قرارات المحكمة الدستورية


قرار رقم : 210/23
تاريخ صدور القرار : 07-03-2023

المملكة المغربية                                             الحمد لله وحده،
المحكمة الدستورية

ملف عدد: 23/ 254 
قرار رقم: 23/ 210 م.د


باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

المحكمة الدستورية،
بعد اطلاعها على القانون التنظيمي رقم 14.22 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، المحال إليها بمقتضى رسالة السيد رئيس الحكومة المسجلة بالأمانة العامة لهذه المحكمة في 8 فبراير2023، وذلك من أجل البت في مطابقته للدستور؛
وبعد اطلاعها على مذكرة الملاحظات الكتابية التي أدلى بها السيد رئيس الحكومة والمسجلة بنفس الأمانة العامة لهذه المحكمة في 20 فبراير 2023؛
وبعد اطلاعها على باقي الوثائق المدرجة بالملف؛
وبنــاء على الدستـور، الصــادر بتنفيذه الظهير الشريف رقـم 1.11.91 بتــاريــخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 13. 066 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435(13 أغسطس 2014)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 من جمادى الآخرة 1437 (24 مارس 2016)؛
وبناء على قرار المجلس الدستوري رقم 16/992 م.د، الصادر بتاريخ 15 مارس 2016؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛

أولاـ فيما يتعلق بالاختصاص:

حيث إن الفصل 132 من الدستور، ينص في فقرته الثانية على أن القوانين التنظيمية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، تحال إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور، مما تكون معه هذه المحكمة مختصة للبت في مطابقة القانون التنظيمي المحال إليها للدستور؛

ثانياـ فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي:

حيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة بالملف، أن القانون التنظيمي رقم 14.22 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، المحال إلى المحكمة الدستورية، جرى التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد في 18 أكتوبر 2022، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وتم إيداعه بالأسبقية من لدن السيد رئيس الحكومة لدى مكتب مجلس النواب في 10 نوفمبر 2022، وأن هذا المجلس لم يشرع في التداول فيه إلا بعد مرور عشرة أيام من إيداعه لدى مكتبه، ووافق عليه بالإجماع في جلسته العامة المنعقدة في 2 يناير 2023، كما تداول في شأنه مجلس المستشارين، وصادق عليه  بالإجماع في جلسته العامة المنعقدة في 31 يناير2023، والكل وفقا لأحكام الفصلين 84 و85 من الدستور؛

ثالثاـ فيما يتعلق بالموضوع:

حيث إن الدستور يسند في فصله 112 إلى قانون تنظيمي تحديد النظام الأساسي للقضاة؛
وحيث إن القانون التنظيمي رقم 14.22، المعروض على نظر هذه المحكمة، والقاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، يتكون من مادة فريدة، تغير وتتمم أحكام المواد 6 و10 و23 و25 و33 و45 و51 و55 و56 و73 و97 و99 و101 و104 و116 من القانون التنظيمي المذكور؛
وحيث إنه، يبين من فحص هذه التعديلات مادة مادة، أنها تكتسي صبغة قانون تنظيمي، وفقا لأحكام الفصل 112 من الدستور، وأنها تقتضي الشروح التالية:

فيما يخص المادة السادسة (البند الخامس) والمادة 23 (المقطع الأخير) والمادة 33 (البند الأخير)

حيث إن التعديلات المدخلة على أحكام هذه المواد، تضمنت، بالتتابع، إضافة "الدرجة الممتازة" بعد الدرجة الاستثنائية في ترقي القضاة، وعبارة "على الأقل "للدرجة الاستثنائية المطلوبة للتعيين في منصبي نائب الرئيس الأول لمحكمة النقض والمحامي العام الأول لديها، وإضافة تتعلق بتحديد مدة الأقدمية المطلوبة للتسجيل في لائحة الأهلية للترقي الى الدرجة الممتازة، في خمس سنوات على الأقل، يتعين على القاضي قضاؤها في الدرجة الاستثنائية؛ 
وحيث إن تحديد نظام الترقي، وشروط استحقاقه، وتحديد الشروط المتطلبة في الدرجة والأقدمية، للتعيين في منصبي نائب الرئيس الأول لمحكمة النقض والمحامي العام الأول لديها، تعد من مشمولات النظام الأساسي للقضاة الذي أسند الدستور، بمقتضى الفصل 112 منه إلى قانون تنظيمي تحديدها، وكذا مراجعة نظامها وشروطها وكيفياتها، وأناط الفصل 113 منه بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية السهر على تطبيق الضمانات المتعلقة بها، مما تكون معه التعديلات المدخلة على المواد السادسة (البند الخامس) و23 (المقطع الأخير) و33 (البند الأخير)، مطابقة للدستور؛ 

فيما يخص المادة العاشرة (البند الرابع المضاف)

حيث إن التعديل المدخل على أحكام هذه المادة، بموجب البند المذكور، تضمن إعفاء "الموظفين الذين يسري عليهم النظام الأساسي لموظفي المجلس الأعلى للسلطة القضائية المنتمون الى درجة مرتبة في سلم الأجور رقم 11 على الأقل، والذين قضوا مدة لا تقل عن عشر (10) سنوات من الخدمة الفعلية في مجال الشؤون القانونية " من مباراة الولوج للسلك القضائي؛
وحيث إن تمكين هذه الفئة من موظفي المجلس الأعلى للسلطة القضائية من ولوج السلك القضائي، إسوة بنظرائهم المنتمين للإدارات العمومية، المزاولين للخدمة العمومية في مجال الشؤون القانونية، ولكتابة الضبط، ليس فيه ما يخالف الدستور، طالما تم ذلك في نطاق التقيد بمبدإ ولوج الوظائف العمومية، حسب الاستحقاق المنصوص عليه في الفصل 31 من الدستور، وما يترتب عنه من وجوب احترام تكافؤ الفرص، والمساواة بين هذه الفئة من الموظفين المؤهلين قانونا للولوج إلى السلك القضائي حسب شروط، تتولد عنها مراكز قانونية متماثلة تتحدد على ضوئها ضوابط إعفاء الموظفين المنتمين إلى هذه الفئة، من مباراة الولوج إلى السلك المذكور؛ 

فيما يخص المادة 25  

حيث إن التعديل المدخل على هذه المادة تضمن إضافة كلمة "إشراف" ما بين كلمتي "سلطة" و"مراقبة" إلى متنها، مما يكون معه قضاة النيابة العامة موضوعين، بموجب التعديل المعروض، تحت سلطة وإشراف ومراقبة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورؤسائهم التسلسليين؛ 
وحيث إن قضاء هذه المحكمة، قد أقر، في معرض فحص المادة 25، بالصيغة التي عرضت بها آنذاك على المجلس الدستوري، في القرار رقم 16/992 الصادر في 15 مارس 2016، أن تبعية قضاة النيابة العامة الواردة في الفقرة الثانية من الفصل 110 من الدستور، تعد تبعية داخلية تتم وفق تراتبية قضاة النيابة العامة ومستويـات مسؤولياتهم، وأنها لا يمكن أن تكون لجهة خارجة عن السلطة القضائية؛ 
وحيث إن مفاد "الإشراف"، بالصيغة التي ورد بها في المقتضى المعروض، يندرج ضمن ما يترتب عن تبعية قضاة النيابة العامة للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ولرؤسائهم التسلسليين، وهو في ذلك قد تقيد بمبدإ استقلال السلطة القضائية، وبوجوب التزام قضاة النيابة العامة بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها، المقررين على التوالي بموجب الفقرة الأولى من الفصل 107 والفقرة الثانية من الفصل 110 من الدستور، مما تكون معه المادة 25 في صيغتها المعدلة، مطابقة للدستور؛ 

فيما يخص المادة 45 (الفقرتان الثانية والأخيرة المضافتان)

حيث إن الفقرتين الثانية والأخيرة المضافتين إلى هذه المادة تنصان، بالتتابع، على أنه: "يتولى المجلس تحديد آجال للبت في مختلف أنواع القضايا، في حالة عدم تحديدها بمقتضى نص قانوني."، وعلى أنه: "تعتبر الآجال التي يحددها المجلس مجرد آجال استرشادية لتطبيق أحكام هذه المادة ولا يترتب عليها أي أثر بالنسبة للدعوى."؛
وحيث إن الفصول 117 و118 و120، من الدستور تنص على التوالي على أنه: "يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون."، وعلى أن: "حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون."، وعلى أن" لكل شخص الحق في محاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول. حقوق الدفاع مضمونة أمام جميع المحاكم."؛ 
وحيث إنه يستفاد من أحكام فصول الدستور المشار إليها أعلاه، أن مناط تحديد الأجل المعقول، سواء منه ما حدد قانونا، أو اعتمد أساسا لتقييم تدبير الزمن القضائي، أو إدارة العدالة في دعوى أو في مجموعة من الدعاوى، يتوقف من جهة على ضمان حقوق الدفاع، والمحاكمة العادلة ومن جهة أخرى على ضمان الأثر المنتج والناجع لما تصدره المحاكم من أحكام، حفاظا على حقوق المتقاضين وحماية لحرياتهم وأمنهم القضائي، أخذا بعين الاعتبار طبيعة القضايا ومسلك الأطراف فيها بصفة خاصة؛  
وحيث إن القاضي، يظل، في جميع الحالات، ملزما بالحرص على "البت في القضايا المعروضة عليه داخل أجل معقول، مع مراعاة الآجال المحددة بمقتضى نصوص خاصة."، طبقا للفقرة الأولى من المادة 45 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، كما "يراعي" المجلس الأعلى للسلطة القضائية "عند ترقية القضاة: ...-الحرص على إصدار الأحكام في أجل معقول؛" طبقا للمادة 75 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهي أحكام، سبق التصريح بمطابقتها للدستور؛ 
وحيث إنه متى كان ذلك، تكون الفقرتان الثانية والأخيرة، المضافتان إلى المادة 45 المعروضة غير مخالفتين للدستور، طالما لم يترتب عن حالات عدم التقيد بهذه الآجال  الاسترشادية أثر سلبي على تقييم الأداء المهني للقضاة، إذا كان ذلك راجعا لأسباب لا دخل فيها للقاضي المعني بالتقييم، فضلا عن ما ورد في الصيغة المعروضة من أنه لا يترتب على هذه الآجال الاسترشادية أثر بالنسبة للدعوى ؛

في شأن المادة 51 (المقطع الأخير)

حيث إن التعديل المدخل على هذه المادة بموجب المقطع المذكور ينص على إشراف "المجلس بتنسيق مع الوزارة المكلفة بالعدل ورئاسة النيابة العامة."، على التكوين الخاص الذي يتلقاه المسؤولون القضائيون حول الإدارة القضائية؛ 
وحيث إنه، من جهة، لما كان السهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة فيما يخص تعيينهم، مسندا بنص الفقرة الأولى من الفصل 113 من الدستور إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وكان هذا المجلس يراعي، على الخصوص، عند تعيين المسؤولين القضائيين أو تجديد تعيينهم، المؤهلات في مجال الإدارة القضائية، من بين معايير أخرى، طبقا للمادة 72 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس المذكور، ترتب عن ذلك، أن يسند إلى هذا المجلس الإشراف على التكوين الخاص حول الإدارة القضائية، وهو تكوين تأهيلي لممارسة المسؤوليات القضائية، ومن جهة أخرى، فإن  الإدارة القضائية، في جوانب عملها الإدارية والمالية، مجال مشترك للتعاون والتنسيق بين السلطتين التنفيذية والقضائية، عملا بمبدإ التعاون بين السلط المقرر من مقومات النظام الدستوري للمملكة بموجب الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور؛
وحيث إنه، فضلا عن ذلك، لما كان  المجلس الأعلى للسلطة القضائية، يراعي كذلك، التقارير التي يعدها الوزير المكلف بالعدل حول مستوى أداء المسؤولين القضائيين بشأن الإشراف على التدبير والتسيير الإداري للمحاكم، بما لا يتنافى واستقلال السلطة القضائية، وفقا للفقرة الأخيرة من المادة 72 المشار إليها، جاز للمشرع أن ينص على مقتضى يتعلق بتنسيق المجلس المذكور مع الوزارة المكلفة بالعدل في شأن التكوين الخاص حول الإدارة القضائية الذي يتلقاه المسؤولون القضائيون، مما يكون معه المقطع الأخير المعروض من المادة 51 غير مخالف للدستور؛  
 

في شأن المادتين 55 (البند المضاف للفقرة الثانية، والفقرات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة المضافة) و56 (المقطع الأول المضاف للفقرة الأولى، والفقرتان الثالثة والرابعة المضافتين) 

حيث إن المادة 55 في البند المضاف للفقرة الثانية و الفقرات المضافة المذكورة أعلاه نصت بالتتابع، على عنصر جديد، إضافة لعناصر أخرى، لإنجاز المسؤولين القضائيين لتقارير تقييم أداء القضاة قبل متم شهر ديسمبر من كل سنة، يتمثل في "الالتزام بالأخلاقيات المهنية واحترام تقاليد القضاء وأعرافه"، وعلى أنه: " يعرض التقرير على القاضي للاطلاع عليه بعد إثبات تقييم المسؤول القضائي"، وعلى أنه يمكن للقاضي المعني "أن يبدي ملاحظاته على التقييم في المكان المخصص لذلك التقرير، كما يمكنه أن يوجه ملاحظاته للمجلس قبل فاتح مارس الموالي للتقييم"، وعلى أنه: "يمكن للمسؤول القضائي أن يعقب على ملاحظات القاضي"، وعلى أنه:"يضع المجلس لغـاية تنفيذ مقتضيـات هذه المادة نموذجا لملف تقييم الأداء خاص بكل قاض، يضمنه المسؤول القضائي ملاحظاته المرتبطة بعناصر التقييم  في إبانها."؛
وحيث إن المادة 56 نصت في مطلع فقرتها الأولى المعدلة على أنه :"إذا لم يطلع القاضي على تقرير تقييم الأداء المتعلق به وفقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 55 أعلاه..."، وأضافت فقرة ثالثة، تنص على أنه:" يحصل المجلس، عند الاقتضاء ، على المعطيات المفصلة المضمنة في ملف تقييم الأداء الخاص بالقاضي، وكذلك على ملاحظات المسؤول القضائي."، ونصت على صيغة معدلة لفقرتها الرابعة بمقتضاها " يبت المجلس في التظلم المرفوع إليه من قبل القاضي بشأن تقرير تقييم الأداء داخل أجل ثلاثين (30) يوما ابتداء من تاريخ توصله بالتظلم أو من تاريخ توصله بالمعطيات والملاحظات المشار اليها في الفقرة السابقة، حسب الحالة، مع مراعاة الفترة الفاصلة بين دورات المجلس."؛
وحيث إنه من جهة، إن الأخلاقيات القضائية التي أسند للمسؤولين القضائيين تقييمها، وردت بصريح نص الفقرة الأولى من الفصل 111 من الدستور، التزاما يتعين التلاؤم مع متطلباته، أثناء ممارسة القضاة الحق في حرية التعبير، وإنه سبق التصريح بالمطابقة للدستور ما نصت عليه المادة 44 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، على وجه الخصوص، من التزام "القاضي باحترام المبادئ والقواعد الواردة في مدونة الأخلاقيات القضائية" وحرصه "على احترام تقاليد القضاء وأعرافه والمحافظة عليها"، ومن جهة أخرى، فإن الأوضاع الإجرائية لتقييم الأداء، والضمانات المتعلقة به، لاسيما منها اطلاع القاضي المعني على تقارير تقييم الأداء المتعلقة به، وإبدائه، عند الاقتضاء، لملاحظاته بشأنه، وبت المجلس الأعلى للسلطة القضائية في التظلمات المرفوعة من قبل القضاة المعنيين بشأن تقارير تقييم الأداء، تعد من مشمولات النظام الأساسي للقضاة المسند بنص الفصل 112 من الدستور إلى قانون تنظيمي، وأن البت في التظلمات المشار إليها، يعد من صميم السهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، المسندة بصريح الفقرة الأولى من الفصل 113 من الدستور إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وأن المشرع، باشر في الصيغة المعروضة، اختصاصه في تحديد كيفيات إنفاذ الضمانات المتعلقة بتقييم الأداء وتعزيزها بكيفية مطردة، مما تكون معه المادتان 55 (البند المضاف للفقرة الثانية، والفقرات الثالثة والرابعة  والخامسة والسادسة المضافة) و56 (المقطع الأول المضاف للفقرة الأولى، والفقرتان الثالثة والرابعة المضافتين) مطابقتين للدستور؛  

في شأن المادة 73 (المقطع الأخير من الفقرة الثانية والفقرة الثالثة المضافة)

    حيث إن التعديلات المدخلة على هذه المادة في المقطع والفقرة المشار إليهما نصت بالتتابع، على إمكانية انتداب قاض من "محكمة النقض" لسد خصاص طارئ بإحدى المحاكم "، وعلى أنه: " يمكن للرئيس المنتدب، لأجل سد خصاص طارئ بإحدى المحاكم، وبعد استشارة رئيس النيابة العامة، انتداب قاض من قضاة النيابة العامة للقيام بمهام قضاء الحكم، أوقاضيا من قضاة الحكم للقيام بمهام النيابة العامة بمحكمة النقض أو بإحدى المحاكم الأخرى. "؛ 

وحيث إن هذه المقتضيات، في صيغتها المعروضة، تقيدت، من جهة، بحدي الطابع المؤقت والاستثنائي للانتداب، المقررين بصفة خاصة في المادتين 74 و76 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة اللتين سبق التصريح بمطابقتهما للدستور، ومن جهة أخرى، بحدود الغاية من الانتداب، المتمثل في سد خصاص طارئ، وهي غاية تسندها، بصفة خاصة، أحكام الفقرات الأولى من الفصول 118 و120 و154 من الدستور، التي تنص على التوالي، بصفة خاصة، على أنه: "حق التقاضي مضمون..."، وأن: "لكل شخص الحق ...،... في حكم يصدر داخل أجل معقول"، وعلى أنه: "يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس...الاستمرارية في أداء الخدمات."؛     
وحيث إن وحدة السلطة القضائية مبدأ مستفاد من أحكام الدستور، التي لم تميز قضاة الأحكام وقضاة النيابة العامة إلا في جوانب خاصة متعلقة بطبيعة عمل كل منهما، وأنه فيما عدا ذلك، فإن الدستور متع القضاة جميعهم وبدون تمييز، بنفس الحقوق وألزمهم بنفس الواجبات، كما أخضعهم، لنفس الأحكام، لا سيما المقررة بموجب الفصول 109 و111 و113 و115 و117 منه، مما يكون معه انتداب قاض من قضاة النيابة العامة للقيام بمهام قضاء الحكم، أوقاض من قضاة الحكم للقيام بمهام النيابة العامة بمحكمة النقض أو بإحدى المحاكم الأخرى، بعد استشارة رئيس النيابة العامة، ليس فيه ما يخالف الدستور؛ 
 

في شأن المادة 97 (البنود الرابع والعاشر والحادي عشر من الفقرة الأخيرة)

حيث إن المادة 97 نصت بموجب التعديلات المعروضة على أخطاء جسيمة يمكن على إثر ارتكابها التوقيف الفوري للقاضي عن مزاولة مهامه، تتمثل بالتتابع في "تسريب مقرر قضائي قبل النطق به، وفي " إخلال القاضي بواجب الاستقلال أو التجرد أو النزاهة والاستقامة إذا تجلى في الاشتباه في الارتشاء أو استغلال النفوذ أو الوساطة في ذلك"، أو في كل تصرف خطير ينم عن جهل أو إهمال فادح وغير مستساغ لواجبات القاضي المهنية، من شأنه التأثير على استقلاله أو تجرده أو حياده؛"، وفي "إخلال القاضي بالأخلاقيات القضائية وصفات الشرف والوقار، إذا تجلى في تصرف واضح ينم عن تهور ورعونة في السلوك من شأنه الإساءة لحرمة القضاء أو يضر بصورته."؛
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على اعتبار الخطإ الجسيم متمثلا في كل عمل إرادي أو كل إهمال أو استهانة يدل على إخلال القاضي، بكيفية فادحة وغير مستساغة، بواجباته المهنية لدى ممارسته لمهامه القضائية؛
 وحيث إنه، يبين من فحص تحديد الأخطاء الجسيمة الواردة في المقتضيات المعدلة المعروضة، أنها راعت، فيما يخص توصيفها، مبدأ التناسب، وتقيدت بالتنصيص على الخطإ ومكوناته وعناصره في القانون التنظيمي بمضمون محدد، إذ أن: 
- الخطأ الجسيم المتمثل في "تسريب مقرر قضائي قبل النطق به"، يعد صورة من صور خرق السر المهني وإفشاء سر المداولات، 
- والخطأ الجسيم المتمثل في "إخلال القاضي بواجب الاستقلال أو التجرد أو النزاهة والاستقامة إذا تجلى في الاشتباه في الارتشاء أو استغلال النفوذ أو الوساطة في ذلك، أو في كل تصرف خطير ينم عن جهل أو إهمال فادح وغير مستساغ لواجبات القاضي المهنية، من شأنه التأثير على استقلاله أو تجرده أو حياده"، مستوف لمعيار المضمون المحدد من وجهين، وجه موضوعي بالنظر لاستحالة التحديد الكلي لماهية التصرفات الخطيرة مقابل إمكانية تحديدها بآثارها، أي التأثير على استقلال القاضي أو تجرده أو حياده، وهو ما تقيدت به الصيغة المعروضة، ووجه إجرائي بالنظر للضمانات الممنوحة للقضاة في المادة التأديبية بموجب أحكام القانونين التنظيميين، وفضلا عن ذلك، فإن طبيعة المهام المنوطة بالقاضي، ومتطلبات الحفاظ على هيبة القضاء ووقاره، تشكل دواعي مبررة للمتابعة التأديبية للقاضي، متى ارتكب أفعالا تستوجب متابعة جنائية أو خالف واجباته المهنية الأساسية مخالفة جسيمة، وتوقيفه مؤقتا عن مزاولة مهامه، كل ذلك حماية لثقة المتقاضين في العدالة التي يلجؤون إليها لحماية حقوقهم وحرياتهم والدفاع عن مصالحهم، 
- والخطأ الجسيم المتمثل في "إخلال القاضي بالأخلاقيات القضائية وصفات الشرف والوقار إذا تجلى في تصرف واضح ينم عن تهور ورعونة في السلوك من شأنه الإساءة لحرمة القضاء أو يضر بصورته."، استوفى أيضا معيار المضمون المحدد، من الوجهين المشار إليهما، مع مراعاة أنه لا يوجد في الدستور، ما يحول، على سبيل الاسترشاد لا غير،  دون الاستعانة بمدونة الأخلاقيات القضائية، في توصيف التصرفات المذكورة، بمناسبة معالجة الملفات التأديبية، شرط ألا تشكل مقتضيات هذه المدونة، أساسا قانونيا للمتابعة التأديبية، إذ يظل تحديد الأخطاء التأديبية ومسطرة التأديب مندرجين في نطاق المشمولات الإلزامية للقانونين التنظيميين المتعلقين بالسلطة القضائية بموجب الفصل 112 والفقرة الأولى من الفصل 113 من الدستور، مع استحضار الاختلاف بين الغاية الوقائية والتوجيهية لمدونة الأخلاقيات وبين الغاية التقويمية للتأديب؛ 
وحيث إنه، تبعا لذلك ليس، في (البنود الرابع والعاشر والحادي عشر من الفقرة الأخيرة) من المادة 97، ما يخالف الدستور؛ 
 

في شأن المادة 99 (الفقرتان الثانية والثالثة المضافتين)

حيث إن الفقرتين المضافتان إلى المادة 99 نصتا بالتتابع، على أنه: "يمكن للمجلس أو للرئيس المنتدب، في حالة عدم المؤاخذة أو حفظ القضية، حسب الحالة، أن يوجه ملاحظات للقاضي وإثارة انتباهه الى الخطإ المهني متى كان بسيطا. ولا يعتبر ذلك عقوبة تأديبية."، وعلى أنه:"... يمكن للمجلس في الحالتين السابقتين وكذلك في حالة الإدانة، أن يقرر إخضاع القاضي لتكوين في موضوع يتعلق بالمادة موضوع المخالفة، أو تكوينا حول أخلاقيات المهنة. تحدد مضامين هذا التكوين ومدته بمقرر للرئيس المنتدب للمجلس."؛
وحيث إنه يبين من فحص هذه المقتضيات، أنها تقيدت بنطاق اختصاص المجلس في المادة التأديبية من جهة وبمبدإ التناسب من جهة أخرى، إذ نصت، بواسطة ملاحظة، على إثارة انتباه القاضي إلى الخطإ البسيط، دون اعتبار ذلك عقوبة تأديبية، كما أن ما خولته، للمجلس أو للرئيس، من إمكانية توجيه تلك الملاحظات، اقتصر على حالة عدم المؤاخذة أو الحفظ، ولم يعتبر عقوبة تأديبية؛ 
وحيث إن تحديد مضامين التكوين وكذا مدته على النحو المشار إليه في المقتضيات المعروضة، من قبل الرئيس المنتدب، لا يمس، من جهة، بصلاحيات المجلس في المادة التأديبية، طالما أن هذا الأخير مخول باتخاذ قرار إخضاع القاضي للتكوين في جميع الحالات، وأن تحديد مضامين هذا التكوين ومدته، الذي يفترض أن يختلف باختلاف الحالة التأديبية التي تم البت فيها، يندرج، من جهة أخرى، ضمن الصلاحيات التنفيذية المخولة للرئيس المنتدب؛ 
وحيث إنه، تبعا لذلك، ليس في المادة 99 (الفقرتان الثانية والثالثة المضافتين) ما يخالف الدستور؛
 

 في شأن المادة 101 (المقطع الأول من الفقرة الأولى والفقرة الأخيرة المضافة)

حيث إن المقتضيات المعروضة من هذه المادة نصت بالتتابع، على أنه: "يرد اعتبار القاضي الـذي لم يـرتكب إخلالا جـديدا وكـان أداؤه المهني وسـلوكه جيدا بعد انصرام أجل ثلاث (3) سنوات..."، وعلى أنه: "يمحو رد الاعتبار بالنسبة للمستقبل الآثار المترتبة عن العقوبة التأديبية من الدرجتين الأولى والثانية."؛
وحيث إن ما نصت عليه هذه المقتضيات، من تحديد المدة التي يتعين انصرامها عن العقوبة التأديبية من أجل رد الاعتبار للقاضي المعني، من جهة، واشتراط عدم العود خلال تلك المدة، وربط رد الاعتبار بالأداء المهني والسلوك الجيد من جهة أخرى، يراعي مبدأي التناسب والتدرج في ترتيب أثر العقوبات التأديبية، على الوضعية المهنية للقاضي المعني، مما لا يمس بجوهر الضمانات الممنوحة للقاضي في ما يتصل بمساره المهني، والتي أسند الدستور بمقتضى الفصل 112 منه تحديدها إلى هذا القانون التنظيمي، مما يكون معه  المقطع الأول من الفقرة الأولى والفقرة الأخيرة المضافة إلى المادة 101 مطابقين للدستور؛ 

في شأن المادتين 104 و116

حيث إن التعديلات المدخلة على أحكام هاتين المادتين نصت على اشتراط موافقة القاضي على تمديد حد سن التقاعد، وجعلت مدته أقصاها سنتين قابلة للتجديد أربع (4) مرات، بعد أن كانت سنة واحدة قابلة للتجديد لنفس عدد المرات، كما نصت على إمكانية تمديد سن تقاعد القاضي بعد موافقته لمدة أقصاها سنتين قابلة للتجديد لنفس الفترة، إلى حين بلوغه 75 سنة وعلى أنه يمكن للمجلس أن يضع حدا لهذا التمديد قبل انتهاء مدته؛
وحيث إن الدستور، من جهة، خص بمقتضى أحكام الفصل 112 منه، القضاة بنظام أساسي، بالنظر لطبيعة المهام التي يتولونها بمقتضى أحكام الفصل 117 منه بصفة خاصة، وأسند، من جهة أخرى، إلى قانون تنظيمي تحديد النظام الأساسي المذكور، والذي يعد نظام التقاعد من بين مشمولاته، وأناط بمقتضى أحكام الفصل 113 منه، بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية السهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، فيما يخص تقاعدهم؛ 
وحيث إن مناط فحص دستورية المقتضيات المعروضة، ينصب من جهة على اكتسائها صبغة قانون تنظيمي، واتصالها موضوعا بالنظام الأساسي، وتقيدها بنطاق الاختصاص المخول حصرا بنص الدستور للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في تدبير الوضعية المهنية للقضاة، في كل أوضاعها ومراحلها، ومن جهة أخرى، على التحقق، علاقة بالنص المعروض، من التنصيص على الضمانات الممنوحة للقضاة، فيما يخص تقاعدهم؛ 
وحيث إنه، فيما عدا ذلك، يعود إلى المشرع، علاقة بالنص المعروض، وفق سلطته التقديرية، المفاضلة والترجيح بين البدائل المختلفة، وسن ما يرتئيه من أحكام، كفيلة بتحقيق ما أقره الدستور من وجوب استمرار مرفق العدالة في أداء خدماته (الفصل 154)، وضمان حق التقاضي (الفصل 118)؛   
وحيث إنه يبين من فحص المقتضيات المعروضة، أنها تكتسي صبغة قانون تنظيمي على النحو الذي سبق بيانه أعلاه، وأن موضوعها يندرج في هذا النظام الأساسي، إذ أن تمديد حد سن التقاعد يتصل بالوضعية المهنية للقضاة، وأنها تقيدت بنطاق الفصل 113 من الدستور، لما أسندت إلى المجلس، حصرا، أمر النظر في حالات التمديد المشار إليها، وأحاطت هذه الوضعية بضمانات تتمثل في اشتراط موافقة المجلس على تمديد حد السن، وفق العناصر المنصوص عليها في القانون التنظيمي المتعلق به، والتحقق من توفرها بما يسعف على بلوغ الغاية من إقراره ، وأسندت له ، في نطاق الصيغة المعدلة للمادة 116 المعروضة، إمكانية تمديد حد سن تقاعد القضاة لمدة أقصاها سنتين قابلة للتجديد، لنفس الفترة إلى حين بلوغهم خمسا وسبعين (75) سنة، وإمكانية وضع حد له قبل انتهاء مدته، وفقا للعناصر التي يراعيها المجلس على وجه الخصوص، والواردة في المادة 84 من القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛  
وحيث إنه، تبعا لذلك، ليس في المادتين 104 و116، في صيغتهما المعدلة، ما يخالف الدستور؛

لهذه الأسباب

أولا- تصرح بأن القانون التنظيمي رقم 14.22 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.41 بتاريخ 14 من جمادى الاخرة 1437 (24 مارس 2016)، ليس فيه ما يخالف الدستور؛
ثانيا- تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية.

وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الثلاثاء 14 من شعبان 1444 

  (7 مارس2023)


الإمضاءات
اسعيد إهراي

عبد الأحد الدقاق     الحسن بوقنطار     أحمد السالمي الإدريسي     محمد بن عبد الصادق

مولاي عبد العزيز العلوي الحافظي              محمد الأنصاري             ندير المومني 

لطيفة الخال         الحسين اعبوشي               محمد علمي              خالد برجاوي