المملكة المغربية الحمد لله وحده
المجلس الدستوري
ملف رقم : 2000/478
قرار رقم : 2000/408 م. د
باسم جلالة الملك
المجلس الدستوري ،
بعد اطلاعه على الرسالة المسجلة بأمانته العامة في 23 أغسطس 2000 التي يطلب السيد الوزير الأول بمقتضاها من المجلس الدستوري التصريح على وجه الاستعجال بأن الأحكام المضمّنة في كل من الجملة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 38 من القانون التنظيمي رقم 97-32 المتعلق بمجلس المستشارين والفقرة الأخيرة من المادة 39 من نفس القانون التنظيمي لا تدخل في مجال القانون بالرغم من ورودها في نص تشريعي من حيث الشكل ، بل تندرج ضمن اختصاصات السلطة التنظيمية ويمكن بناء على ذلك تغييرها بمرسوم ؛
وبناء على الدستور ، خصوصا الفصول 38 و48 و58 و81 منه ؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري ، كما وقع تغييره وتتميمه ، وخصوصا المادتين 25 و26 منه ؛
وبناء على قرار المجلس الدستوري رقم 97/125 في شأن القانون التنظيمي رقم 97-32 المتعلق بمجلس المستشارين؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛
حيث إن الأحكام المطلوب فحص طبيعتها القانونية على ضوء الفصل 48 من الدستور مُضمّنة في الجملة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 38 من القانون التنظيمي رقم 97-32 المتعلق بمجلس المستشارين التي تنص على ما يلي: "وحسب نوعية الاقتراع يتعين على الناخب أن يأخذ إما ورقة خاصة بكل مرشح أو ورقة خاصة بكل لائحة" ، وفي الفقرة الأخيرة من المادة 39 من نفس القانون التنظيمي التي تنص على أنه "إذا اشتمل غلاف على عدة أوراق تصـويت ، تُلغى كلها إذا كانت للوائح مختلفة أو لمرشحين مختلفين ، وتعد بصوت واحد إذا كانت للائحة واحدة أو لمرشح واحد" ؛
وحيث إن الفصل 38 من الدستور أوكل في فقرته الثانية إلى قانون تنظيمي مهمة تحديد نظام انتخاب أعضاء مجلس المستشارين الذي يشمل الأحكام المتعلقة بتحديد من له صفة الناخب ، وشروط تقديم الترشيحات ، والأعمال الممهدة لإجراء التصويت وتنظيم الدعاية الانتخابية ، وطريقة الاقتراع ومسار العمليات الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها وكل القواعد التي من شأنها بلورة المبادئ الدستورية أو التي لها قيمة دستورية والتي من المفروض أن يرتكز عليها كل اقتراع يتوخى النزاهة والصدق ؛
وحيث إن هذا التكليف من طرف الدستور ، المثبت في الفقرة الثانية من الفصل 38 المذكور ، يجعل مبدئيا كل الأحكام المتعلقة بنظام انتخاب أعضاء مجلس المستشارين مندرجة في مجال القانون التنظيمي ، غير أن هذا الأخير يمكنه ، بالنسبة لمواد محدودة منه ليس لها طابع جوهري أو التي تتعلق بتفاصيل لها صبغة تطبيقية ، أن يسند الصلاحية فيها إلى السلطة التنظيمية ، شريطة أن يكون الإطار القانوني لكل من هذا التفويض ومحتواه العام مدققا ومراعيا للمبادئ الدستورية ؛
وحيث إنه ، تبعا لذلك ، يكون من المهام الأساسية للمجلس الدستوري ، عند مراقبة دستورية القانون التنظيمي التأكد من أن المشرع قد مارس كامل اختصاصاته الجوهرية المخولة له بمقتضى الدستور وأنه لم يقع تفويتها كليا أو جزئيا إلى السلطة التنظيمية ، على أن التفويض المشار إليه سابقا وإن كان يوسع من صلاحيات السلطة التنظيمية بالنسبة لمواد محددة فإنه لا يوسع من مجالها الخاص الذي أقره الدستور ؛
وحيث إن القانون التنظيمي رقم 97-32 المتعلق بمجلس المستشارين المتخذ عملا بأحكام الفصل 38 من الدستور قد أقر ضمن الجملة الأخيرة من الفقرة الأولى من مادته 38 مبدأ تطابق عدد أوراق التصويت مع عدد المرشحين وعدد اللوائح الانتخابية ورتب على ذلك نتائج تتعلق بضبط عملية فرز الأصوات وبالقواعد الواجب اتباعها لتقييم صحة أو بطلان أوراق التصويت ، ضمنها في الفقرة الأخيرة من مادته 39 ، كما أنه أسند في مادته 32 إلى السلطة التنظيمية صلاحية تحديد شكل ورقة التصويت ومضمونها وحجمها على أساس الالتزام بالأحكام المقررة في مادتيه 38 و39 ؛
وحيث إن المجلس الدستوري الذي سبق له أن فحص دستورية القانون التنظيمي رقم 97-32 المومأ إليه أعلاه بمقتضى أحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 58 من الدستور وأصدر في شأنه قراره رقم 97/125 ، عندما صرح بمطابقته للدستور بما في ذلك الفصل 48 منه ، فإنه أكد في نفس الوقت اختصاص القانون التنظيمي المذكور في إقرار مبدأ تطابق عدد أوراق التصويت مع عدد المرشحين وعدد اللوائح الانتخابية مع ما يترتب على ذلك من نتائج على سير عملية الفرز وصحة أوراق التصويت وبالتالي على حقوق الناخبين وصدق الاقتراع وكذا صلاحية السلطة التنظيمية في تتميم المقتضيات المذكورة من القانون التنظيمي بتحديد شكل ورقة التصويت ومضمونها وحجمها ، ولا يجوز في هذا المنظور لصلاحية السلطة التنظيمية المنصوص عليها في المادة 32 من القانون التنظيمي المذكور أن تمتد إلى تغيير الأحكام موضوع المادتين 38 و39 من نفس القانون التنظيمي ؛
وحيث إن أحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 81 من الدستور تنص على أن قرارات المجلس الدستوري لا تقبل "أي طريق من طرق الطعن ، وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية" ، الأمر الذي يضفي على هذه القرارات حجية مطلقة ويحول بالتالي دون إعادة النظر فيها ؛
وحيث إنه ، والحالة هذه ، يكون أي طلب يرمي إلى القضاء بكون بعض أحكام القانون التنظيمي رقم 97-32 المومأ إليه أعلاه لا تدخل في مجال القانون بالرغم من ورودها في نص تشريعي من حيث الشكل من شـأنه أن يتضمن ، في حد ذاته ، طلبا ضمنياً بإعـادة النظر في قرار المجلس الدستوري رقم 97/125 المذكور ويؤدي إلى فحص جديد لدستورية القانون التنظيمي رقم 97-32 المشار إليه أعلاه ؛
وحيث إنه ، تأسيسا على الاعتبارات السابقة الذكر ، لا محل لفحص جديد لدستورية القانون التنظيمي رقم 97-32 المومأ إليه أعلاه ،
لهذه الأسباب
أولا : يصرح بسبق بت المجلس الدستوري في مطابقة أحكام القانون التنظيمي رقم 97-32 المتعلق بمجلس المستشارين للدستور بمقتضى قراراه رقم 97/125 المكتسب لحجية الأمر المقضي ويقضي برفض الطلب الرامي إلى التصريح بأن الأحكام المُضمَّنة في كل من الجملة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 38 من القانون التنظيمي رقم 97-32 المتعلق بمجلس المستشارين والفقرة الأخيرة من المادة 39 من نفس القانون التنظيمي تدخل في اختصاصات السلطة التنظيمية بالرغم من ورودها في نص تشريعي من حيث الشكل ؛
ثانيا : يأمر بتبليغ قراره هذا إلى السيد الوزير الأول وبنشـره في الجريدة الرسمية .
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الثلاثاء 28 جمادى الأولى 1421
(29 أغسطس2000)
الإمضاءات
عبد العزيز بن جلون
محمد الودغيري إدريس العلوي العبدلاوي السعدية بلمير هاشم العلوي
حميد الرفاعي عبد اللطيف المنوني عبد الرزاق الرويسي عبد القادر العلمي
إدريس لوزيري محمد تقي الله ماء العينين محمد معتصم