكرته الجوابية، صلته بالصفحة موضوع المعاينة الاختيارية وبالصور المستخرجة منها، وأفاد أنه فوجئ فـي 16 يوليو و8 أغسطس 2021 على التوالي، بفتح حساب باسمه على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت فيه أخبار زائفة تمس شخصه وعائلته، ثم قرصنة صفحته على موقع التواصل الاجتماعي المذكور، ونشر صورة شخصية له وخلفه صورة المدينة العتيقة بفاس، بغرض استخدامها وسيلة للطعن في انتخابه، وتقدم، بهذا الخصوص، بشكايتين إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بفاس، سجلتا على التوالي في 12 و31 أغسطس 2021، تحت عدد 2021/3101/8780 و2021/3101/9422، تقرر في شأنهما الحفظ، حسب المستفاد من كتاب وكيـل المـلك المذكور، المـؤرخ فـي 16 ديسمبر 2021، جوابا على مراسلة المحكمة الدستورية؛

وحيث إنه، من جهة ثالثة، فإن القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب أقر، فيما يخص ضوابط الحملة الانتخابية وسلوك الناخبين، قواعد جوهرية خولت للمترشحين المتنافسين حرية واسعة، وضمانات لا يحد منها إلا التجاوز الذي من شأنه المس بحرية ونزاهة، وصدق وشفافية الاقتراع، وهي مبادئ وقواعد مقررة بمقتضى أحكام الفقرتين الأولى والخامسة من الفصل 11 من الدستور، وتلزم المترشحين ومساعدي الحملة الانتخابية والناخبين على السواء؛ 

وحيث إن الطاعن أدلى تعزيزا لمأخذه: 

    -بمحضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي، في 7 سبتمبر 2021، تضمن معاينة لصور فوتوغرافية لمترشح من نفس الحزب الذي ينتمي إليه المطعون في انتخابه، بمعية مجموعة من الأشخاص الذين نسب إليهم الاعتداء على الطاعن وعلى موكب حملته الانتخابية، نشرت بحساب على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، كما أرفق المحضر بصفحة وصور مستخرجة من الحساب المذكور وبقرص مدمج ، يتضمن شريطي فيديو، الأول يعرض فيه الطاعن لمجريات الحملة الانتخابية، ولوقائع اعتراض سبيل حملته على النحو الوارد في المأخذ، والثاني يتضمن روبورتاجا منجزا من قبل أحد المواقع الإلكترونية بشأن نفس الأحداث، وشهادات لبعض المواطنين بهذا الخصوص، 

    -وبنسختين لمحضرين منجزين من قبل الضابطة القضائية، الأول تحت عدد 1635/دق والثاني تحت عدد 1622/د22، بتاريخ 9 و13 سبتمبر 2021 على التوالي، تم فيهما الاستماع إلى تسع مشتكين، من بينهم الطاعن، وإلى مجموعة من الأشخاص من بينهم تسعة مشتكى بهم؛ 

وحيث إن الصور الفوتوغرافية المدلى بها من قبل الطاعن لا تكفي وحدها، لإثبات ادعاء تسخير الأشخاص السالف ذكرهم من قبل المطعون في انتخابه الذي نفى في مذكرته الجوابية، صلته بما تعرض له الطاعن من اعتداء، أثناء حملته الانتخابية، أو بالأشخاص الذين قاموا بذلك، كما يبين من الاطلاع على المحضرين المشار إليهما،  وعلى الحكمين الصادرين عن المحكمة الابتدائية بفاس، بتاريخ 14 أكتوبر 2021،  و17 نوفمبر 2021، في الملفين الجنحيين التلبسيين عدد 2021/2927 و2985/2021، المستحضرين من قبل المحكمة الدستورية، والذين قضيا بمؤاخذة عدد من المتهمين، بما نسب إليهم من مخالفات وجنح، أن هؤلاء نفوا، أثناء الاستماع إليهم تمهيديا، صلتهم  بالمطعون في انتخابه، أو تحريضهم من قبله، و أن بعضهم صرحوا بأن ما قاموا به تم بباعث منهم، كما خلت تصريحاتهم أثناء الاستماع إليهم من قبل النيابة العامة وهيأة المحكمة الابتدائية، من أية قرائن تفيد تسخير المطعون في انتخابه الأول للمتهمين؛ 

وحيث إن الطاعن أدلى لإثبات ادعائه، من جهة رابعة، بمحضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي، في 20 أغسطس 2021، ضمن فيه أنه تمت "معاينة محتوى ومضمون الشريط المنشور"، على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وأنه تظهر بالشريط المذكور، المؤرخ في 13 أغسطس 2021 "نساء يوجهن نداء للتصويت باسم" الحزب الذي ترشحت باسمه المطعون في انتخابها، وأن هذه الأخيرة أعادت نشر نفس الشريط بصفحتها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي في 20 أغسطس 2021؛

وحيث إن المعاينات الاختيارية الصادرة عن مفوضين قضائيين، باعتبارها وسيلة يختارها الأطراف، في إطار مبدإ حرية الإثبات المكفول لهم بمقتضى القانون، للاستدلال على ما يدعونه من مآخذ، يتعين، لكي تكون وسيلة إثبات مرجحة، أن تنصب على معاينة وقائع قائمة، وأن تعكس في مضمونها ما يطمئن إليه القاضي الانتخابي لتكوين قناعته، وأن تعزز مضمونها بالوثائق المرفقة التي تعضده؛ 

وحيث إنه، فضلا عن أن المطعون في انتخابها الثانية، نفت في مذكرتها الجوابية ما نسب إليها ، فإن محضر المعاينة المدلى به، لم يرفق بنسخة من الشريط المذكور، واقتصر على وصف مجمل لمضمون هذا الأخير دون أن تنصب المعاينة على وقائع قائمة، مما لا يكفي وحده لإثبات الادعاء؛  

وحيث  إنه، تبعا لذلك، تكون المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية، غير مرتكزة على أساس صحيح؛

لهذه الأسباب:

أولا- تقضي برفض طلب السيد محمد الحارتي، الرامي إلى إلغاء انتخاب السيد التهامي الوزاني التهامي، والسيدة خديجة حجوبي، عضوين بمجلس النواب في الاقتراع الذي أجري في 8 سبتمبر 2021 بالدائرة الانتخابية المحلية "فاس الشمالية" (عمالة فاس)، وأعلن على إثره انتخاب السادة التهامي الوزاني التهامي ورءوف عبدلاوي معن  وعبد المجيد الفاسي الفهري والسيدة خديجة حجوبي أعضاء بمجلس النواب؛

ثانيا- تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب، وإلى الجهة الإدارية التي تلقت التصريحات بالترشيح بالدائرة الانتخابية المذكورة وإلى الأطراف المعنية وبنشره في الجريدة الرسمية. 

وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الثلاثاء 16 من شوال 1443  

(17 ماي 2022)

 

الإمضــاءات

اسعيد إهراي

عبد الأحد الدقاق     الحسن بوقنطار     أحمد السالمي الإدريسي      محمد بن عبد الصادق

مولاي عبد العزيز العلوي الحافظي                 محمد الأنصاري              ندير المومني 

لطيفة الخال         الحسين اعبوشي                    محمد علمي                خالد برجاوي