قرارات المحكمة الدستورية


قرار رقم : 259/25
تاريخ صدور القرار : 2025/12/24

  المملكة المغربية                                                                   الحمد لله وحده،

المحكمة الدستورية

ملف عدد: 307/25
قرار رقم: 259/25 م.د.

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

المحكمة الدستورية،

بعد اطلاعها على القانون التنظيمي رقم 53.25 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، المحال إليها بمقتضى رسالة السيد رئيس الحكومة المسجلة بالأمانة العامة لهذه المحكمة في 16 ديسمبر 2025، وذلك من أجل البتِّ في مطابقته للدستور، عملا بأحكام الفقرة الثانية من الفصل 132 من الدستور، على وجه الاستعجال طبقا للفقرة الرابعة منه، وهو ما استجابت له هذه المحكمة؛ 

وبعد الاطلاع على الملاحظات الكتابية التي أدلى بها السيد رئيس الحكومة، وعضوان من مجلس المستشارين وأعضاء من مجلس النواب، المسجلة بالأمانة العامة المذكورة على التوالي في 18 و22 ديسمبر 2025؛

وبعد اطلاعها على باقي الوثائق المدرجة بالملف؛

وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتــاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتــاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.165 بتاريخ 16 من دي القعدة 1432 (14 أكتوبر 2011)، كما وقع تغييره وتتميمه؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 من جمادى الآخرة 1437 (24 مارس 2016)، كما وقع تغييره وتتميمه؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛

أولاـ فيما يتعلق بالاختصاص:

حيث إن الفصل 132 من الدستور، ينص في فقرته الثانية على أن القوانين التنظيمية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، تحال إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور، مما تكون معه هذه المحكمة مختصة للبت في مطابقة القانون التنظيمي المحال إليها للدستور؛

ثانيا ـ فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي:

حيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة بالملف، أن القانون التنظيمي رقم 53.25 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، المحال إلى المحكمة الدستورية، جرى التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد في 19 أكتوبر 2025، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وتم إيداعه بالأسبقية من لدن السيد رئيس الحكومة لدى مكتب مجلس النواب في 24 أكتوبر 2025، وأن هذا المجلس لم يشرع في التداول فيه إلا بعد مرور عشرة أيام من إيداعه لدى مكتبه، ووافق عليه بالأغلبية في جلسته العامة المنعقدة في فاتح ديسمبر 2025، كما تداول في شأنه مجلس المستشارين، وصادق عليه بالأغلبية في جلسته العامة في 9 ديسمبر 2025، والكل وفقا لأحكام الفصلين 84 و85 من الدستور؛

ثالثا ـ فيما يتعلق بالموضوع:

حيث إن الدستور يسند، في الفقرة الثانية من فصله 62، إلى قانون تنظيمي، تحديد عدد أعضاء مجلس النواب، ونظام انتخابهم، ومبادئ التقسيم الانتخابي، وشروط القابلية للانتخاب، وحالات التنافي، وقواعد الحد من الجمع بين الانتدابات، ونظام المنازعات الانتخابية؛

وحيث إن القانون التنظيمي رقم 53.25، المعروض على نظر المحكمة الدستورية، القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، يتكون من مواد ثلاث:

- الأولى، تغير وتتمم على النحو التالي أحكام المواد 3 و6 و7 و8 و11 و13 و18 و21 و23 و24 و28 و37 و38 و39 و40 و41 و42 و43 و45 و46 و48 (الفقرة الأولى) و49 و50 و51 و52 (الفقرة الأولى) و53 و54 و55 و56 و57 و58 و59 و62 و63 و64 و65 و66 و67 و68 و69 (الفقرتان الثانية والثالثة) و72 و73 (فقرة أخيرة مضافة) و74 (الفقرة السادسة) و75 (الفقرة الثالثة) و78 (الفقرة الرابعة) و79 (الفقرة الأولى - البند «ج» والفقرة الثالثة) و80 (الفقرة الأخيرة) و84 (الفقرة الثالثة) و87 و88 (فقرة أخيرة مضافة) و95 و96 من القانون التنظيمي المذكور،

- الثانية، تتمم القانون التنظيمي المذكور، بالمادة 51 المكررة،

- الثالثة، تنسخ أحكام المادة 26 من القانون التنظيمي الساري المفعول، وتنص على تطبيق أحكامه على انتخابات أعضاء مجلس النواب المقبل التي ستجرى بعد تاريخ نشر هذا القانون التنظيمي في الجريدة الرسمية؛ 

وحيث إنه، يبين من فحص هذه التعديلات مادة، مادة، أنها تكتسي صبغة قانون تنظيمي، تبعا لأحكام الفصل 62 من الدستور، وتقتضي بيان ما يلي:

في شأن المادة الأولى:

فيما يخص المادة 3: 

حيث إن هذه المادة تنص على أن الناخبين " ...هم المغاربة، ذكورا وإناثا، البالغون من العمر ثمان عشرة (18) سنة شمسية كاملة على الأقل في التاريخ المحدد للاقتراع، والمقيدون في اللوائح الانتخابية العامة بعد تاريخ آخر حصر لها بصفة نهائية."؛ 

وحيث إن نظام انتخاب أعضاء مجلس النواب يتضمن، باعتباره من المشمولات المنصوص عليها بصريح نص الفقرة الثانية من الفصل 62 من الدستور المومأ إليها أعلاه، الأحكام المتعلقة بتحديد من له صفة ناخب؛ 

وحيث إن هذه المادة في صيغتها المعروضة عملت بما أقرته أحكام الفقرة الأولى من الفصل 30 من الدستور، بصفة خاصة، وعلى توحيد سن الرشد القانونية، لممارسة الحق في التصويت وفي الترشح للانتخابات، مما تكون معه المادة 3 المعروضة مطابقة للدستور؛  
 
فيما يخص المادة 6:

حيث إن التعديلات المدخلة على هذه المادة تنص على التوالي على أنه: 

  "لا يؤهل للترشح للعضوية في مجلس النواب:
 1 -...؛

 2 - الأشخاص الذين صدر في حقهم حكم نهائي بالعزل من مسؤولية انتدابية؛

 3 -...؛

 4 - الأشخاص المحكوم عليهم بمقتضى حكم نهائي بعقوبة حبس نافذة أو عقوبة حبس مع إيقاف التنفيذ ..... مع مراعاة أحكام المادة 66 منه؛

5- الأشخاص المتابعون على إثر ضبطهم في حالة تلبس بارتكاب جناية أو إحدى الجنح المنصوص عليها في «ب.1» و «ب.2» و «ب.3» «من البند «ب» من 2 من المادة 7 من القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية؛

6 - الأشخاص الذين صدرت في حقهم أحكام استئنافية بالإدانة يترتب عليها فقدان الأهلية الانتخابية؛

7 - الأشخاص الذين صدرت في حقهم أحكام ابتدائية بالإدانة من أجل جناية.
يرفع مانع الأهلية المشار إليه في البند 2 أعلاه بعد انصرام مدتين انتدابيتين كاملتين ابتداء من التاريخ الذي يصير فيه الحكم بالعزل نهائيا. كما يرفع مانع الأهلية المشار إليه في البندين 3 و6 أعلاه، ما لم يتعلق الأمر بجناية، ... بعقوبة موقوفة التنفيذ.

لا توقف طلبات النقض أو إعادة النظر ...على الأحكام النهائية التي يترتب عليها فقدان الأهلية الانتخابية...".    

وحيث إنه، بالرجوع إلى الدستور، فإنه ينص في:

- الفقرة الأخيرة من الفصل الثاني منه، على أنه : "تختار الأمة ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع ...النزيه..."، 

- في الفصل 11 منه، بصفة خاصة، على أن:
"الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي.
...كل شخص خالف المقتضيات والقواعد المتعلقة بنزاهة وصدق وشفافية العمليات الانتخابية، يعاقب على ذلك بمقتضى القانون..."،

- الفقرة الرابعة من الفصل 23 منه على أن: 
"قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان."، 

- الفقرة الأولى من الفصل 60 منه، على أنه : " يتكون البرلمان من مجلسين،...ويستمد أعضاؤه نيابتهم من الأمة..."، 

-الفقرة الثانية من الفصل 62 منه، على أنه :
" يبين قانون تنظيمي ... شروط القابلية للانتخاب..."،

- الفصل 119 منه، على أنه: 
"يعتبر كل مشتبه فيه أو متهم بارتكاب جريمة بريئا، الى أن تثبت إدانته بمقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به."؛

وحيث إنه يستفاد من أحكام الدستور، المستدل بها في ترابطها وتكاملها، ما يلي:

- أن تحديد شروط القابلية للانتخاب أمر أسنده الدستور لقانون تنظيمي، وأن رقابة هذه المحكمة، فيما يخص ذلك، تنصب على التحقق من تقيد المشرع بالنطاق الموضوعي للقانون التنظيمي المعروض، واستيفاء شروط القابلية للترشح المقررة قانونا لمتطلبات الضرورة والتناسب، بوصفهما قيدا تشريعيا يرد على ممارسة الحق السياسي، المكفول دستوريا، للترشح للعضوية في مجلس النواب، مع إتاحة سبل الانتصاف القضائي في كل منازعة تتصل بمباشرة هذا الحق، وأن ما يقرره المشرع، وفق سلطته التقديرية، من تحديد لشروط بغاية تحقيق نزاهة الاقتراع وصدق العملية الانتخابية في كافة مراحلها،

- أن أعضاء البرلمان يستمدون نيابتهم من الأمة، مما يوجب على المشرع، تحديد شروط لا يؤهل وفقها للترشح للعضوية في مجلس النواب، من أدين بارتكاب جرائم معينة أو ضبط في حالة تلبس بارتكابها خلال الحملة الانتخابية، أو من تم عزله من مسؤولية انتدابية وهو ما يستقل المشرع بتقديره، ويعود للمحكمة الدستورية أمر مراقبته، صيانة لمشروعية التمثيل الديمقراطي، واعتبارا للصلاحيات المسندة دستوريا لمجلس النواب، بصفة خاصة، 

- أن قرينة البراءة، المكفولة دستوريا، يتمتع بها كل مشتبه فيه أو متهم بارتكاب جريمة، أمام القضاء الزجري، أما شروط القابلية للانتخاب، أي أهلية الترشح، فتندرج موضوعا، في نطاق التنظيم التشريعي للحقوق السياسية، مما يكون معه المشرع، مخولا، متى تقيد بالأحكام الدستورية المشار إليها أعلاه، لتحديد موانع  الترشح للعضوية في مجلس النواب، في مواجهة من صدرت في حقهم أحكام قضائية، في جرائم يعود إليه أمر تحديدها، دون اشتراط إدانة هؤلاء بمقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به، أو من توبع إثر ضبطه في حالة التلبس، إذ يعد  ذلك من بواعث عدم الاطمئنان إلى صدق ونزاهة العملية الانتخابية، في كافة مراحلها ؛ 

وحيث إن المشرع بتحديده طبيعة الأفعال الجرمية المنصوص عليها في البنود 4 و5 و6 و7 من المادة المعروضة، المانعة من أهلية الترشح للعضوية في مجلس النواب، يكون قد راعى جسامة الأفعال المرتكبة مما يكون معه هذا التحديد مبررا ومشروعا ومتناسبا لأجل تحقيق غايات نزاهة العملية الانتخابية وضمان الثقة في المؤسسة التشريعية؛ 
 
وحيث إن ما نصت عليه المادة المعروضة من منع مؤقت للترشح للعضوية في مجلس النواب، بالنسبة للأشخاص المتابعين في حالة تلبس بارتكاب جناية أو إحدى الجنح المشار إليها في البند 5 خلال الحملة الانتخابية، وهي جرائم تتعلق بالمروءة والأخلاق والاستقامة وسلامة الذمة أو بالمس بصدقية وسلامة العملية الانتخابية، والأشخاص الصادرة في حقهم أحكام استئنافية بالإدانة يترتب عليها فقدان الأهلية الانتخابية، والأشخاص الذين صدرت في حقهم أحكام ابتدائية بالإدانة من أجل جناية، وكذا الأشخاص الذين تم عزلهم من مهمة انتدابية، جاء ترتيبا من جهة أولى، لما أقره الدستور من عقوبات، بمقتضى القانون، على كل شخص خالف القواعد والمقتضيات المتعلقة بنزاهة وصدق وشفافية الاقتراع، وعملا من جهة ثانية، بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة المقرر في الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور، بالنسبة لمن تم عزلهم من مسؤولية انتدابية، ولم يمس، من جهة ثالثة، بقرينة البراءة وضمانات المحاكمة العادلة التي تظل محفوظة للأشخاص المعنيين في مسار الدعوى القائمة في مواجهتهم أمام القضاء الزجري، ولم يتجاوز، من جهة رابعة، حدود ما أناطه الدستور بالمشرع من حماية صدق ونزاهة العملية الانتخابية، بالوقاية، من بواعث عدم الاطمئنان إليها، بصفة خاصة، ومن جهة خامسة، فإنه لا يترتب على هذه التدابير في هذه الحدود الانتقاص من حقوق الترشح والانتخاب المخولة لسائر المواطنين ؛ 

وحيث إنه، يعود للمشرع، تحقيقا لغايات نزاهة وصدق العمليات الانتخابية، وصيانة مشروعية التمثيل الديمقراطي، تحديد موانع أهلية الترشح، على نحو ما تقدم، أو مراجعة اختياراته المتعلقة برفع الموانع المذكورة، وليس للمحكمة الدستورية صلاحية التعقيب على السلطة التقديرية للمشرع في اختيار نوعية التدابير التشريعية التي يرتضيها سبيلا لبلوغ أهداف أو تطبيق قواعد مقررة في الدستور، طالما أن ذلك لا يخالف أحكامه ولا يشوبه أي غلو في التقدير؛ 

 وحيث إن الجزاء المقرر لرفع مانع الأهلية بالنسبة للأشخاص الذين صدر في حقهم حكم نهائي بالعزل من مسؤولية انتدابية، إلى ما بعد انصرام مدتين انتدابيتين كاملتين من التاريخ الذي يصير فيه الحكم المذكور نهائيا، أتى متناسبا مع الغايات الدستورية المشار إليها؛ 

وحيث إنه، تبعا لذلك، تكون المادة السادسة، في صيغتها المعروضة، غير مخالفة للدستور؛ 

فيما يخص المادتين 7 و8:   

حيث إن المادتين المعروضتين تنصان على التوالي، على أنه:

 " لا يؤهل للترشح ...  مزاولتها منذ أقل من سنتين في تاريخ الاقتراع:
  - ...؛

  - قضاة المجلس ...الجهوية للحسابات؛

  - رجال السلطة وأعوان السلطة والأطر والموظفون التابعون لوزارة الداخلية أو العاملون بها بمختلف هيئاتهم؛

  - أفراد القوات ...القوة العمومية؛

  - مفتشو المالية؛

  - الخازن العام للمملكة والخزنة الجهويون."، 

وعلى أنه: 
" لا يؤهل ..... منذ أقل من أربع سنوات في تاريخ الاقتراع:

  - ...؛

  - قضاة المجلس ...للحسابات؛

  - رجال السلطة وأعوان السلطة والأطر والموظفون التابعون لوزارة الداخلية أو العاملون بها بمختلف هيئاتهم؛

  - رؤساء ...العسكرية؛

  - رؤساء المصالح ... وعمداء الشرطة."؛

وحيث إن ضمان تكافؤ الفرص بين المترشحين لعضوية مجلس النواب، وعدم التمييز بينهم، ومتطلبات الوقاية، قانونا وواقعا، من مظنة التأثير على التعبير الحر عن إرادة الناخبين، المستفادة بصفة خاصة من أحكام الفقرتين الأولى والثانية من الفصل 11 من الدستور، تعد أسبابا ضرورية ومشروعة لإيراد موانع على أهلية ترشح المزاولين فعلا لبعض الوظائف والمهام العمومية، أو وضع قيود، محددة المدة، على هذا الحق السياسي، بعد الانتهاء من مزاولتهم للوظائف والمهام المذكورة، سواء تعلق الأمر بمزاولتهم لوظائفهم في مجموع أنحاء المملكة أو في كل دائرة تقع داخل نفودهم الذي زاولوا فيه مهامهم؛

وحيث إن المادتين المذكورتين، تنصان، على تمديد الآجال المقررة لرفع مانع أهلية الترشح بالنسبة لسائر الفئات المشمولة بأحكامهما، وأدرجتا، بناء على معيار وظيفي، فئات أخرى، ضمن تلك المشمولة بمانع الأهلية، تحقيقا للغايات الدستورية المشار إليها، مما تكون معه المادتان المعروضتان مطابقتين للدستور؛ 

فيما يخص المادة 11:

حيث إن هذه المادة تنص على أنه:

"- يجرد بحكم القانون ... في هذا القانون التنظيمي.
 تثبت المحكمة الدستورية التجريد من هذه الصفة بطلب من مكتب مجلس النواب أو وزير العدل، أو بطلب من رئاسة النيابة العامة في حالة صدور إدانة قضائية بعد الانتخاب أو بطلب من السلطة المكلفة بتلقي التصريحات بالترشيح أو بطلب من كل من له مصلحة.
 تجرد المحكمة الدستورية كل نائب يوجد رهن الاعتقال لمدة تعادل أو تفوق ستة (6) أشهر، وذلك بناء على إحالة من النيابة العامة لدى المحكمة المعروضة عليها القضية أو من السلطة المكلفة بتلقي التصريحات بالترشيح. 

يجب على المحكمة التي أصدرت حكما يقضي بإدانة نائب تبليغ نسخة منه، داخل أجل ثلاثين (30) يوما من تاريخ صدوره، إلى والي الجهة أو العامل، حسب الحالة، التابع لدائرة نفوذه الترابي العنوان المدلى به لدى المحكمة من لدن المعني بالأمر."؛     

وحيث إن  التعديلات المدخلة على هذه المادة، خولت لرئاسة النيابة العامة، إلى جانب جهات أخرى، صلاحية توجيه طلب تجريد نائب من صفته، في حالة صدور إدانة قضائية بعد انتخابه، وأسندت صلاحية مماثلة إلى السلطة المكلفة بتلقي التصريحات بالترشيح، ونصت، على تجريد المحكمة الدستورية لكل نائب يوجد رهن الاعتقال لمدة تعادل أو تفوق ستة (6) أشهر بناء على طلب من الجهتين المعنيتين، وأوجبت، على المحكمة التي أصدرت حكما يقضي بإدانة نائب تبليغ نسخة منه، داخل أجل ثلاثين (30) يوما من تاريخ صدوره، إلى والي الجهة أو العامل، حسب الحالة، التابع لدائرة نفوذه الترابي العنوان المدلى به لدى المحكمة من لدن المعني بالأمر؛  

وحيث إن تخويل صلاحية طلب التجريد إلى رئاسة النيابة العامة يجد سنده في المادة 25 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، لكون قضاتها يوضعون تحت سلطة وإشراف ومراقبة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، الذي يعد رئيسا للنيابة العامة، كما أن إسناد هذه الصلاحية إلى السلطة المكلفة بتلقي التصريحات بالترشيح يجد مبرره فيما أسنده الدستور للولاة والعمال من العمل على تطبيق القانون طبقا للفصل 145 منه، وينسجم مع الصلاحيات المخولة لهما، بصفة خاصة، بمقتضى القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، في تدبير حالات أخرى لوضعية أعضاء هذا المجلس، لاسيما منها العضوية المكتسبة عن طريق التعويض (المادة 90 من هذا القانون التنظيمي)؛

وحيث إنه، من متطلبات الأداء السليم للوظائف الانتخابية، المستفادة من أحكام الفقرة الأولى من الفصل 60 من الدستور، فيما يخص القانون التنظيمي المعروض، والتي لا يسوغ معها، من وجه، الإبقاء على عضوية نائب يوجد رهن الاعتقال خلال المدة المشار إليها، ويندرج فيها، من وجه آخر، ما اختار المشرع إسناده إلى المحكمة التي أصدرت حكما بإدانة نائب من تبليغ نسخة من الحكم إلى والي الجهة أو العامل المعني، حسب الحالة، داخل الأجل المومأ إليه أعلاه؛ 

وحيث إنه، تبعا لذلك، ليس في المادة 11 المعروضة ما يخالف الدستور؛ 

فيما يخص المادة 23:

حيث إن التعديل المدخل على المادة المعروضة، همّ على التوالي، على وجه الخصوص، كيفيات إيداع التصريحات بالترشيح عبر منصة إلكترونية خاصة، والتدابير المتخذة لتحسين تمثيلية النساء بمجلس النواب، وأحكاما تتعلق بوثائق مرفقة بلوائح الترشيح أو بالتصريحات الفردية بالترشيح التي تعني المغاربة المقيمين خارج تراب المملكة أو من هم في وضعية إعاقة، وأخرى خاصة بذوي الانتماء الحزبي تهم التزكية الممنوحة للوائح الترشيح أو التصريحات الفردية بالترشيح، وأحكاما تتعلق ببعض الوثائق المرفقة بلوائح الترشيح أو التصريحات الفردية بالترشيح للمترشحين بدون انتماء حزبي، وأحكاما أخرى خاصة بالدعم العمومي الموجه لتحفيز لوائح الترشيح المقدمة من قبل الشباب من الجنسين؛ 

وحيث إن مباشرة المشرع لاختصاصه في تحديد القواعد المتعلقة بالتصريح بالترشيح، وكيفياته عبر منصة إلكترونية خاصة، باعتبار ذلك جزءا من النظام الانتخابي بمدلول الفقرة الثانية من الفصل 62 من الدستور، أتى، ميسرا للإجراءات المتعلقة بممارسة حق الترشح المكفول بمقتضى الفقرة الأولى من الفصل 30 من الدستور، ومندرجا، فيما يخص أهدافه، ضمن التزام تشريعي بتسريع التحول الرقمي في مجال الانتخابات تحقيقا للنجاعة الإدارية ومتطلبات الجودة والشفافية، التي تعد معايير تخضع لها سائر المرافق العمومية، طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 154 من الدستور، ومن بينها المرفق العام الانتخابي؛  

وحيث إنه، طبقا لأحكام الدستور، فإن تحديد نوعية التدابير التي من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية (الفقرة الأولى من الفصل 30)، وكفالة الطابع الفعلي للحقوق السياسية (الفقرة الثانية من الفصل 6) ومن بينها حق الترشح، والسعي إلى تحقيق المناصفة بين الرجال والنساء، (الفقرة الثانية من الفصل 19)، والمفاضلة والترجيح بين البدائل المختلفة، أمر يستقل المشرع بتقديره، طالما أن ذلك لا يخالف أحكام الدستور، ويتلاءم مع مقاصده؛

وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة 23 المعروضة تنص على تخصيص لوائح الترشيح برسم الدوائر الانتخابية الجهوية حصريا للنساء، دون أن يحول ذلك وحقهن في الترشح برسم المقاعد المخصصة للدوائر الانتخابية المحلية، تحقيقا للغايات الدستورية السابق بيانها، وتمييزا إيجابيا لفائدة النساء، يبرره واجب النهوض بتمثيليتهن في المؤسسات المنتخبة، في أفق تحقيق المناصفة بين النساء والرجال، مما يقتضي أن يبقى هذا التدبير، في حدود الاستثناء من النظام الانتخابي العام، وألا تطبعه صبغة الديمومة، وأن يحاط بضوابط كفيلة لتحقيق الأثر المتوخى منه، وألا يتخلف، من حيث أهدافه، عما سبق أن سنه المشرع من تدابير، سعيا متواصلا إلى تحقيق مبدأ المناصفة المشار إليه، وعملا بمبدأ تطابق القواعد القانونية المتخذة مع الهدف المتوخى منها، وهو ما تقيدت به الصيغة المعروضة؛ 

وحيث إن اشتراط إدلاء المترشحات والمترشحين المقيمين خارج تراب المملكة بنسخة من سند الإقامة ساري الصلاحية مسلم من لدن الجهة المختصة ببلد الإقامة، فضلا عن اندراجه في مجال النظام الانتخابي لأعضاء مجلس النواب، يعد من مشمولات القانون التنظيمي المتعلق بهذا المجلس طبقا للفقرة الثانية من الفصل 62 من الدستور، و يجد سنده  أيضا في أحكام الفصل 17 منه، التي أسندت للقانون، تحديد شروط وكيفيات ممارسة هذه الفئة من المواطنين لحقها في الترشح، مما يكون معه اشتراط إدلائهم، وقت إيداع التصريحات بترشيحهم بما يفيد إقامتهم في الخارج، بصفة نظامية، أمرا مبررا دستوريا؛

وحيث إن اشتراط إدلاء المترشحات والمترشحين في وضعية إعاقة، بوثيقة رسمية صادرة عن السلطة الحكومية المختصة، سارية الصلاحية تثبت هذه الوضعية، يعد شرطا يندرج ضمن النطاق الموضوعي لنظام انتخاب أعضاء مجلس النواب، ويجد سنده في أحكام الفصل 34 من الدستور التي أقرت، بصفة خاصة، الالتزام الإيجابي للسلطات العمومية، بتيسير تمتع الأشخاص في وضعية إعاقة، "بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع" ومن بينها حق الترشح، إضافة إلى باقي الحقوق الانتخابية التي يعود إلى المشرع والسلطة التنظيمية اتخاذ ترتيبات ميسرة ومعقولة بشأنها، لفائدة هذه الفئة من المواطنين؛

وحيث إن تنصيص الفقرة العاشرة من المادة المعروضة على عدم جواز "التراجع عن التزكية الممنوحة لوكيل اللائحة أو المترشح، حسب الحالة، أو سحبها بعد إيداع التصريح بالترشيح عبر المنصة الإلكترونية"، تمليه متطلبات نزاهة وشفافية العمليات الانتخابية المنصوص عليها في الفقرة الأولى من الفصل 11 من الدستور، فضلا عن ذلك، فإن الأحزاب السياسية تساهم" في التعبير عن إرادة الناخبين"، طبقا للفقرة الأولى من الفصل 7 من الدستور، وهو ما لا يتحقق إلا باختيار المترشحين لمختلف العمليات الانتخابية وضمانا لاستقرارها، وذلك إعمالا للتعاقد المعنوي بين الناخبين والهيئات السياسية التي زكت أولئك المترشحين لمهام انتدابية؛ 

وحيث إن الفقرة الحادية عشرة من المادة 23 المعروضة، تنص، بصفة خاصة، على إرفاق لوائح الترشيح والتصريحات الفردية بالترشيح، المقدمة من المترشحين بدون انتماء سياسي، بنص " مطبوع لبرنامجهم الانتخابي الذي يجب أن يتضمن تصور مترشحي اللائحة أو المترشح الفردي للعمل البرلماني، وأن يتوفر فيه شرط الجدية والقابلية للتطبيق"، و"ببيان عن مصادر تمويل حملاتهم الانتخابية، مدعم بوثيقة بنكية تثبت توفر لائحة الترشيح أو المترشح الفردي على المبالغ المرصودة للحملة الانتخابية"، واشترطت أيضا إرفاق لوائح الترشيح أو التصريحات الفردية بالترشيح بوثيقة تشتمل على توقيعات لا تقل عن مائتي توقيع  لناخبات وناخبي الدائرة الانتخابية المعنية، مع اشتراط نسبة معينة لا تقل عنها توقيعات الناخبات حسب الحالة  بالنسبة للدائرة الانتخابية المحلية، واشتراط نسبة معينة من توقيعات الناخبات والناخبين المنتسبين لكافة العمالات والأقاليم بالنسبة للدائرة الانتخابية  الجهوية مع مراعاة نسبة الناخبات المبينة في الفقرة المذكورة أعلاه؛

وحيث إن الشروط المذكورة، تندرج، من جهة أولى، ضمن ما يتطلبه الدستور من شفافية العمليات الانتخابية، علاقة بترشح غير المنتمين إلى الأحزاب السياسية بصفة خاصة، ولم تضع، من جهة ثانية، قيودا غير متناسبة على ممارسة هؤلاء لحقهم في الترشح، إذ لم تتجاوز، من حيث طبيعتها، ما هو متطلب بحكم القانون من الأحزاب السياسية، في برامجها الانتخابية من جدية وشفافية في بيان مصادر تمويلهم، ويسرت من جهة ثالثة ممارسة المترشحين من غير ذوي الانتماء الحزبي، بصفة مطردة، لحقهم في الترشح، بقصرها على النصاب المتطلب من التوقيعات على الناخبات والناخبين، واتخذت، من جهة رابعة، تدبيرا تشريعيا، يرمي إلى تحقيق المساواة بين النساء والرجال في ممارسة الحقوق السياسية وكفالة النهوض بمشاركة المواطنات والمواطنين في الانتخابات؛

وحيث إن لهذه الشروط جميعها سندا من أحكام الفصل 7 (الفقرة الأولى)، و11 (الفقرة الأخيرة)، و19 (الفقرة الأولى)، و30 (الفقرة الأولى)، و60 (الفقرة الأولى)، و70 (الفقرة الثانية) من الدستور؛

وحيث إن الفقرات 14 و15 و16 من المادة المعروضة أقرت، على التوالي، وبصفة خاصة، دعما ماليا عموميا تحفيزا للمترشحين المرتبين بالتناوب بين الجنسين برسم الدوائر الانتخابية المحلية أو الجهوية، من الفئة التي لا يزيد عمرها عن 35 سنة، سواء من ذوي الانتماء الحزبي أو بدونه، وحددت نسبة الأصوات المتطلبة من عدد الناخبين المقيدين بالدائرة الانتخابية المعنية، للاستفادة من الدعم المذكور، وأسندت إلى مرسوم تحديد شروط وكيفيات صرفه؛  

وحيث إن إنفاذ الالتزام الإيجابي للسلطات العمومية، لتحقيق توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية السياسية للبلاد، وفق ما نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل 33 من الدستور، يمكن أن يرد في صورته المتعلقة بممارسة الحقوق السياسية، ترشيحا وانتخابا بصفة خاصة، في شكل تدابير ذات طبيعة تشريعية أو تنظيمية من شأنها النهوض بمشاركة هذه الفئة من المواطنات والمواطنين، في الانتخابات، ولا سيما عبر إقرار دعم مالي عمومي يشجع المترشحات والمترشحين منهم، من ذوي الانتماء الحزبي أو بدونه، على الولوج إلى الوظائف الانتخابية، تحقيقا للديمقراطية المواطنة التي تعد من ركائز النظام الدستوري للمملكة طبقا للفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور، وللطابع التعددي للتمثيلية البرلمانية، المستفاد، بصفة خاصة، من أحكام الفقرة الثانية من الفصل الثاني والفقرة الأولى من الفصل 60 من الدستور؛   

وحيث إنه، بناء على ما سبق بيانه، فإن اختيار تدبير تشريعي معين والمفاضلة بين تدابير عدة ممكنة، تحقيقا للغايات الدستورية المذكورة، أو لكفالة الطابع الفعلي لممارسة الشباب لحقوقهم السياسية، ومنها الانتخابية، أمر يستقل المشرع بتقديره، طالما أن ذلك لم يخالف أحكام الدستور، ولم يتعارض مع القواعد القانونية المتخذة للهدف المتوخى منها، وهو ما تحقق في الفقرات 14 و15 و16 من المادة المعروضة؛

وحيث إنه، تبعا لذلك ليس في المادة 23، ما يخالف الدستور؛ 

فيما يخص المادة 24 (الفقرة الأخيرة):

حيث إن ما نصت عليه الفقرة الأخيرة المضافة إلى المادة 24 المعروضة، من أنه:   " في حالة ضبط أحد المترشحين متلبسا بارتكاب جناية أو جنحة، وفق أحكام البند 5 من المادة 6 من هذا القانون التنظيمي، وجب رفض لائحة الترشيح المعنية أو إلغاؤها حسب الحالة" ليس فيه ما يخالف الدستور، لذات التعليل الذي بمقتضاه عُدّ البند 5 من المادة 6 من القانون التنظيمي المعروض مطابقا للدستور، وفق ما تم بيانه أعلاه، ذلك أنه متى كانت حالة التلبس بارتكاب جناية أو إحدى الجنح المبينة في البند المذكور، مانعا من موانع أهلية الترشح، ترتب على ذلك، رفض لائحة الترشيح المعنية، أو إلغاؤها بعد تسلم لائحة الترشيح للوصل النهائي؛  

وحيث إن مدلول "إلغاء" لائحة الترشيح المعنية الذي تقرر بقوة القانون، كما هو وارد في الفقرة الأخيرة من المادة المعروضة، لا ينصرف إلى الإلغاء الذي يتقرر بحكم قضائي، وإنما إلى عدم الاعتداد بلائحة الترشيح المعنية متى ضبط أحد مترشحيها متلبسا بارتكاب جناية أو جنحة بعد تسلمه الوصل النهائي، وفق أحكام البند 5 من المادة 6 من القانون التنظيمي، في باقي مراحل العملية الانتخابية اللاحقة على تسلم لائحة الترشح للوصل النهائي، وفي أي من المراحل المتزامنة لوقوع حالة التلبس؛ 

وحيث إنه تبعا لذلك ليس في المادة 24 (الفقرة الأخيرة)، ما يخالف الدستور؛ 

فيما يخص المواد من 38 الى 69:
 
حيث إن المواد 38 و39 و40 و41 و42 و43 و45 و46 و48 (الفقرة الأولى) و49 و50 و51 و52 (الفقرة الأولى) و53 و54 و55 و56 و57 و58 و59 و62 و63 و64 و65 و66 و67 و68 و69 (الفقرتان الثانية والثالثة)، تنص حسب الحالة على الرفع من العقوبات السالبة للحرية والغرامات المالية، وعلى استحداث جرائم جديدة، وعلى إعادة تكييف جرائم من جنح الى جنايات، وتنص على عدم إمكانية الحكم بالعقوبات البديلة بخصوص الجنح المرتكبة بمناسبة انتخاب أعضاء مجلس النواب، وعلى تحديد مفهوم الجرائم المماثلة في حالة العود، وعلى ملاءمة أجل تقادم الدعوى العمومية والدعوى المدنية فيما يخص ارتكاب إحدى الجرائم الانتخابية مع القواعد العامة المعمول بها؛ 

وحيث إنه، يبين من فحص أحكام المواد المذكورة أعلاه، أن المشرع بتحديده لقواعد زجرية خاصة بالعملية الانتخابية عمد إلى تشديد العقوبات المطبقة على الجرائم المرتكبة بمناسبة انتخاب أعضاء مجلس النواب وإلى عدم إمكانية الحكم بالعقوبات البديلة فضلا عن تحديد مفهوم الجرائم المماثلة في حالة العود، وذلك إعمالا لأحكام الفصل 11 من الدستور فيما تنص عليه من أن الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي؛  

وحيث إن المشرع لما حدد الأفعال التي تستوجب الإدانة وكذا العقوبات المطبقة عليها، لم يتجاوز في إقراره لتلك العقوبات مبدأ التناسب فيما بينها وبين الجرائم المرتكبة بمناسبة الانتخابات؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، ليس في المواد المعروضة، ما يخالف الدستور؛ 

فيما يخص المادة 72 (الفقرات الثانية والثالثة والرابعة):

حيث إن الفقرات الثانية والثالثة والرابعة من هذه المادة، في صيغتها المعروضة، استحدثت بالنسبة للتصويت في الاقتراع إجراءات جديدة لإنجاز الوكالة بواسطة منصة إلكترونية خاصة، وأتاحت إمكانية إرسال نسخة من الوكالة المحملة من المنصة، من قبل الناخب الموكل إلى الناخب الوكيل، وأقرت آلية جديدة للتحقق من صحة الوكالة المدلى بها من طرف الناخب للوكيل؛

وحيث إن الأحكام المعروضة تروم التيسير المطرد لممارسة المغاربة المقيمين في الخارج لحقهم في التصويت، وفق الغاية المقررة في الفصل 17 من الدستور، والنهوض بمشاركة هذه الفئة من المواطنات والمواطنين في الانتخابات، وفق الالتزام الإيجابي المقرر على السلطات العمومية وتعزيز شفافية الانتخابات التي تعد أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي، طبقا للفقرتين الأولى والأخيرة من الفصل 11 سالف الذكر، كما تندرج، فيما يخص أهدافها، ضمن متطلبات الجودة والشفافية طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 154 من الدستور، التي يخضع لها المرفق العام الانتخابي؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، ليس في الفقرات الثانية والثالثة والرابعة، من المادة المذكورة، ما يخالف الدستور؛ 

فيما يخص المادة 87:

حيث إن الصيغة المعدلة من هذه المادة أسندت اختصاص النظر في الطعون المتعلقة برفض الترشيحات إلى المحاكم الابتدائية الإدارية، بعد أن كانت تختص بها المحاكم الابتدائية، وأقرت إمكانية الطعن في أحكام المحكمة المذكورة أمام محكمة النقض، وحددت  آجالا وقواعد لتبليغ الأحكام والقرارات الصادرة عن الجهتين القضائيتين المعنيتين، كما نصت على اعتبار عدم بت محكمة النقض داخل أجل أربع وعشرين ساعة (24) بمثابة رفض للطعن المقدم أمامها مما يترتب عنه تنفيذ الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية الإدارية، وعلى عدم جواز المنازعة في تصريح بالترشيح تم قبوله من لدن السلطة المكلفة بتلقي الترشيحات؛

وحيث إن تخويل الطرف الذي رفض ترشيحه إمكانية الطعن في القرار الصادر عن السلطة الإدارية المكلفة بتلقي الترشيحات أمام القضاء الإداري المختص وإمكانية الطعن في الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية الإدارية بهذا الخصوص أمام محكمة النقض يعد ضمانة قضائية متاحة قانونا في إطار المنازعات المتصلة بالترشيح؛

وحيث إن آجال الطعن وكيفيات التبليغ واعتبار عدم بت محكمة النقض داخل أجل أربع وعشرين ساعة (24) بمثابة رفض للطعن المقدم أمامها، وإن كانت مبررة بمتطلبات تسلسل مراحل العملية الانتخابية في مدة محددة، وضمان استقرار المراكز القانونية لباقي المترشحين وبوحدة العملية الانتخابية المستفادة من ورود الانتخاب بصيغة المفرد في الفقرة الأولى من الفصل 62 من الدستور، فإنه يبقى من حق أطراف العملية الانتخابية الانتصاف أمام المحكمة الدستورية بمناسبة الطعن في صحة هذه العمليات طبقا لأحكام المادة 89 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، ولهذه المحكمة بسط نظرها على الأعمال السابقة والممهدة للاقتراع بمناسبة بتها في صحة انتخاب أعضاء البرلمان، بمقتضى أحكام الفقرة الأولى من الفصل 132 من الدستور؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، ليس في المادة 87 في صيغتها المعروضة، ما يخالف الدستور؛ 
   
فيما يخص المادة 96 (الفقرة الأخيرة):

حيث إن الفقرة الأخيرة من هذه المادة تنص بصفة خاصة، على أنه:
" يجب على وكيل كل لائحة ترشيح أو كل مترشح، حسب الحالة، تلقى مبالغ من الحزب السياسي الذي ترشح باسمه والتي يعود مصدرها إلى المساهمة التي منحت للحزب المذكور من طرف الدولة لتمويل حملته الانتخابية، أن يقوم بتبرير صرف المبالغ المذكورة للغايات التي منحت من أجلها لدى المجلس الأعلى للحسابات أو إرجاعها إلى الخزينة. ويعتبر عدم تبرير صرف المبالغ المذكورة أو عدم إرجاعها إلى الخزينة اختلاسا للمال العام يعاقب عليه طبقا للتشريع الجاري به العمل."؛

وحيث إن الدعم المالي الذي تخصصه الدولة للأحزاب السياسية، برسم المساهمة في تمويل حملاتها الانتخابية، يعد مالا عاما موجها لتحقيق المهمة المسندة لها في مساهمة هذه الأحزاب في التعبير عن إرادة الناخبين والمشاركة في ممارسة السلطة بمقتضى الفصل 7 من الدستور، مما لا يصح معه توجيهه لغير هذه الغاية؛

وحيث إن مسؤولية السهر على صرف المساهمة الممنوحة من قبل الدولة للأحزاب السياسية لتمويل حملتها الانتخابية، مشتركة بين هذه الأحزاب السياسية والمترشحين الذين ترشحوا باسمها؛

وحيث إنه يعود إلى المشرع، بمناسبة إقرار القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، اتخاذ تدابير تروم حماية صرف المال العام وتعزيز الرقابة عليه، سواء بالتنصيص على وجوب تبرير أوجه صرفه لدى المجلس الأعلى للحسابات المنوط به دستوريا فحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية (الفقرة الأخيرة من الفصل 147 من الدستور)، أو إرجاع المبالغ المعنية إلى الخزينة، وأن عدم تبرير صرف المبالغ المذكورة أو عدم إرجاعها إلى الحزينة، يُعد اختلاسا للمال العام يعاقب عليه طبقا للقانون، وذلك تخليقا للممارسة الانتخابية، وإعمالا لمبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة التي تعد من مرتكزات النظام الدستوري للمملكة؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، تكون هذه الفقرة الأخيرة من المادة 96 المعروضة، ليس فيها ما يخالف الدستور؛ 

في شأن المادة الثانية:

فيما يخص المادة 51 المكررة:

حيث إن هذه المادة المتممة للقانون التنظيمي المعروض تنص على أنه: 
" يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من 50.000 إلى 100.000 درهم كل من بث أو وزع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته، دون موافقته، أو نشر أو أذاع أو نقل أو بث أو وزع خبرا زائفا أو ادعاءات أو وقائع كاذبة أو مستندات مختلقة أو مدلس فيها بقصد المساس بالحياة الخاصة لأحد الناخبين أو المترشحين أو التشهير بهم، بأي وسيلة بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي أو شبكات البث المفتوح أو أدوات الذكاء الاصطناعي أو أي منصة إلكترونية أو تطبيق يعتمد على الأنترنيت أو الأنظمة المعلوماتية.   
يعاقب بنفس العقوبة كل من قام، بأي وسيلة بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي أو شبكات البث المفتوح أو أدوات الذكاء الاصطناعي أو أي منصة إلكترونية أو تطبيق يعتمد على الانترنت أو الأنظمة المعلوماتية، بصناعة محتوى يشتمل على مضمون كاذب أو مزيف بقصد المساس بنزاهة وصدق العمليات الانتخابية."؛

وحيث إن الدستور ينص في الفقرة الخامسة من الفصل 11 منه، على أنه: "كل شخص خالف المقتضيات والقواعد المتعلقة بـ...صدق...العمليات الانتخابية يعاقب على ذلك بمقتضى القانون"، وفي الفقرة الأولى من الفصل 24 منه، على أن: "لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة"، وفي الفقرة الأولى من الفصل 25 منه، على أن: "حرية... التعبير مكفولة بكل أشكالها"، وفي الفقرة الأولى من الفصل 132 منه، على أن المحكمة الدستورية "تبت ...في صحة انتخاب أعضاء البرلمان..."؛

وحيث إنه، من جهة أولى، فإن ضمان صدق العمليات الانتخابية، باتخاذ مقتضيات تشريعية من شأنها زجر المناورات التدليسية التي تهدف إلى تضليل الناخبين والتأثير على إرادتهم، ولاسيما بصناعة ونشر محتويات كاذبة أو مزيفة، ومن جهة ثانية، أن نطاق الحماية القانونية للحق في الحياة الخاصة، المكفول بمقتضى الدستور، يشمل أيضا الأعمال المندرجة في الدعاية الانتخابية، ومن جهة ثالثة، أن احتدام التنافس الذي يطبع الحملات الانتخابية يجب أن لا ينحرف عن ضوابط احترام كرامة الآخرين، التي يتعين أن تحكم حرية التعبير والنقد المسموح بهما في ممارسة الدعاية الانتخابية،  كيفما كانت طبيعة الدعامات وشكلها ووسائل التواصل المستعملة في هذه الدعاية، والمواد والمحتويات المنشورة عبرها، ومن جهة رابعة، أن العمليات الانتخابية المجراة وفق القانون، محمولة على قرينة الصحة والنظامية، مما يترتب عنه أن المنازعة في نتائجها تتم أمام القضاء الانتخابي المختص، وهي المحكمة الدستورية في حالة القانون التنظيمي المعروض، ووفق الأوضاع الإجرائية المقررة في القانون، وأنه يقع على عاتق الطرف الذي ينازع في العملية الانتخابية المعنية الإدلاء بما يراه إثباتا لمآخذه بشأنها، بمناسبة دعاوى انتخابية، إنفاذا لضمانة التقاضي في المادة الانتخابية المكفولة بموجب الدستور، والمنظمة بالقانون؛  

وحيث إن أحكام المادة 51 المكررة المتخذة عملا بأحكام الدستور التي سبق بيانها، حددت العناصر التكوينية للجرائم الانتخابية التي أتت لزجرها، كما اندرج هذا التحديد ضمن الغايات والأهداف الدستورية التي اتخذت من أجلها، وراعى، فيما يخص القصد الجنائي، متطلبات حماية الحياة الخاصة، وصدق ونزاهة العمليات الانتخابية، كيفما كانت الدعامات والأدوات المستعملة في الدعاية الانتخابية، ولم يمس بحرية الصحافة المكفولة بمقتضى الفصل 28 من الدستور، ولا بالأنشطة الصحفية المهنية المشروعة التي تمارس بحسن نية وتستند إلى التحقق من المعلومة؛

وحيث إن أحكام المادة 51 المكررة مبررة بغاية مشروعة، واستوفت متطلبات الضرورة في تحديد الجرائم والتناسب في الجزاء المطبق عليها، مما تكون معه المادة المعروضة غير مخالفة للدستور؛ 

في شأن المادة الثالثة (الفقرة الأخيرة):

حيث إن الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة تنص، على أنه:
"تطبق أحكام هذا القانون التنظيمي على انتخابات أعضاء مجلس النواب المقبل التي ستجرى بعد تاريخ نشر هذا القانون التنظيمي في الجريدة الرسمية"؛

وحيث إنه، يحق للمشرع، استثناء من قاعدة الأثر الفوري للقانون، أن يرجئ تنفيذ أحكام تشريعية إلى تاريخ لاحق، بداعي تدبير أوضاع قانونية محددة في الزمان يمليها ضمان حسن سير المؤسسة التشريعية القائمة في ظل الولاية التشريعية الحالية لمجلس النواب، مما تكون معه الفقرة الأخيرة المذكورة غير مخالفة للدستور؛ 
      
 وحيث إن باقي أحكام مواد القانون التنظيمي المعروض ليس فيها ما يخالف الدستور؛ 

لهذه الأسباب:

أولا- تصرح بأن القانون التنظيمي رقم 53.25 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، ليس فيه ما يخالف الدستور؛

ثانيا- تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية.

وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الأربعاء 3 رجب 1447 
(24 ديسمبر 2025) 

الإمضاءات
 
محمد أمين بنعبد الله


عبد الأحد الدقاق                       محمد بن عبد الصادق                    محمد الأنصاري                       

 لطيفة الخال             الحسين اعبوشي             محمد علمي                خالد برجاوي

أمينة المسعودي           نجيب أبا محمد            محمد قصري               محمد ليديدي