المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المحكمة الدستورية
ملف عدد: 0272/23
قرار رقم: 225/24 م.د
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المحكمة الدستورية،
بعد اطلاعها على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي أحاله إليها السيد الرئيس المنتدب لهذا المجلس رفقة كتابه المسجل بأمانتها العامة في 21 ديسمبر 2023، وذلك للبت في مطابقته لأحكام الدستور ولمقتضيات القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة؛
وبعد الاطلاع على المذكرات المتضمنة لملاحظات السادة رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب وعضو مجلس المسـتـشارين المصطفى الدحماني، الـمسجلة بـالأمانة العـامة لهذه المحكمة بتاريخ 27 ديسمبر 2023 و2 و3 يناير 2024؛
وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها وباقي الوثائق المدرجة في الملف؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14 من جمادى الآخرة 1437 (24 مارس 2016) كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون التنظيمي رقم 13.22، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.23.36 المؤرخ في 23 من شعبان 1444 (16 مارس 2023)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 من جمادى الآخرة 1437 (24 مارس 2016)، كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون التنظيمي رقم 14.22، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.23.37 المؤرخ في 23 من شعبان 1444 (16 مارس 2023)؛
وبناء على القرارات الصادرة عن المحكمة الدستورية بشأن النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على التوالي تحت رقم 17/31 م.د بتاريخ 27 يوليو2017 ورقم 17/38 م.د بتاريخ 13 سبتمبر 2017 ورقم 17/55 م.د بتاريخ 16 أكتوبر 2017؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
أولا- فيما يتعلق بالاختصاص:
حيث إن الدستور ينص في الفقرة الأولى من فصله 132، على أن الاختصاصات التي تمارسها المحكمة الدستورية، هي تلك المسندة إليها بفصول الدستور وبأحكام القوانين التنظيمية؛
وحيث إن الفقرة الأخيرة من المادة 22 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية تنص على أنه: "تحال باقي الأنظمة الداخلية للمجالس المنظمة بموجب قوانين تنظيمية إلى المحكمة الدستورية للبت في مطابقتها للدستور، من لدن رئيس كل مجلس."؛
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة 49 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، توجب إحالة النظام الداخلي لهذا المجلس، قبل الشروع في تطبيقه، إلى المحكمة الدستورية للبت في مطابقته لأحكام الدستور والقانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، الأمر الذي تكون معه المحكمة مختصة للبت في دستورية هذا النظام الداخلي؛
ثانيا- فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة لإقرار النظام الداخلي:
حيث إنه، يبين من الاطلاع على محضر اجتماع المجلس الأعلى للسلطة القضائية المنعقد بتاريخ 9 ماي 2023 ولائحة حضور الاجتماع المذكور، المضمنة به، أن مواد النظام الداخلي لهذا المجلس تم وضعها وإقرارها بالتصويت من لدن أعضائه الحاضرين بالاجتماع المشار إلى تاريخه، بمراعاة النصاب القانوني لانعقاده والأغلبية المتطلبة لإقرار مقرراته، وذلك وفقا للمادة 58 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس المذكور؛
ثالثا- فيما يتعلق بالموضوع:
حيث إن النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المعروض على أنظار المحكمة الدستورية يتكون من 67 مادة موزعة على ثمانية أقسام، خصص القسم الأول لمقتضيات عامة، ويحتوي على المادتين الأولى والثانية، والقسم الثاني للرئيس المنتدب، ويشمل المواد من الثالثة إلى الخامسة، والقسم الثالث لأجهزة المجلس، ويتضمن بابين، الأول يتعلق بالأمانة العامة للمجلس، ويحتوي على المواد من السادسة إلى التاسعة، والثاني يخص المفتشية العامة للشؤون القضائية، ويشمل المواد من 10 إلى 12، والقسم الرابع يتعلق بتنظيم أعمال المجلس، ويتضمن ثلاثة أبواب، خصص الأول لدورات المجلس، ويحتوي على المواد من 13 إلى 19، والثاني يتعلق بتنظيم أشغال المجلس، ويشمل المواد من 20 إلى 24، والثالث يخص كيفية نشر النتائج النهائية لأشغال دورات المجلس ويضم المادة 25، والقسم الخامس يتعلق بلجان المجلس، ويتضمن ثلاثة أبواب، خصص الأول، للجان الدائمة، ويتكون من المواد من 26 إلى 34، والباب الثاني يتعلق باللجان الموضوعاتية، ويحتوي على المواد من 35 إلى 38، والباب الثالث يتعلق بمقتضيات مشتركة، ويتضمن المواد من 39 إلى 41، والقسم السادس يتعلق بكيفية تدبير ومعالجة التظلمات والشكايات، ويتكون من المواد من 42 إلى 44، والقسم السابع يتعلق بضوابط ومساطر معالجة بعض القضايا الخاصة بالقضاة، ويتضمن أربعة أبواب خصص الأول لمعايير تدبير الوضعيات المهنية للقضاة، ويشمل المادتين 45 و46، والباب الثاني يتعلق بالمدة الزمنية اللازمة لتسجيل القضاة الذين صدرت في حقهم عقوبة الإقصاء المؤقت عن العمل من لائحة الأهلية للترقية، ويضم المادة 47، والباب الثالث يخص شروط تلقي ومعالجة طلبات الانتقال ومعايير معالجتها، ويحتوي على المواد من 48 إلى 57، والباب الرابع يخص مسطرة الاطلاع على تقارير تقييم الأداء الخاص بالقضاة والبت في التظلمات، ويتكون من المواد من 58 إلى 64، والقسم الثامن والأخير، يتعلق بمقتضيات ختامية، ويحتوي على المواد من 65 إلى 67؛
وحيث إن النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المعروض على أنظار المحكمة الدستورية، يتضمن مواد منقولة بنصها من النظام الداخلي لهذا المجلس، والتي سبق للمحكمة الدستورية أن بتت في دستوريتها، ومواد معدلة ومواد منقولة من القانونين التنظيمين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة، ومواد أخرى مستحدثة، ومادة تتضمن عبارة غير مطابقة للدستور؛
1- فيما يخص المواد المنقولة بنصها من النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية:
حيث إن هذه المواد: 3 و4 (الفقرة الأولى) و5 و6 و7 و8 (ماعدا البند الرابع) و13 و14 و15 و16 و17 و20 و21 و22 و24 و25 و26 (ما عدا البند 3) و28 و32 (الفقرات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة) و33 (الفقرات الأولى والثانية والثالثة) و34 و35 و38 (الفقرة الثانية) و40 (الفقرة الأولى) و42 (الفقرة الثانية) و44 و47 و48 و49 و50 و53 (الفقرتين الثانية والثالثة) و54 و55 و56 و57 و59 و60 و65 و66 و67 (الفقرة الأولى)، منقولة حرفيا من مواد النظام الداخلي لهذا المجلس، والتي سبق للمحكمة الدستورية أن بتت في دستوريتها بمقتضى قراراتها المومإ إليها أعلاه، ولا موجب للبت من جديد في دستوريتها؛
2- فيما يخص المواد المطابقة للدستور:
حيث إن هذه المواد، إما معدلة أو مستحدثة أو منقولة بنصها أو مضمونها من مواد القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة، التي سبق للمحكمة الدستورية أن بتت في دستوريتها، ويتعلق الأمر بالمواد التالية: 1 (الفقرة الأولى) و2 و4 (الفقرة الثالثة) و8 (البند الرابع) و9 و10 (الفقرة الأولى والثانية) و11 و12 و18 و19 و23 و26 (البند الثالث) و27 و29 و31 و32 (الفقرة الأولى) و33 (الفقرة الأخيرة) و36 و37 و38 (الفقرة الأولى) و39 و40 (الفقرة الثانية) و41 و43 (الفقرة الأخيرة) و45 و46 و51 و52 و53 (الفقرة الأولى) و61 و63؛
وحيث إن المواد المذكورة، انحصرت في نطاق تنظيم السير الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ولم تطل أي أحكام يرجع الاختصاص بشأنها إلى قانون تنظيمي، وبالتالي لا موجب لإعادة فحص دستوريتها، إعمالا للحجية التي تكتسيها قرارات المحكمة الدستورية، التي لا تقتصر على النص الذي صدرت بشأنه، بل تمتد إلى كل نص يعد تطبيقا لمقتضياته؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، تكون المواد سالفة الذكر مطابقة للدستور؛
3- فيما يخص المواد التي ليس فيها ما يخالف الدستور مع مراعاة ملاحظات المحكمة الدستورية بشأنها:
في شأن المواد 1 (الفقرة الثانية) و58 و62 (الفقرة الثانية) و64:
حيث إن هذه المواد تنص تواليا على ما يلي:
"تطبيقا لمقتضيات المادة 56 (الفقرة الأولى) من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة...يحدد هذا النظام الداخلي ...وكذا مسطرة الاطلاع على تقارير تقييم الأداء الخاص بالقضاة، وتقديم التظلمات بشأنها ومسطرة البت فيها."
"تطبيقا للفقرة الأولى من المادة 56 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، يحق للقاضي الذي لم يطلع على آخر تقرير تقييم الأداء المتعلق به وفقا للمسطرة المحددة في الفقرة الثالثة من المادة 55 من نفس القانون التنظيمي، أن يتقدم إلى الأمانة العامة للمجلس بطلب كتابي يرمي إلى الاطلاع على التقرير المذكور."
"تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 56 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة يمكن للقاضي المعني بالأمر أن يقدم، داخل أجل خمسة عشر (15) يوما من تاريخ اطلاعه على مقرر تقييم الأداء الخاص به تظلما بشأنه إلى المجلس.
يحدد القاضي بدقة عناصر التقييم موضوع التظلم والمبررات التي يؤسس عليها تظلمه، والوثائق والمستندات المعزرة لذلك عند الاقتضاء."
"تطبيقا للفقرة الرابعة من المادة 56 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، يبت المجلس في التظلم المرفوع إليه من قبل القاضي بشأن تقرير تقييم الأداء داخل أجل ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ توصله بالتظلم أو من تاريخ توصله بالمعطيات والملاحظات المشار إليها في المادة 63 أعلاه، حسب الحالة مع مراعاة الفترة الفاصلة بين دورات المجلس"؛
وحيث إنه، لئن كان القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، لا يحيلان على النظام الداخلي للمجلس لتنظيم مسطرة تقديم التظلمات من طرف القضاة، بشأن تقارير تقييم الأداء الخاص بهم المنجزة من طرف المسؤولين القضائيين، والتي لم يطلعوا عليها من قبل، فقد تقرر، بموجب المادة 64 المذكورة، تنظيم هذه المسطرة ضمن مشمولات النظام الداخلي، إعمالا لقرار المحكمة الدستورية رقم 17/31 م.د الذي جاء فيه "وحيث إنه، لئن كانت مشمولات النظام الداخلي المعني قد حددت مواضيعها بمقتضى المواد 50 (الفقرة الرابعة) و52 (الفقرة الثالثة) و60 (الفقرة الأولى) و74 (الفقرة الثانية) و77 (الفقرة الأخيرة) و86 (الفقرة الثانية) من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمادة 56 (الفقرة الأولى) من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، فإن ذلك، لا يحول دون تضمين النظام الداخلي أي مقتضى يهم تطبيق أو إعمال المقتضيات الواردة في القانونين التنظيميين المذكورين..."؛
وحيث إنه، يستفاد من الأحكام سالفة الذكر، أن النظام الداخلي للمجلس يضع القواعد والمقتضيات المتعلقة باختصاص المجلس وتنظيمه وكيفية تسييره، كما يجوز له أن يتضمن كل مجال يندرج ضمن مشمولاته، إعمالا لمقتضيات تم التنصيص عليها في القانونين التنظيميين المشار إليهما أعلاه، شريطة ألاّ يتجاوز المواضيع المسندة لقانون تنظيمي، وألاّ يتضمن أي مقتضى من شأنه تقييد الغير، والذي لا يجوز إعماله إلا من خلال التشريع؛
وحيث إنه، بناء على ما سبق بيانه، ومع مراعاة الملاحظات المذكورة، فليس في هذه المواد ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 4 (الفقرة الثانية):
حيث إن ما تنص عليه المادة الرابعة في فقرتها الثانية من أنه: "تطبيقا لأحكام الفقرة الخامسة من المادة 50 من القانون التنظيمي رقم 100.13 ...، يتولى الرئيس المنتدب إعداد القرار المحدد للهياكل الإدارية والمالية للمجلس، ويعرضه على تأشيرة السلطة الحكومية المكلفة بالمالية، وينشر بالجريدة الرسمية."، ليس فيها ما يخالف الدستور، شريطة التقيد بشكل كامل بما تنص عليه مقتضيات الفقرة الرابعة من المادة 50 من القانون التنظيمي المذكور، وذلك بتحديد الهياكل الإدارية والمالية للمجلس، وعددها واختصاصاتها وتنظيمها وكيفيات تسييرها بقرار من الرئيس المنتدب؛
في شأن المواد 10 (الفقرة الأخيرة) و30 و43 (الفقرة الثانية):
حيث إن هذه المواد تنص تواليا على ما يلي:
"تدرج الهيكلة التنظيمية للمفتشية العامة ضمن التنظيم الهيكلي للمجلس المشار إليه في الفقرة الخامسة من المادة 50 من القانون التنظيمي."
"تختص لجنة التأديب بدراسة تقارير الأبحاث والتحريات التي تنجزها المفتشية العامة للشؤون القضائية في المادة التأديبية، وتقارير المقررين، وترفع بشأنها اقتراحات إلى الرئيس المنتدب، وفقا لأحكام المادتين 88 و90 من القانون التنظيمي."
"إذا كان الأمر يتعلق بإخلال يمكن أن يكون محل متابعة تأديبية في حق قاض، يأمر الرئيس المنتدب بإجراء الأبحاث والتحريات اللازمة بواسطة المفتشية العامة للشؤون القضائية."؛
حيث إن الدستور ينص في الفصل 113 في فقرته الأولى على أنه: "يسهر المجلس الأعلى للسلطة القضائية على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، ولاسيما فيما يخص...وتأديبهم."؛
وحيث إن الفصل 116 من الدستور ينص في فقرته الثالثة على أنه: "يساعد المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في المادة التأديبية، قضاة مفتشون من ذوي الخبرة."، وأناط في الفقرة الرابعة منه، بقانون تنظيمي تحديد مسطرة التأديب، وتطبيقا لذلك، نص القانونان التنظيميان المتعلقان بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة على مقتضيات نظامهم التأديبي؛
وحيث إن القانونين التنظيميين المذكورين، لم يحددا الجهة المخول لها الأمر بإجراء الأبحاث والتحريات، إذ اكتفت المادة 86 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالنص على أنه: "يتلقى الرئيس المنتدب للمجلس ما قد ينسب إلى القاضي من إخلال يمكن أن يكون محل متابعة تأديبية." وعلى أنه: "يحدد النظام الداخلي للمجلس كيفية تدبير ومعالجة التظلمات والشكايات."؛
وحيث إنه، يستفاد من الأحكام المذكورة، ومن الاطلاع على مواد القانونين التنظيميين المشار إليهما أعلاه، أن الصلاحيات التي يمارسها الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، تتعلق أساسا، بتمثيله أمام القضاء، وبالتدبير الداخلي للمجلس وتسيير جلساته وتنفيذ مقرراته ورفع تقارير موضوعاتية بشأن عمل المجلس وإعداد لائحة الأهلية للترقي، وتلقي الشكايات وكذا تخويل القضاة رخص المرض الطويلة والمتوسطة الأمد وتتبع ثروات القضاة، والعمل القضائي بالمحاكم المندرج في خانة الولوج إلى العدالة وإجراءات التقاضي، وأن صلاحية إلحاق القضاة ووضعهم في حالة استيداع أو رهن إشارة، يمارسها الرئيس المنتدب، بعد استـشـارة اللجنة الخاصة بـذلك، غيـر أن الضمانـات الممنـوحة للقـضاة وحمـاية استقلالهم وتدبير وضعياتهم الفردية، من تعيين وترقية وتقاعد وتأديب، لا تندرج ضمن الصلاحيات المخولة للرئيس المنتدب، بل هي اختصاصات موكولة للمجلس وحده بحكم الدستور والقانونين التنظيميين المشار إليهما أعلاه؛
وحيث إنه، يستفاد من نفس الأحكام أعلاه، أنه إذا كان الرئيس المنتدب هو من يتلقى الشكايات أو التظلمات الموجهة ضد القضاة، ويتخذ بشأنها الإجراءات القانونية الملائمة بعد استجماع المعلومات والمعطيات بخصوصها، بواسطة البنية الإدارية المنصوص عليها في المادة 43 من النظام الداخلي للمجلس، وأن المتابعة التأديبية لا تتم عملا بأحكام المادة 87 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلا بعد إجراء الأبحاث والتحريات الضرورية بمساعدة قضاة مفتشين من ذوي الخبرة تحت إشراف المفتش العام للشؤون القضائية، فمؤدى ذلك، أن الأبحاث والتحريات المذكورة لا يمكن أن تجرى إلا بأمر من الرئيس المنتدب، وأن ذلك لا يمس باستقلال المفتشية العامة في أداء المهام المنوطة بها، على اعتبار أن المجلس المذكوريظل هو الجهة الوحيدة المختصة بالبت في المتابعة التأديبية للقضاة، في إطار الضمانات المكفولة لهم، بموجب أحكام الدستور والقانونين التنظيميين المشار إليهما أعلاه؛
وحيث إنه، بمراعاة ما ذكر أعلاه، يكون إسناد الأبحاث والتحريات إلى المفتشية العامة للشؤون القضائية بناء على أمر من الرئيس المنتدب، ليس فيه ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 33 (الفقرة الرابعة):
حيث إن ما تنص عليه الفقرة الرابعة من المادة 33 أعلاه من أنه: "تقوم كل لجنة دائمة بإعداد دليل عملي ينظم عملها، ويتضمن الإجراءات والمساطر التي تعتمدها بمناسبة ممارستها لمهامها."، ليس فيه ما يخالف الدستور، شريطة أن ينحصر إعداد الدليل المذكور في تنظيم الإجراءات والمساطر المعتمدة من طرف اللجنة في ممارسة مهامها، دون أن يطال ذلك مقتضيات موكولة لقانون تنظيمي؛
في شأن المادة 42 (الفقرة الأولى):
حيث إن المادة 42 تنص في فقرتها الأولى على أنه: "توجه الشكايات والتظلمات إلى المجلس في إسم الرئيس المنتدب من لدن المشتكي أو نائبه."؛
وحيث إن التغيير الذي أدخل على الفقرة الأولى من المادة 42، يتمثل في التنصيص على أن الشكايات أو التظلمات التي توجه إلى المجلس في إسم الرئيس المنتدب، لم تعد محصورة في مواجهة القضاة، بل تهم كافة مجالات الإدارة القضائية، اعتبارا للمهام المنوطة بهذا المجلس، في كل ما يتعلق بالشؤون القضائية والإدارة القضائية معا؛
وحيث إنه، مع مراعاة ذلك، فليس في التغيير الوارد على الفقرة الأولى من المادة المذكورة ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 43 (الفقرة الأولى):
حيث إن هذه المادة تنص في فقرتها الأولى على أنه: "يعمل الرئيس المنتدب على استجماع المعلومات والمعطيات المتعلقة بالشكاية أو التظلم بواسطة بنية إدارية تضم قضاة وأطرا مؤهلة. ويتخذ بشأنها الإجراءات القانونية الملائمة."؛
وحيث إنه، لئن كان إحداث بنية إدارية من قضاة وأطر مؤهلة من أجل حسن تدبير ومعالجة الشكايات أو التظلمات المرفوعة إلى الرئيس المنتدب، لاتخاذ الإجراءات القانونية الملائمة بشأنها، فإن مهامها بخصوص هذه الشكايات الموجهة ضد القضاة يجب أن تنحصر، من جهة أولى، في التدبير والمعالجة دون أن يمتد عملها إلى تجهيز ملف الشكايات أو التظلمات من الجانب القضائي اعتبارا للضمانات التي خص بها القضاة كل من الدستور والقانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة، ولاسيما تمكين المجلس من قضاة مفتشين من ذوي الخبرة لمساعدته في القيام بمهام البحث والتحري، ومن جهة أخرى، فإن الشكايات أو التظلمات الموجهة بشأن كافة مجالات الإدارة القضائية، يجب أن ينحصر عمل البنية الإدارية بخصوصها، في فرزها وتصنيفها وإحالتها إلى الرئيس المنتدب، للقيام بما يلزم بشأنها، دون اتخاذ أي إجراءات تمس باختصاصات موكولة لجهات أخرى في إطار النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل؛
وحيث إنه، بمراعاة ما سبق بيانه، فليس في الفقرة الأولى من المادة 43 ما يخالف الدستور؛
4- فيما يخص العبارة غير المطابقة للدستور المضمنة بالمادة 67 (الفقرة الثانية):
حيث إن ما تضمنته هذه المادة في فقرتها الثانية من عبارة "الصادر الأمر بنشره بمقتضى قرار المحكمة الدستورية عدد 17/55 بتاريخ 16 أكتوبر 2017" مخالف للقانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية في مادته 49 (الفقرة الثانية) التي تنص على أنه: "ينشر النظام الداخلي للمجلس بالجريدة الرسمية."، وأن التنصيص على نشر أحكام هذا النظام وفق الكيفية المذكورة أعلاه، تجاوز منطوق قرار المحكمة الدستورية المشار إليه، والتي ليس من اختصاصها، إلاّ الأمر بنشر القرارات الصادرة عنها، طبقا لما تنص عليه الفقرة الأخيرة من المادة 17 من قانونها التنظيمي؛
وحيث إنه، بناء على ما سبق بيانه، تبقى عبارة "الصادر الأمر بنشره بمقتضى قرار المحكمة الدستورية عدد 17/55 بتاريخ 16 أكتوبر 2017" غير مطابقة للدستور؛
لهذه الأسباب:
أولا- تقضي:
1- بأن عبارة "الصادر الأمر بنشره بمقتضى قرار المحكمة الدستورية عدد 17/55 بتاريخ 16 أكتوبر 2017" الواردة بالفقرة الثانية من المادة 67 غير مطابقة للدستور، ويمكن فصلها عن باقي مواد النظام الداخلي، ويجوز بالتالي تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 27 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية نشر هذا النظام الداخلي، بعد حذف العبارة المذكورة منه؛
2- بأن المواد 1(الفقرة الثانية) و4 (الفقرة الثانية) و10 (الفقرة الأخيرة) و30 و33 (الفقرة الرابعة) و42 (الفقرة الأولى) و43 (الفقرتين الأولى والثانية) و58 و62 و64 ليس فيها ما يخالف الدستور والقانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة، مع مراعاة الملاحظات المثارة بشأنها؛
3- بأن باقي مواد النظام الداخلي مطابقة للدستور والقانونين التنظيميين المذكورين؛
ثانيا- تأمر برفع قرارها هذا إلى علم جلالة الملك وبتبليغ نسخة منه إلى السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الخميس 6 من رجب 1445
(18 يناير 2024)
الإمضــاءات
محمد أمين بنعبد الله
عبد الأحد الدقاق محمد بن عبد الصادق محمد الأنصاري
لطيفة الخال محمد علمي خالد برجاوي
أمينة المسعودي نجيب أبا محمد محمد قصري محمد ليديدي