المملكة المغربية الحمد لله وحده
المجلس الدستوري
ملف رقم : 2000/464
قرار رقم : 2000/382 م. د
باسم جلالة الملك
المجلس الدستوري ،
بعد اطلاعه على القانون رقم 97-15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية الذي أحاله السيد الوزير الأول رفقة كتابه المسجل بالأمانة العامة للمجلس في 15 فبراير 2000 ، وذلك من أجل البت في مدى دستورية أحكام المادة 142 منه عملا بمقتضيات الفصل 81 من الدستور والفقرة الأولى من المادة 22 من القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري ؛
وبعد اطلاعه على الوسائل الواردة في كتاب السيد الوزير الأول المتعلقة بعدم مطابقة أحكام المادة 142 المذكورة للدستور ؛
وبناء على الدستور ، خصوصا الفصول 12 و37 و38 و46 و81 منه ؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري ، كما وقع تغييره وتتميمه ، خصوصا الفقرة الأولى من المادتين 22 و23 منه ؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛
حيث إن المادة 142 من القانون 97-15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية المعروضة على أنظار المجلس الدستوري تتضمن فقرتين: تنص الأولى على أنه "يعتبر في حالة التنافي لممارسة مهمة رسمية أو تمثيلية كل من لم يؤد ديونا عمومية مستحقة عليه بمقتضى سند تنفيذي ، والتي ليست موضوع منازعة" وتضيف الثانية أنه "ترفع حالة التنافي بعد أداء المبالغ المستحقة" ؛
فيما يتعلق بالوسيلة المثارة تلقائيا ، المتخذة من أن المشرع لم يمارس كل ما يخوله له اختصاصه :
حيث إن الفصل 12 من الباب الأول من الدستور ينص على "أنه يمكن لجميع المواطنين أن يتقلدوا الوظائف والمناصب العمومية وهم سواء فيما يرجع للشروط المطلوبة لنيلها" وأن الفصل 46 من نفس الدستور ينص في المقطع الأول من فقرته الأولى على أن القانون يختص بالتشريع في مجال "الحقوق الفردية والجماعية المنصوص عليها في الباب الأول" ؛
وحيث إنه يستخلص من هذه النصوص أن الإمكانية المخولة لجميع المواطنين في تقلد الوظائف والمناصب العمومية تعد من الحريات العامة التي يكرسها الدستور وأن كل استثناء لهذا الحق ، كما هو الشأن عند إحداث حالة من التنافي بين وضعية معينة وتقلد الوظائف والمناصب العمومية ، هو من اختصاص المشرع ويجب أن يكون محدودا في مداه ومحددا في مجال تطبيقه ومدققا بالنسبة لشروط إعماله ومبررا بالمتطلبات القانونية والوظيفية الخاصة بمزاولة المهام الناتجة عن تقلد الوظائف والمناصب العمومية ، كما عليه أن يكون متلائما مع المبادئ المنصوص عليها في الدستور أو التي لها قيمة دستـورية ؛
وحيث إنه يبين من تحليل لأحكام المادة 142 المذكورة ومن الاطلاع على فحوى الأعمال التحضيرية لها أن المشرع عندما أحدث أحوالا للتنافي بين وضعية الشخص الذي لم يؤد ديونا عمومية مستحقة ومزاولة مهمة رسمية أو تمثيلية وبررها بضرورة "تخليق الحياة العامة" فإنه لم يضمن هذا العمل القانوني القواعد الجوهرية التي كان عليه سنها بالنظر لطبيعة المادة وصفة الاختصاص الممنوحة له من لدن الدستور إذ لم يحدد ماهية كل من المهمة الرسمية والتمثيلية واكتفى بمقابلتهما ولم يذكر أصناف كل منهما التي تندرج ضمن أحوال التنافي ، كما أنه لم يحدد القواعد الإجرائية التي يتم التصريح بمقتضاها بحالة التنافي ولا الجهة أو الجهات المؤهلة لذلك والتي يجب أن تتوافر فيها شروط الحياد والنزاهة التي تجنب كل تعسف وتضمن استقلال المؤسسة التشريعية في إطار فصل السلط مع احترام الصلاحيات المخولة للمؤسسات الدستورية ، كما أنه لم يتعرض للجهات المخول لها المطالبة بالتصريح بالتنافي ولا الكيفية التي سيتم بها تزويد هذه الجهات من طرف السلطة التنفيذية بالمعلومات الضرورية لإعمال صلاحيتها بكل تجرد ؛
وحيث ، إنه بالإضافة إلى ما سلف ، فإن الأحكام المعروضة على أنظار المجلس الدستوري لم تشر بدقة إلى الجزاء المترتب عن التصريح بالتنافي ، وأنه قد يفهم من الفقرة الثانية من المادة 142 المذكورة التي تنص على أنه "ترفع حالة التنافي بعد أداء المبالغ المستحقة" أن التصريح المذكور يترتب عليه مجرد تعليق لمزاولة المهمة الرسمية أو التمثيلية في انتظار تسديد الدين العمومي ، الأمر الذي يكون مخالفا لمبدأ استمرارية المرافق العمومية ؛
وحيث إنه يتضح من كل ما سبق أن المشرع لم يمارس في النازلة كل ما يخوله إياه اختصاصه إذ لم يشر إلى القيود اللازمة لحصر استثناء لحرية عامة في حدود معينة مضبوطة ، كما أنه لم يرفق إحداث حالة التنافي المذكورة بالضمانات القانونية التي من شأنها حماية المبادئ الدستورية ، الأمر الذي تكون معه أحكام المادة 142 مخالفة للدستور ؛
في شأن المأخذ المتعلق بعدم مراعاة أحكام الفقرة الثانية من الفصلين 37 و38 من الدستور:
حيث إن أحكام الفقرة الثانية من الفصل 37 من الدستور تنص على أن أحوال التنافي المتعلقة بعضوية مجلس النواب تحدد بقانون تنظيمي وأن الفقرة الثانية من الفصل 38 من الدستور تتضمن أحكاما مماثلة بالنسبة للعضوية بمجلس المستشارين ؛
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أحكام المادة 142 المعروضة على أنظار المجلس الدستوري وعلى باقي مواد القانون رقم 97-15 المومأ إليه أعلاه أنها لم تستثن من نطاق المهمات التمثيلية المصرح بتنافي مزاولتها مع صفة الشخص الذي لم يؤد ديونا عمومية مستحقة ، عضوية كل من مجلسي النواب والمستشارين ؛
وحيث إن أحكام المادة 142 السالفة الذكر تكون بورودها في قانون عادي مخالفة للدستور ،
لهذه الأسباب
ومن غير حاجة إلى التعرض إلى باقي المآخذ الواردة في الإحالة
أولا: يصرح بأن أحكام المادة 142 من القانون رقم 97-15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية غير مطابقة للدستور ؛
ثانيا: يصرح بأن المادة 142 المذكورة يمكن فصلها عن باقي أحكام القانون رقم 97-15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية ؛
ثالثا: يأمر بتبليغ قراره هذا إلى السيد الوزير الأول وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الأربعاء 8 ذي الحجة 1420 (15 مارس 2000)
الإمضاءات
عبد العزيز بن جلون
محمد الودغيري إدريس العلوي العبدلاوي السعدية بلمير هاشم العلوي
حميد الرفاعي عبد اللطيف المنوني عبد القادر العلمي إدريس لوزيري
محمد تقي الله ماء العينين محمد معتصم