المملكة المغربية الحمد لله وحده
المجلس الدستوري
ملف رقم : 93/780 و93/781
قرار رقم : 95/77 م د
باسم جلالة الملك
المجلس الدستوري ،
بناء على الدستور خصوصا الفصل 79 منه ؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري خصوصا المادة 43 منه ؛
وبناء على الفصـول 23 و24 و25 و27 من الظهير الشـريف رقم 176-77-1 الصادر في 20 من جمادى الأولى 1397 (9 ماي 1977) المعتبر بمثابة القانون التنظيمي المتعلق بالغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى ؛
وبناء على الظهير الشـريف رقـم 177-77-1 الصـادر في 20 مـن جمـادى الأولى 1397 (9 ماي 1977) المعتبر بمثابة القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس النواب وانتخاب أعضائه ، كما تم تغييره وتتميمه ؛
وبعد الاطلاع على العريضتين المسجلتين بكتـابة الغـرفة الدستـورية بالمجلس الأعلـى بتـاريخ 8 يوليو 1993 اللتين قدمهما السيد محمد الشهبي والسيد عبد الله السرحاني ـ بصفتهما مرشحين ـ ملتمسا كل منهما ، من جهة ، إبطال انتخاب السيد علي القاسمي عضوا بمجلس النواب ، على إثر الاقتراع الذي أجري يوم 25 يونيو 1993 بدائرة زاوية سيدي إسماعيل (إقليم الجديدة) ومن جهة ثانية ، تصحيح نتيجة الاقتراع المذكور وإعلان فوز الطاعن محل المطعون في انتخابه ؛
وبعد الاطلاع على المذكرات الجوابية المسجلة بكتابة الغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى في 24 و25 أغسطس 1993 ؛
وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها ؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛
حيث إن الطعنين المشار إليهما أعلاه يتعلقان بنفس العملية الانتخابية ، الأمر الذي ينبغي معه ضمهما والفصل فيهما بقرار واحد ؛
في شأن المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية :
حيث إن هذه المآخد تتلخص في كون المطعون في انتخابه لجأ إلى وسائل شتى لحمل الناخبين على التصويت لفائدته كإقامة الحفلات والمآدب (1) وبذل المال (2) وقيام مناصريه بتهديد الناخبين (3) ومواصلته حملته الانتخابية يوم الاقتراع (4) .
لكن ،
1 ـ حيث إنه لم يقع الإدلاء بأدنى حجة على كون المطعون في انتخابه قام بتنظيم حفلات أو مآدب قصد إغراء الناخبين وحملهم على التصويت لفائدته ؛
2 ـ حيث إن ادعاء بذل المال استند إلى إفادة واحدة من ممثل الطاعن السيد عبد الله السرحاني تشير ، من جهة ، إلى إقدام خال المطعون في انتخابه على إغراء الناخبين بالمال لحملهم على التصويت لصالح ابن أخته ، ومن جهة أخرى ، إلى كون ممثل المطعون في انتخابه بمكتب التصويت كان يخرج من هذا المكتب للقيام بالدعاية للمرشح الذي يمثله وتقديم إغراءات مالية للتصويت لصالحه ، وهي تصريحات تعوزها الدقة ؛
3 ـ حيث إن الإفادة المدلى بها لإثبات واقعة تهديد الناخبين بالسلاح الأبيض لا يمكن كذلك الركون إليها لعدم بيانها مكان وزمان هذه الواقعة وأسماء الأشخاص الذين كانوا محل التهديد ؛
4 ـ حيث إن ما وقع الإدلاء به لإثبات استمرار الحملة الانتخابية يوم الاقتراع هو ، من جهة ، إفادة ممثل الطاعن المشار إليها في الفقرة الثانية أعلاه وقد تقدم بيان ما يشوبها من عدم الدقة ، ومن جهة ثانية ، إفادة شخص آخر يستفاد منها وقوع نزاع يوم الاقتراع بين ممثل أحد المرشحين وممثل للمطعون في انتخابه كان كثير الخروج من مكتب التصويت لحمل الناخبين على التصويت لهذا الأخير ؛
وحيث إن هذه الإفادة الأخيرة لا يمكن الاعتماد عليها لعدم دقتها إذ لم يشر فيها إلى هوية الشخص المنسوب إليه القيام بالدعاية يوم الاقتراع ولا إلى موقع مكتب التصويت الذي كان يمثل فيه المطعون في انتخـابه ، فضلا عن كونها اقتصرت على رواية صاحبها لوقوع نزاع بين ممثلي مرشحين ؛
وحيث إنه يبين مما سلف ذكره أن المآخد المتعلقة بالحملة الانتخابية غير جديرة بالاعتبار ؛
في شأن المآخذ المتعلقة بتدخل السلطة المحلية :
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى إقصاء مجموعة من رجال التعليم من رئاسة مكاتب التصويت واستبدالهم ببعض موظفي وزارة الداخلية والجماعات المحلية (1) وفي إقامة بعض مكاتب التصويت في أماكن غير التي سبق أن أقيمت فيها مكاتب التصويت للانتخابات الجماعية (2) وفي حرمان عدد كبير من الناخبين من بطاقاتهم الانتخابية ومنعهم بالتالي من حقهم في التصويت (3) وفي مضايقة الطاعن السيد عبد الله السرحاني أثناء الحملة الانتخابية وبعدها وتهديد بعض أعضاء مكاتب التصويت (4) .
لكن ،
1 ـ حيث إن تعيين رؤسـاء مكـاتب التصـويت من بين أعـوان الدولة والجمـاعات المحلية يدخل ضمن الصلاحيات المخولة لعامل الإقليم بمقتضى الفقرة الأولى من الفصل 30 من الظهير الشريف رقم 177-77-1 المشار إليه أعلاه ؛
2 ـ حيث إن إحداث مكاتب التصويت الخاصة بالانتخابات التشريعية في غير الأماكن التي سبق أن تم فيها الاقتراع لانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الحضرية والقروية ليس فيه أي مخالفة للقانون ؛
3 ـ حيث إن ادعاء عدم تسليم بعض الناخبين بطاقاتهم الانتخابية استند ـ من جهة ـ إلى ما ورد في محضر مكتب التصويت رقم 10 بجماعة الشعيبات ومحضر مكتب التصويت رقم 8 بجماعة أولاد فرج من أن 56 بطاقة ناخب في المكتب الأول و20 بطاقة ناخب في المكتب الثاني لم يتسلمها أصحابها وظلت بالمكتبين المذكورين ن كما اعتمد ـ من جهة ثانية ـ على إفادة مضمنها أن عددا من الناخبين لم يسلموا بطاقاتهم الانتخابية وعندما جاءوا إلى مكتب التصويت رقم 3 بجماعة سيدي حساين بن عبد الرحمان للمشاركة في الاقتراع وجدوا أن بطاقاتهم سبق أن سلمها رئيس المكتب لشخصين بقصد تسليمها لأصحابها غير أنهما وزعاها على أنصار المطعون في انتخابه دون غيرهم من الناخبين ؛
وحيث إن ما سجل بمحضر مكتب التصويت رقم 10 بجماعة الشعيبات وبمحضر مكتب التصويت رقم 8 بجماعة أولاد فرج ليس فيه ما يخالف أحكام القانون رقم 92-12 المتعلق بوضع ومراجعة اللوائح الانتخابية العامة وتنظيم انتخابات الجماعات الحضرية والقروية الذي تقتضي الفقرة الأخيرة من مادته 37 ـ المطبقة على الانتخابات التي لم يتسلمها أصحابها توضع يوم الاقتراع بمكتب التصويت حيث يمكن أصحابها أن يتسلموها وهذا ما تم في النازلة ؛
وحيث إن مضمون الإفادة المتعلقة بمكتب التصويت رقم 3 بجماعة سيدي حساين بن عبد الرحمان تعوزه الدقة ولا يمكن لذلك الاعتماد عليه ؛
4 ـ حيث أنه لم يقع الإدلاء بأدنى حجة على مضايقة أحد أعوان السلطة للطاعن السيد عبد الله السرحاني أثناء حملته الانتخابية أو بعدها ولا على تهديد بعض أعضاء مكاتب التصويت ؛
وحيث إنه يتحصل من ذلك كله أن المآخذ المتعلقة بتدخل السلطة الإدارية غير قائمة على سند من القانون في وجهيها الأول والثاني وغير جديرة بالاعتبار في وجهيها الثالث والرابع ؛
في شأن المآخذ المتعلقة بسير عمليات الاقتراع :
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في منع ممثلي أحد الطاعينين من القيام بمهامهم بمكاتب التصويت بجماعة سيدي إسماعيل (1) وعدم الالتزام بالوقت القانوني لافتتاح الاقتراع وانتهائه (2) وتغيير نتائج بعض مكاتب التصويت (3) ورفض تسليم نظائر محاضر مكاتب التصويت لممثلي الطاعنين ومنع الطاعنين من الاطلاع على محاضر مكاتب التصويت (4) وسحب أوراق التصويت الخاصة بأحد الطاعنين من مكاتب التصويت والإيحاء للناخبين بالتصويت للمطعون في انتخابه (5) ؛
لكن ،
1 ـ حيث إنه يتضح من تمحيص المستندات المدرجة بالملف أنه إذا كان ممثل أحد الطاعنين قد منع في بادئ الأمر من القيام بمهمته فقد اقتصر ذلك على مكتب واحد من مكاتب التصويت سمح له فيما بعد بممارسة مهمته فيه كما اعرف به هو نفسه في الإفادة التي أدلى بها دون أن يدعي أنه وقع ما يشوب سلامة العملية الانتخابية في المكتب الذي حدثت به الواقعة طوال المدة التي لم يكن خلالها حاضرا فيه ؛
2 ـ حيث إنه لم يقع بيان أرقام ومواقع مكاتب التصويت التي لم تراع الوقت القانوني ؛
3 ـ حيث إن ما وقع الإدلاء به لإثبات ادعاء تغيير نتائج الاقتراع هو إفادة منسوبة لأعضاء مكتب التصويت رقم 4 بجماعة سيدي إسماعيل مؤرخة ب 5 يوليو 1993 تشير إلى نتائج مغايرة للنتائج التي تضمنها محضر مكتب التصويت الذي وقعوه ؛
وحيث إن الإفادة المذكورة لا يمكن الركون إليها لكون من نسبت إليهم سبق لهم أن وقعوا محضر مكتب التصويت الذي كانوا أعضاء فيه ، دون أدنى تحفظ أو ملاحظة ، فضلا عن أنهم صرحوا في إفادة لاحقة منسوبة إليهم كذلك بأن ما ورد في الإفادة الأولى قد انتزع منهم بمناورات تدليسية ؛
4 ـ حيث إن رفض تسليم نظائر محاضر مكاتب التصويت لبعض ممثلي الطاعنين ومنع الطاعنين من الاطلاع على محاضر مكاتب التصويت يعد كلاهما ـ في حالة ثبوته ـ عملا مخالفا للقانون ، غير أن الأمر يتعلق على كل حال بتصرف لاحق للعملية الانتخابية لا يترتب عليه ، في حد ذاته ، إبطالها ، ما لم تكن ثمة ملابسات خاصة تبعث على الشك في نزاهة الاقتراع ؛
5 ـ حيث إنه لم يقع الإدلاء بأدنى حجة أو بداية حجة على ادعاء الإيحاء للناخبين بالتصويت لصالح المطعون في انتخابه ، وأن دعوى سحب أوراق التصويت الخاصة بأحد الطاعنين من مكاتب التصويت استند إلى إفادة وقعها 11 شخصا صرحوا ـ على حد تعبيرهم ـ بأنه تم التلاعب بإرادتهم لعدم وجود أوراق التصويت الخاصة بالطاعن السيد محمد الشهبي في مكتب الاقتراع رقم 5 بجمـاعة أولاد حمدان ؛
وحيث إنه ـ من جهة ـ لم يقع الإدلاء بما يثبت أن الأشخاص المذكورين هم فعلا ناخبون مسجلون في المكتب الذين صرحوا بحدوث الواقعة فيه وأنه ـ من جهة أخرى ـ على فرض صحة دعوى سحب أوراق التصويت الخاصة بالطاعن السيد محمد الشهبي واعتبار أن جميع الناخبين الذين لم يصوتوا في المكتب الذي ادعى سحب أوراقه منه كانوا سيصوتون لفائدته ولكنهم أحجموا عن المشاركة في الاقتراع لعدم وجود أوراق التصويت الخاصة به فإنه يبقى أن ضم أصوات جميع أولئك الناخبين إلى الأصوات التي حصل عليها الطاعن السيد محمد الشهبي في هذا المكتب ، وعددها 272 ليس له تأثير في نتيجة الاقتراع لصالحه نظرا للفرق في عدد الأصوات بينه وبين المطعون في انتخابه ؛
وحيث إنه يتجلى مما سلف بيانه أن المآخذ المتعلقة بسير عمليات الاقتراع غير جديرة بالاعتبار في وجوهها الثلاث الأولى وغير ذات أثر في وجهيها الرابع والخامس ، وأنه لا داعي إلى إجراء البحث المطلوب في شأنها وفي غيرها من المآخذ المسطرة أعلاه ؛
لهذه الأسباب
أولا : يرفض طلب السيد محمد الشهبي وطلب السيد عبد الله السرحاني الراميين إلى إلغاء انتخاب السيد علي القاسمي ؛
ثانيا : يأمر بنشر قراره هذا في الجريدة الرسمية وتبليغ نسخة منه إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف المعنية .
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الاثنين 6 محرم 1416 (5 يونيو 1995)
الإمضاءات
عباس القيسي
عبد العزيز بن جلون إدريس العلوي العبدلاوي الحسن الكتاني
محمد الناصري عبد اللطيف المنوني محمد تقي الله ماء العينين
عبد الهادي ابن جلون أندلسي