قرارات المحكمة الدستورية


قرار رقم : 211/23
تاريخ صدور القرار : 08-03-2023

المملكة المغربية                                                                     الحمد لله وحده، 
المحكمة الدستورية 

ملف عدد: 255/23 
قرار رقم: 211/23 م.د

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

المحكمة الدستورية،
بعد اطلاعها على القانون التنظيمي رقم 13.22 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، المحال إليها بمقتضى رسالة السيد رئيس الحكومة، المسجلة بالأمانة العامة لهذه المحكمة في 8 فبراير 2023، وذلك من أجل البت في مطابقته للدستور؛ 
وبعد اطلاعها على مذكرة الملاحظات الكتابية التي أدلى بها السيد رئيس الحكومة المسجلة بنفس الأمانة العامة في 20 فبراير 2023؛ 
وبعد الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو2011)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛ 
وبنـاء على القـانون الـتنظيمي رقـم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14 من جمادى الآخرة 1437 (24 مارس 2016)؛
وبناء على قرار المجلس الدستوري رقم 16/991 م.د الصادر بتاريخ 15 مارس 2016؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛

أولا - فيما يتعلق بالاختصاص:

حيث إن الفقرة الثانية من الفصل 132 من الدستور توجب إحالة القوانين التنظيمية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، إلى المحكمة الدستورية للبتّ في مطابقتها للدستور، الأمر الذي تكون معه هذه المحكمة مختصة بالبتِّ في مطابقة القانون التنظيمي المحال إليها للدستور؛

ثانياـ فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي:

حيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة بالملف، أن القانون التنظيمي رقم 13.22 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، المحال إلى المحكمة الدستورية، جرى التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد في 18 أكتوبر 2022، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وتم إيداعه بالأسبقية من لدن السيد رئيس الحكومة لدى مكتب مجلس النواب في 10 نوفمبر 2022، وأن هذا المجلس لم يشرع في التداول فيه إلا بعد مرور عشرة أيام من إيداعه لدى مكتبه، ووافق عليه بالإجماع في جلسته العامة المنعـقدة فـي 2 ينـاير 2023، كما تــداول فـي شأنه مجلس المستشارين، وصادق عليه بالإجماع في جلسته العامة المنعقدة في 31 يناير2023، والكل وفقا لأحكام الفصلين 84 و85 من الدستور؛

ثالثا- فيما يتعلق بالموضوع: 

حيث إن الفقرة الرابعة من الفصل 116 من الدستور تنص على أنه: "يحدد بقانون تنظيمي انتخاب وتنظيم وسير المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ... "؛
وحيث إن القانون التنظيمي رقم 13.22، المعروض على نظر هذه المحكمة، القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الصادر بتـنفيذه الـظـهير الشـريف رقـم 1.16.40 بتـاريـخ 14 مـن جمـادى الآخـرة 1437 (24 مارس 2016)، يتكون من مادتين، تغير وتتمم الأولى منه أحكام المواد 14 و23 و30 و31 و32 و50 و51 و52 و54 و55 و62 و66 و71 و79 و81 و88 و90 و97 و100 و108، وتتمم الثانية منه القانون التنظيمي السالف الذكر بالمادة 108 المكررة؛
وحيث إنه، يبين من فحص هذه التعديلات، مادة مادة، أنها تكتسي صبغة قانون تنظيمي، وفقا لأحكام الفصل 116 من الدستور، وأنها تقتضي الشروح التالية:

في شأن المادة الأولى:

حيث إن هذه المادة تغير وتتمم المواد 14 و23 و30 و31 و32 و50 و51 و52 و54 و55 و62 و66 و71 و79 و81 و88 و90 و97 و100 و108 من القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، على النحو التالي: 

فيما يخص المادة 14 (الفقرة الأخيرة): 

حيث إن الفقرة الأخيرة من هذه المادة نصت، في صيغتها المعدلة المعروضة على أنه: "تحدد مدة عضوية الشخصيات التي يعينها الملك في خمس (5) سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة."؛ 
وحيث إن الدستور أسند بموجب أحكام الفقرة الرابعة من الفصل 116 منه، إلى قانون تنظيمي، بصفة خاصة، تحديد "تنظيم وسير" المجلس الأعلى للسلطة القضائية، مما يكون معه مطابقا للدستور، ما اختاره المشرع، وفق سلطته التقديرية، وعلى النحو الذي يبين من الاطلاع على الأشغال التحضيرية للقانون التنظيمي المعروض، من "رفع مدة عضوية الأعضاء المعينين من لدن جلالة الملك على غرار أعضاء المجلس المنتخبين لضمان الاستمرارية في الاستفادة من التجارب والخبرات في تشكيلة أعضاء المجلس"، وهي أهداف تندرج ضمن متطلبات سير المجلس؛ 

فيما يخص المواد 23 (البند الخامس المضاف إلى الفقرة الأولى)، و30 (الفقرتان الأولى والثانية)، و31 (الفقرة الأخيرة المضافة)، و32 (المقطع الأخير):

حيث إن هذه المقتضيات نصت بالتتابع، على إسناد تحديد "الشروط والوسائل المستعملة والأماكن التي يمكن فيها للمترشحين" لعضوية المجلس، "القيام بالتعريف بأنفسهم، بما يراعي حرمة القضاء وهيبته والأخلاقيات القضائية، ويحافظ على حسن سير المهام القضائية، ويكفل المساواة وتكافؤ الفرص بين المترشحين، ويضمن حرية ونزاهة وشفافية العملية الانتخابية" إلى قرار يتخذه المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وعلى تحديد بت المجلس في التصريحات بالترشيح "داخل أجل اثنتين وسبعين (72) ساعة من تاريخ انتهاء الأجل المحدد لإيداعها"، وتحديد الأجل الذي يمكن فيه الطعن في قرار رفض الترشيح، وفي كل ترشيح غير مستوف للشروط تم قبوله أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض" خلال أجل اثنتين وسبعين (72) ساعة" من تاريخ تبليغه بكل الوسائل المتاحة."، وعلى أنه: " ينشر"، وفقا للكيفية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 31 من هذا القانون التنظيمي، "كل تعديل يطرأ على القائمة النهائية بعد حصرها، وإلى غاية تاريخ إجراء الاقتراع، بسبب التشطيب على مترشحين لحدوث أو ظهور سبب من الأسباب المنصوص عليها في المادة 27" من القانون التنظيمي المذكور، "أو نتيجة لسحب الترشيح أو لحذف المترشح من الأسلاك."، وعلى "التقيد التام" للمترشحين لعضوية المجلس، أثناء التعريف بأنفسهم، "بالمقتضيات المقررة من قبل المجلس" بموجب القرار المشار إليه في المادة 23 المذكورة؛

وحيث إنه، من جهة أولى، لما كان تعريف المترشحين بأنفسهم، صورة من صور ممارسة حرية التعبير المكفولة للقضاة، في سياق الترشح لعضوية المجلس، كان لما نص عليه المقتضى المعروض من وجوب تقيد المترشحين بالمقتضيات المقررة من قبل المجلس في شأن الشروط والوسائل المستعملة والأماكن التي يمكن لهم فيها القيام بهذه العملية، سند من الفقرة الأولى من الفصل 111 من الدستور، التي تنص على أنه: " للقضاة الحق في حرية التعبير، بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية."، كما أن إسناد المقتضيات المعروضة تحديد "الشروط والوسائل المستعملة والأماكن التي يمكن فيها للمترشحين" لعضوية المجلس، "القيام بالتعريف بأنفسهم"، إلى قرار يتخذه المجلس، في نطاق المبادئ الدستورية المشار إليها في هذه المقتضيات، وباقي الضمانات  ذات الصلة المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي، يندرج في نطاق الفقرة الرابعة من الفصل 116 من الدستور، ومن جهة ثانية، أن الدستور، لما أقر، بموجب أحكام الفقرة الأولى من الفصل 115 منه انتخاب عشرة قضاة لعضوية المجلس، وأسند، بموجب أحكام الفقرة الرابعة من الفصل 116 منه إلى قانون تنظيمي تحديد انتخابهم، وكفل بمقتضى أحكام الفقرة الأولى من الفصل 111 منه، حرية التعبير للقضاة بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية، ترتب عن ذلك أن تحديد القواعد المتعلقة بعملية انتخاب أعضاء المجلس من القضاة، قانونا أو تنظيما، كما هي الحال فيما أسندت المقتضيات المعروضة تحديده لقرار متخذ من قبل المجلس، لا يتصور على غير مبادئ حرية ونزاهة وشفافية هذه العملية، أو بما لا يكفل المساواة وتكافؤ الفرص بين المترشحين، وهي كلها مبادئ لها سند من الفصل 11 من الدستور بصفة خاصة؛

وحيث إنه، من جهة ثالثة، فإن رفع أجل بت المجلس في التصريحات بالترشيح والأجل الذي يمكن فيه الطعن في قرار رفض الترشيح، وفي كل ترشيح غير مستوف للشروط تم قبوله، أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، يعدان ضمانتين متعلقتين بتحديد انتخاب القضاة الأعضاء بالمجلس، المسند بموجب أحكام الفقرة الرابعة من الفصل 116 من  الدستور إلى هذا القانون التنظيمي، وهي ضمانات لا يسوغ للمشرع أن يتخلف عما سبق أن سنه بشأنها، سعيا مطردا إلى كفالتها، ومن جهة رابعة، فإن ما يمكن أن يترتب عن التعديل الذي قد يطرأ على القائمة النهائية للمترشحين بعد حصرها، على النحو المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة المضافة إلى المادة 31 المعروضة، يجب أن يبقى محاطا بضمانات الانتصاف القضائي، المقررة بموجب الفقرة الثانية من المادة 30 المذكورة، وبموجب الفقرة الأولى من المادة 48 من هذا القانون التنظيمي التي سبق التصريح بمطابقتها للدستور، والتي تنص، بصفة خاصة، على أنه: "يمكن لكل مترشح، خلال خمسة (5) أيام الموالية لإعلان رئيس لجنة الإحصاء عن النتائج النهائية للانتخابات، أن يطعن في صحة انتخاب ممثلي القضاة في نطاق الهيئة التي ينتمي إليها، أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض،..."؛ 
وحيث إنه بناء على ما سبق بيانه، فليس في مقتضيات المواد 23 (البند الخامس المضاف إلى الفقرة الأولى)، و30 (الفقرتان الأولى والثانية)، و31 (الفقرة الأخيرة المضافة)، و32 (المقطع الأخير)، ما يخالف الدستور؛ 

فيما يخص المادة 50 (الفقرة الرابعة المضافة والفقرة الخامسة المعدلة)

 حيث إن الفقرتين المعروضتين من هذه المادة، نصتا على التوالي على أنه: "يعين بقرار للرئيس المنتدب للمجلس مساعد للأمين العام من بين القضاة ذوي الخبرة المرتبين في الدرجة الأولى على الأقل أو الأطر الإدارية العليا، يتولى مساعدة الأمين العام في تسيير المصالح الإدارية للمجلس والنيابة عنه في هذا الشأن في حالة غيابه أو تعذر قيامه بمهامه."، وعلى أنه: "تحدد الهياكل الإدارية والمالية للمجلس وعددها واختصاصاتها وتنظيمها وكيفيات تسييرها بموجب قرار يعده الرئيس المنتدب للمجلس، ويعرضه على تأشيرة السلطة الحكومية المكلفة بالمالية."؛ 
وحيث إنه، من جهة أولى، فإن تنظيم وسير المجلس الأعلى للسلطة القضائية، يعد من مشمولات ما أسندت الفقرة الرابعة من الفصل 116 من الدستور تحديده إلى قانون تنظيمي، مما يكون معه تنصيص المقتضيات المعروضة على إحداث منصب مساعد للأمين العام، بقرار للرئيس المنتدب للمجلس، وكذا الشروط المتطلبة لتولي المنصب المذكور، ليس فيه، بالصيغة المعروضة، ما يخالف الدستور، مادامت النيابة عن الأمين العام، مهمة مساعدة بطبيعتها، وطالما بقي الأمين العام، الذي ينوب عنه مساعده في حالة غيابه أو تعذر قيامه بمهامه، معينا بظهير، ويعمل تحت سلطة الرئيس المنتدب للمجلس، على النحو المقرر في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 50 من هذا القانون التنظيمي، واللتين سبق التصريح بمطابقتهما للدستور؛      
وحيث إنه، من جهة ثانية، فإنه لا يوجد في  أحكام الدستور ما يحول دون إمكانية التنصيص على عرض القرار المتعلق بالهيكلة الإدارية والمالية، المتخذ من قبل الرئيس المنتدب، على تأشيرة السلطة الحكومية المكلفة بالمالية، مما يعد إعمالا لمبدإ التعاون بين السلط المقرر في الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور، كما أن الصيغة المعروضة،  لا تتعارض، من جهة ثالثة، مع أي من الأحكام المقررة في هذا القانون التنظيمي بشأن الاستقلال المالي للمجلس، لا سيما أحكام المواد 56 (النقطة الرابعة من الفقرة الأولى) و62 و63 و64 منه، التي سبق التصريح بمطابقتها للدستور، والتي تعتبر من الشروط الجوهرية للاستقلال المالي للمجلس، المكفول له بصريح الفقرة الثانية من الفصل 116 من الدستور، ولا تمس، من جهة رابعة، بالاستقلال الإداري للمجلس، المكفول أيضا بمقتضى أحكام  الفقرة الثانية من الفصل 116، المشار إليها، ولا تتعارض مع  أي من الأحكام المقررة في هذا القانون التنظيمي والتي تعد من الشروط الجوهرية للاستقلال الإداري للمجلس، ومنها، على وجه الخصوص، أحكام الفقرات الثانية والثالثة و الرابعة من المادة 5، والفقرات الأولى والثانية والثالثة من المادة 50، والمادة 56 من القانون التنظيمي المذكور، والتي سبق التصريح بمطابقتها للدستور؛ 
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق، فإنه ليس في الفقرة الرابعة المضافة والفقرة الخامسة المعدلة، من المادة 50 من هذا القانون التنظيمي ما يخالف الدستور؛

فيما يخص المادة 51 (الفقرتان الأولى والثالثة المعدلتان والفقرتان الرابعة والأخيرة المضافتان) 

حيث إن المقتضيات المعروضة من هذه المادة  تنص على التوالي، بصفة خاصة على أن الأمين العام للمجلس يساعد الرئيس المنتدب في تنفيذ مقررات المجلس، وعلى أنه يمكن لهذا الأخير، عند الاقتضاء، أي بصفة عرضية، تعيين أحد القضاة العاملين "بالمجلس كاتبا له، يحضر اجتماعاته ويتولى تحرير محاضر جلساته ومداولاته، ومساعدة الأمين العام في تنفيذ مقررات المجلس"، وعلى أنه: "يتولى كاتب المجلس أيضا، خلال اجتماعات المجلس، القيام بجميع مهام الأمين العام في حالة غيابه."، وعلى أنه: "يمكن للمجلس أن يستعين خلال اجتماعاته بتقنيين يعينهم الرئيس المنتدب كلما دعت الحاجة لذلك."؛ 
وحيث إن المقتضيات المعروضة، تندرج، من حيث موضوعها، ضمن كيفيات سير المجلس، المسند تحديده بمقتضى الفقرة الرابعة من الفصل 116 من الدستور، إلى قانون تنظيمي، كما لا تتضمن في صيغتها المعروضة، ما يمس، من أي وجه، بالاستقلال المؤسساتي الذي يتوفر عليه المجلس بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 116، المشار إليه، مما تكون معه المقتضيات المعروضة مطابقة للدستور؛  

فيما يخص المادة 52 (الفقرة الأخيرة المضافة)

حيث إن هذه الفقرة نصت على أنه: "يمكن للرئيس المنتدب للمجلس حضور اجتماعات لجان المجلس وترؤسها، باستثناء اللجنة الخاصة." المكلفة بالنظر في الطلبات المتعلقة بإلحاق القضاة أو وضعهم في حالة استيداع أو رهن الإشارة، "ولجنة التأديب" المنصوص عليهما في المادتين 79 و88 من هذا القانون التنظيمي؛ 
وحيث إن الفقرة الأخيرة المضافة، ليس فيها، في الصيغة المعروضة، وبما نصت عليه من إمكانية حضور الرئيس المنتدب للمجلس أشغال اللجان وترؤسها، وما يرد على ذلك من استثناء، ما يخالف الدستور، إذ لم تطل، في أي من الحالات المتصورة بموجب المقتضى المعروض، نطاق الدور التداولي للمجلس المذكور، المستفاد، على وجه الخصوص، من أحكام الفصلين 113 و116 من الدستور، وما اتخذ لإنفاذ هذه المهام الدستورية، من أحكام تتعلق باختصاصات المجلس، بموجب هذا القانون التنظيمي؛  

فيما يخص المادة 54 (الفقرتان الأولى والثانية المعدلتان) والمادة 62 (الفقرة الأخيرة المضافة)

حيث إن المقتضيات المعروضة نصت، على التوالي، على إضافة رئاسة النيابة العامة إلى تأليف الهيئة المشتركة للتنسيق في مجال الإدارة القضائية، وأسندت إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، إلى جانب الرئيس المنتدب للمجلس والوزير المكلف بالعدل، مهمة الإشراف على هذه الهيئة، كل فيما يخصه، بما لا يتنافى مع استقلال السلطة القضائية، وعلى إضافة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، إلى الجهات المصدرة للقرار المشترك الذي يحدد تأليف الهيئة المشتركة المذكورة واختصاصاتها، وعلى قيام الوزارة المكلفة بالعدل بالتنسيق مع المجلس ورئاسة النيابة العامة فيما يخص التدبير الإداري والمالي للمحاكم؛ 
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى، من جهة، على أنه فيما عدا ما ميز فيه الدستور، وفقا لمعيار مادي، بين عمل قضاة الأحكام وقضاة النيابة العامة، في بعض الجوانب اللصيقة بطبيعة عمل كل منهما، فإن السلطة القضائية، يمارسها على السواء قضاة الأحكام وقضاة النيابة العامة، مما يكون لإضافة رئاسة النيابة العامة إلى تأليف الهيئة المشتركة للتنسيق في مجال الإدارة القضائية، سند من أحكام الفصل 154 من الدستور، فيما يتعلق بمتطلبات الحكامة الجيدة، وبالمبادئ الأخرى التي تنتظم بها المرافق العمومية ومرفق العدالة من بينها، علاقة بمجال الإدارة القضائية، ومن جهة أخرى، أن الإدارة القضائية في جوانب عَملها الإدارية والمالية، مجال مشترك للتعاون والتنسيق بين السلطتين التنفيذية والقضائية، على النحو المستفاد من مبدإ التعاون بين السلط، المنصوص عليه في الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور، وأنه متى راعت الصيغة المعروضة على نظر المحكمة الدستورية، ما يترتب عن مبدإ استقلال السلطة القضائية، المقرر بموجب الفقرة الأولى من الفصل 107 من الدستور، من جعل الشأن القضائي شأنا مخصوصا تنفرد به السلطة القضائية وحدها، ويمارسه قضاة الأحكام وقضاة النيابة العامة بكل استقلالية، كانت الصيغة المذكورة غير مخالفة للدستور؛  

فيما يخص المادة 55:

حيث إن هذه المادة نصت في صيغتها المعدلة على أنه يقوم "المجلس بتنسيق مع الوزارة المكلفة بالمالية باتخاذ كافة التدابير اللازمة لتنفيذ مقررات المجلس المتعلقة بالوضعيات الإدارية والمالية للقضاة."؛ 
وحيث إن الفقرة الأولى من الفصل 113 من الدستور، أناطت بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، علاقة بالصيغة المعدلة للمادة المعروضة، السهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، وأن الدستور أسند بموجب الفقرة الرابعة من الفصل 116 منه، إلى قانون تنظيمي، تحديد المعايير المتعلقة بتدبير الوضعية المهنية للقضاة؛ 
وحيث إن مقررات المجلس المتعلقة بالوضعيات الإدارية والمالية للقضاة، تتخذ في إطار تدبير وضعياتهم المهنية، وأن اتخاذ التدابير المتعلقة بتنفيذها، يندرج بالتبعية ضمن الاختصاص المسند دستورا إلى المجلس، وأن التنسيق بشأن ذلك، مع السلطة الحكومية المكلفة بالمالية، يسوغه مبدأ التعاون بين السلط، المنصوص عليه في الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور، مما تكون معه المادة في صيغتها المعدلة، غير مخالفة للدستور؛

 فيما يخص المادة 66 (البندان الثالث والرابع من الفقرة الأولى)

 حيث إن البندين الثالث والرابع من الفقرة الأولى من هذه المادة نصا على أن من بين المعايير العامة التي يراعيها المجلس عند تدبير الوضعية المهنية للقضاة: "-السلوك المهني والالتزام بالقيم الأخلاقية والأعراف والتقاليد القضائية"، و"-النجاعة والمردودية"؛ 
وحيث إنه، من جهة، فإن الصيغة الجديدة للمعيار العام المتمثل في "السلوك المهني والالتزام بالقيم الأخلاقية والأعراف والتقاليد القضائية"، متضمنة في معيار "السلوك المهني والالتزام بالقيم القضائية"، التي سبق التصريح بمطابقتها للدستور، إذ أن الأعراف والتقاليد القضائية، لاسيما منها المقررة في مدونة الأخلاقيات القضائية،  المتخذة عملا بالمادة 106 من هذا القانون التنظيمي، متضمنة في المدلول العام للقيم القضائية، ومن جهة أخرى، فإن إدراج "النجاعة والمردودية" ضمن المعايير العامة التي يراعيها المجلس عند تدبير الوضعية المهنية للقضاة، له سند، مما يتطلبه دستورا، خضوع مرفق العدالة، من بين متطلبات أخرى، لمعايير الجودة (الفصل 154)، ولقواعد الحكامة الجيدة (الفصل 157)، ولضمان الطابع الفعلي لحق التقاضي لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون (الفقرة الثانية من الفصل 6، والفصل 118)، مما يكون معه البندان الثالث والرابع  المعروضان من الفقرة الأولى من المادة 66 مطابقين للدستور؛ 

فيما يخص المادة 71 (البند الأول من الفقرة الثانية، والفقرات الرابعة والخامسة والأخيرة) 

حيث إن هذه المقتضيات في صيغتها المعدلة أو المستحدثة، حسب الحالة، نصت على التوالي، بصفة خاصة، على أنه  تحدد بقرار للمجلس: "لائحة مهام المسؤولية الشاغرة أو التي سيعلن عن شغورها وفق الحالة المنصوص عليها في المادة 70 أعلاه ، أو بسبب الإحالة إلى التقاعد أو لأي سبب آخر، قبل حلول الأجل بمدة كافية لتدبير إجراءات تعيين الخلف؛"، وعلى أنه: "يشكل المجلس، من بين أعضائه، لجنة أو أكثر لدراسة ملفات المترشحين والتقارير التي يعرضون فيها تصوراتهم حول كيفية النهوض بأعباء الإدارة القضائية."، وعلى أنه: "يمكن إجراء مقابلات مع المترشحين الذين توفرت فيهم شروط الترشيح و قدموا تقاريرهم، وترفع بشأنهم إلى المجلس اقتراحات تتعلق بثلاثة مترشحين على الأكثر لكل مهمة من مهام المسؤولية المتبارى بشأنها، مرتبين حسب الاستحقاق."، وعلى أنه يمكن للمجلس، نظرا لما تقتضيه المصلحة القضائية، تعيين "نائب مسؤول قضائي لتولي مهام مسؤولية قضائية أخرى."؛ 
وحيث إن التعيين في مناصب المسؤولية، يندرج ضمن تدبير الوضعيات المهنية للقضاة، المسند السهر على تطبيق الضمانات المتعلقة به إلى المجلس، طبقا للفقرة الأولى من الفصل 113 من الدستور، والموكل تحديد المعايير المتعلقة بتدبيره إلى قانون تنظيمي، طبقا للفقرة الرابعة من الفصل 116 من الدستور؛
وحيث إن المقتضيات المعروضة، تقيدت من جهة أولى، بحدود الدور التحضيري لعمل لجان الانتقاء التي يعينها المجلس، ومن جهة ثانية، بالمبدإ المتمثل في كون  المجلس الأعلى للسلطة القضائية، يظل، طبقا للقانونين التنظيميين المتعلقين بالسلطة القضائية، الجهة الوحيدة المخول لها تعيين القضاة، في كل حالات تعيينهم، الذي يشمل أيضا التعيين في منصب المسؤولية، بالنظر للضمانات التي تقدمها المساطر المتبعة لاتخاذ قراراته، وكذا ما يتيحه إدراج هذه التعيينات ضمن أشغال المجلس، من موافقة جلالة الملك، عليها، حسب الحالة، بظهير، بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بموجب الفصل 56 من الدستور،  وضامنا لاستقلالها، طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 107 من الدستور، كما تقيدت، من جهة ثالثة، بمبدإ المساواة في تدبير الوضعيات المهنية للقضاة، المستفاد من أحكام الفقرة الأولى من الفصل 113 والفقرة الرابعة من الفصل 116 من الدستور المشار إليهما، مما تكون معه المقتضيات المعروضة مطابقة للدستور؛ 

فيما يخص المادة 79 (الفقرتان الثالثة والأخيرة)

حيث إن المقتضيين المعروضين من هذه المادة، نصا على أنه: "يتم وضع حد لإلحاق القضاة أو وضعهم رهن الإشارة بقرار للرئيس المنتدب للمجلس وفق نفس الكيفية المشار إليها في الفقرة الأولى" من نفس المادة 79، وعلى أنه: "...إذا كان طلب وضع حد للإلحاق أو للوضع رهن الإشارة مقدما من قبل القاضي المعني، فإن البت فيه يرجع للرئيس المنتدب."، وعلى أن المجلس يشعر بجميع القرارات المتخذة طبقا لمقتضيات الفقرة الثالثة المستحدثة؛
وحيث إن تدبير حالات الإلحاق والوضع رهن الإشارة، يندرج ضمن تدبير الوضعية المهنية للقضاة، المسند تحديده، بمقتضى الفقرة الرابعة من الفصل 116 من الدستور، إلى قانون تنظيمي؛ 
وحيث إن المقتضيات المعروضة لم تمس بأي حال، من جوهر الضمانات المقررة بموجب أحكام القانون التنظيمي ذات الصلة التي سبق التصريح بمطابقتها للدستور، إذ أنه، من جهة، لا يتخذ قرار الرئيس المنتدب للمجلس بوضع حد لإلحاق القضاة أو وضعهم رهن الإشارة إلا بعد استشارة اللجنة الخاصة، المؤلفة وفق الفقرة الأولى من المادة 79 من هذا القانون التنظيمي، التي سبق التصريح بمطابقتها للدستور، والتي لا يحضر الرئيس المنتدب للمجلس أشغالها ولا يترأسها، وفق الفقرة الأخيرة المضافة إلى المادة 52 المعروضة، كما أنه لا يجوز، من جهة أخرى، وفق الفقرة الثانية من المادة 79 التي سبق أيضا التصريح بمطابقتها للدستور، وباستثناء حالات الإلحاق بحكم القانون، إلحاق القضاة أو وضعهم رهن الإشارة إلا للحاجيات الضرورية للمصلحة وبعد موافقة القضاة المعنيين وطبقا للحالات والشروط المنصوص عليها في القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، كما نصت على إشعار المجلس بالقرارات المتخذة في هذه الحالات، وباحتفاظها بهذه الضمانات الإجرائية، وإضافة أخرى، تكون الفقرتان المعروضتان من المادة 79 غير مخالفتين للدستور؛

  فيما يخص المادة 81

 حيث إن هذه المادة نصت في صيغتها الجديدة على تولي لجنة مكونة من ممثل عن كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية والوزارة المكلفة بالعدل ورئاسة النيابة العامة لمسطرة انتقاء قضاة الاتصال، وأدرجت مقتضيات مستحدثة في فقرتيها الثانية والأخيرة اللتان نصتا على التوالي، على أنه: "تحدد مهام قضاة الاتصال بمرسوم يتخذ باقتراح من الوزير المكلف بالعدل والوزير المكلف بالشؤون الخارجية والتعاون، بعد استطلاع رأي المجلس ورئاسة النيابة العامة."، وعلى أنه: "تضع الوزارة المكلفة بالشؤون الخارجية والتعاون رهن إشارة قضاة الاتصال المقر، ويستعينون في ممارسة مهامهم بالأطر الإدارية التابعة لهذه الوزارة. وترصد الاعتمادات المالية الأخرى المتعلقة بمهامهم ضمن ميزانية المجلس الأعلى للسلطة القضائية."؛ 
وحيث إنه، من جهة، فإن طبيعة مهام قضاة الاتصال، وتعلقها على وجه الخصوص بمجال التعاون القضائي بفروعه المختلفة، مما لا يقتصر موضوعه على الشأن القضائي الذي تنفرد به السلطة القضائية، تسوغ للمشرع، تأسيسا على مبدإ التعاون بين السلط، المقرر بموجب الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور، سن أحكام، وفق ما ارتآه، تتعلق بالتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالعدل في مسطرة انتقاء قضاة الاتصال، وتحديد مهامهم  طبقا لمرسوم يتخذ بتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالخارجية والتعاون، بعد استطلاع رأي المجلس ورئاسة النيابة العامة، ومن جهة أخرى، فإن ما نص عليه المقتضى المعروض من وضع الموارد المادية والبشرية رهن إشارة قضاة الاتصال، لا يمس في صيغته، بالاستقلال المؤسساتي للمجلس، ولا بضمانات استقلال القضاة المعنيين، مما تكون معه المادة 81، في صيغتها المعدلة، غير مخالفة للدستور؛

 فيما يخص المواد 88 و90 و97

  حيث إن الصيغة المعدلة المعروضة لهذه المقتضيات نصت على التوالي، على عرض الرئيس المنتدب للمجلس نتائج الأبحاث والتحريات المنجزة على أنظار لجنة التأديب، التي تقترح على إثر ذلك إما الحفظ أو تعيين قاض مقرر تفوق درجته أو توازي درجة القاضي المعني مع مراعاة الأقدمية في السلك القضائي، وعلى إسناد البت في مقترح اللجنة إلى الرئيس المنتدب الذي " يشعر المجلس بمقرر الحفظ معللا، ويمكنه إلغاؤه وتعيين قاض مقرر، وفقا للشروط المشار إليها" في المادة 88 من هذا القانون التنظيمي، إذ نصت على أنه: "يتخذ الرئيس المنتدب للمجلس، باقتراح من لجنة التأديب بعد اطلاعها على تقرير القاضي المقرر"، مقررا بالحفظ أو إحالة القاضي المعني إلى المجلس إذا تبين له جدية ما نسب إليه."، وعلى أنه: "يشعر المجلس بمقرر الحفظ معللا، و يمكنه إلغاؤه وإحالة القاضي المعني على التأديب."، وعلى أنه: "يتم البت في الملفات التأديبية داخل أجل أقصاه خمسة (5) أشهر من تاريخ تبليغ قرار الإحالة إلى القاضي المعني، غير أنه يمكن للرئيس المنتدب للمجلس، بموجب قرار معلل، تمديد هذا الأجل مرة واحدة ولنفس المدة"، وعلى أنه: "يتوقف احتساب الأجل إذا اتخذ المجلس قرارا بإجراء بحث تكميلي أو إذا كان القاضي هو المتسبب في تأخير البت."؛ 
وحيث إن الفقرة الأولى من الفصل 113 من الدستور، أوكلت إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، تطبيق الضمانات المتعلقة بتأديب القضاة؛ 
وحيث  إن المقتضيات المعروضة لم تمس بأي حال، من جوهر الضمانات المقررة بموجب أحكام القانون التنظيمي ذات الصلة التي سبق التصريح بمطابقتها للدستور، إذ لم تطل التعديلات المعروضة أيا من الضمانات الإجرائية في مجال التأديب، التي سبق التصريح بمطابقتها للدستور، أثناء النظر في الصيغة النافذة لهذا القانون التنظيمي، ومنها بصفة خاصة، الولاية العامة للمجلس بالنظر في الإخلالات المستوجبة للتأديب (المادة 85)، وعدم مباشرة المتابعة إلا بعد إجراء الأبحاث والتحريات الضرورية (الفقرة الأولى من المادة 87)، والضمانات الإجرائية المقررة لفائدة القاضي المعني، بتبليغ ما نسب إليه من إخلال وباسم القاضي المقرر (الفقرة الأولى من المادة 89)، وبإمكانية تجريح القاضي المقرر (الفقرة الثانية من المادة 89)، ووجوب استدعاء القاضي المعني قصد الاستماع إليه، (الفقرة الرابعة من المادة 89)، وحق الاطلاع على كافة الوثائق وأخذ نسخة منها (الفقرة 5 من المادة 89)، والحق في التزام الصمت عند الاستماع إليه، (الفقرة 6 من المادة 89)، والحق في أخذ نسخة من محضر الاستماع إليه، فور التوقيع عليه (الفقرة 7 من المادة 89)، وحق القاضي المتابع في أن يؤازر بأحد زملائه القضاة أو بمحام (الفقرة الأولى من المادة 94)، وحقه أو من يؤازره في الاطلاع على كل الوثائق المتعلقة بالملف وأخذ نسخة منها بعد إيداع المقرر لتقريره (الفقرة الأخيرة من المادة 94)، والتمتيع بالتواجهية (المادة 96)، والحق في الطعن في المقررات المتعلقة بالوضعيات الفردية، المكفول بمقتضى أحكام الفصل 114 من الدستور، وعلى النحو المقرر، بصفة خاصة، في المادة 101 من هذا القانون التنظيمي؛ 
وحيث إنه، متى كان ذلك، فإنه لئن أسندت المقتضيات موضوع الفحص إلى لجنة التأديب، التي لا يحضر الرئيس المنتدب للمجلس أشغالها ولا يترأسها، وأسندت المقتضيات المعروضة أيضا اقتراح الحفظ أو تعيين قاض مقرر إلى اللجنة، وإلى الرئيس المنتدب صلاحية البت في مقترح اللجنة المذكورة، فإنها خولت المجلس، صلاحية إلغاء قرار الحفظ وتعيين مقرر، مما تكون معه هذه المقتضيات قد تقيدت بحدود الفقرة الأولى من الفصل 113 من الدستور الذي أقر، على وجه الخصوص بأن السهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، في تأديبهم تندرج في الاختصاصات الموكلة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وحده؛     
وحيث إن ما نصت عليه المقتضيات المعروضة، من تحديد آجال البت في الملفات التأديبية وكيفية احتسابها، لم يمس من جهة بالضمانات الإجرائية، التي خص بها الدستور والقانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية المسطرة التأديبية، وتقيدت، من جهة أخرى، بنطاق الصلاحيات الموكلة للمجلس في المادة التأديبية، مما تكون معه المقتضيات المعروضة غير مخالفة للدستور؛

 فيما يخص المادة 100 (الفقرتان الثالثة والأخيرة المضافتان) 

حيث إن الفقرتين المستحدثتين من هذه المادة، نصتا على التوالي، على أن المخالفات المنصوص عليها في المادة 107 من هذا القانون التنظيمي، " لا تتقادم إلا بعد مرور خمس عشرة (15) سنة تبتدئ من تاريخ التصريح بالممتلكات المنصوص عليه في المادة 113 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة." وعلى أنه: "لا تتقادم المخالفات المتعلقة بالممتلكات التي لم يصرح بها للمجلس."؛   
وحيث إن اختيارات المشرع، راعت، من جهة، متطلبات التناسب، في تحديد مدة تقادم المخالفات التأديبية المنصوص عليها في المادة 107 من هذا القانون التنظيمي بالنظر لجسامتها، وبإقرارها بعدم تقادم المخالفات المتعلقة بالممتلكات التي لم يتم التصريح بها، ضمنت، من جهة أخرى، إنفاذ أحكام الفصل 158 من الدستور، التي نصت، بصفة خاصة، على أنه: "يجب على كل شخص، ...معينا...يمارس مسؤولية عمومية، أن يقدم، طبقا للكيفيات المحددة في القانون، تصريحا كتابيا بالممتلكات والأصول التي في حيازته، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بمجرد تسلمه لمهامه، وخلال ممارستها، وعند انتهائها."، مما تكون معه الفقرتان المضافتان المعروضتان مطابقتين للدستور؛

 فيما يخص المادة 108 (الفقرات الثالثة، والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والأخيرة)

حيث إن المقتضيات المستحدثة في هذه المادة نصت على التوالي على أنه: "لأجل تنفيذ المقتضيات أعلاه من هذه المادة، و دون الإخلال بمبدإ استقلال القضاء المنصوص عليه في الدستور ولاسيما الفقرة الأولى من الفصلين 109 و110 منه، يقوم الرئيس المنتدب للمجلس بتتبع العمل القضائي بالمحاكم المندرج في خانة الولوج إلى العدالة وإجراءات التقاضي، وكذا استجماع الإحصائيات المتعلقة بالمقررات القضائية الصادرة عن هذه المحاكم."، وعلى أنه: "يتلقى الرئيس المنتدب للمجلس من المسؤولين القضائيين، كلما طلب منهم ذلك، المعطيات والمعلومات والبيانات والإحصائيات والتقارير اللازمة لأجل القيام بالمهام المنصوص عليها في الفقرة أعلاه"، وعلى أنه: "يرفع الرئيس المنتدب إلى المجلس، بناء على المعطيات والمعلومات والبيانات والإحصائيات والتقارير اقتراحات بالمواضيع التي يمكن أن تكون موضوع تقارير."، وعلى أنه: "يمكن للمجلس أن يضع التقارير المذكورة بناء على اقتراح أغلبية أعضائه."، وعلى أنه: "يرفع الرئيس المنتدب للملك التقارير التي يضعها المجلس."، وعلى أنه: "يمكن أن تحال التقارير المذكورة على السلطات المعنية، كما يمكن نشرها في الجريدة الرسمية."؛ 
وحيث إنه، من جهة أولى، فإن تتبع العمل القضائي، لاسيما منه الجوانب المتصلة بالولوج إلى العدالة وإجراءات التقاضي، المتعلقة بالحقوق المكفولة بموجب الفصول 117 و118 و120 (الفقرة الأولى) و121 من الدستور بصفة خاصة، يندرج في جوهر ما أسند إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بموجب الفقرة الثانية من الفصل 113 منه، من وضع تقارير حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة، وإصدار التوصيات الملائمة بشأنها، ومن جهة ثانية، فإن إعداد التقارير والآراء المنصوص عليها في الفقرتين الثانية والأخيرة من الفصل 113 المشار إليه، اختصاصان قائمي الذات للمجلس، متمايزين عن تدبير الوضعيات الفردية للقضاة التي تخضع، في جوانب منها، لمعايير تقييم ولأوضاع إجرائية منصوص عليها في القانونين التنظيميين للسلطة القضائية حسب الحالة، وتبعا لذلك لا يمكن أن تعتمد المعطيات العامة، المتحصلة في إطار ممارسة الصلاحيات الاستشارية للمجلس في تتبع العمل القضائي للمحاكم، أساسا لمسطرة تتعلق بوضعية مهنية شخصية للقضاة، خارج الضمانات المتعلقة بتدبير هذه الوضعيات، المقررة في الدستور والقانونين التنظيميين المتعلقين بالسلطة القضائية، لا سيما في المادة التأديبية، ومن جهة ثالثة، فإن استجماع المعطيات والإحصائيات والبيانات والمعلومات الضرورية، عملية لازمة لإعداد التقارير مادامت تتعلق بوضعية القضاء ومنظومة العدالة، أو بإصدار آراء مفصلة حول كل مسألة تتعلق بالعدالة؛ 
وحيث إن المقتضيات المعروضة، راعت نطاق الدور التداولي للمجلس في المبادرة بوضع التقارير المذكورة واعتمادها، ونصت على رفعها من قبل الرئيس المنتدب للمجلس إلى جلالة الملك، الضامن لاستقلال السلطة القضائية (الفقرة الأخيرة من الفصل 107 من الدستور)، والساهر على صيانة حقوق المواطنين والمواطنات، ومنها الحقوق المكفولة في إطار التقاضي، (الفصل 42، الفقرة الأولى من الدستور)، وأقرت بأن التقارير الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة، المنصوص عليها في الفصل 113 من الدستور، تعد تقارير تهم الشأن العام القضائي التي يجوز للجميع، تدارسها والأخذ بما قد يرد فيها من توصيات، مع مراعاة مبدإ فصل السلط والاحترام الواجب للسلطة القضائية المستقلة، ونصت تبعا لذلك على إمكانية إحالة التقارير المذكورة على السلطات المعنية ونشرها في الجريدة الرسمية، مما تكون معه المقتضيات المضافة إلى المادة 108 غير مخالفة للدستور؛

في شأن المادة الثانية: 
فيما يخص المادة 108 المكررة المضافة 

حيث إن هذه المادة المستحدثة أسندت للمجلس، من جهة أولى، "تتبع أداء القضاة بالمحاكم"، والعمل على" اتخاذ الإجراءات المناسبة لتحسينه وتأطيره من أجل الرفع من النجاعة القضائية، ولاسيما ما تعلق منه باحترام الآجال الاسترشادية للبت في القضايا"، وتتبع "تحرير وطبع المقررات القضائية وعمل التبليغ والتنفيذ، وغيرها من مهام الإدارة القضائية التي تتسم بالطابع القضائي، أو تندرج في إطار الولوج إلى العدالة."، كل ذلك بما لا يخل "بمبدإ استقلال القضاء المنصوص عليه في الدستور، ولاسيما في أحكام الفصلين 109 و110 منه"، وخصت المجلس بالقيام ب"تتبع العمل والاجتهاد القضائي، "والعمل" على تصنيفه وتبويبه وتعميمه على القضاة بالوسائل المتاحة." وأناطت، من جهة ثانية، ب"المسؤولين القضائيين بالمحاكم كلما طلب منهم ذلك، موافاة المجلس بالمقررات القضائية والمعطيات والإحصائيات والتقارير اللازمة لأجل ممارسة الاختصاصات الموكولة إليه بموجب أحكام الفقرتين الأولى والثانية" من المادة المستحدثة المعروضة، وأوكلت، من جهة ثالثة، للمجلس أيضا السهر "على تكوين القضاة وتأهيلهم والرفع من قدراتهم المهنية بمؤسسة تكوين القضاة، أو على مستوى الدوائر القضائية، وبكل الوسائل المتاحة."، وأسندت، من جهة رابعة، للمجلس العمل "بتنسيق مع الوزارة المكلفة بالعدل ورئاسة النيابة العامة في إطار الهيئة المشتركة المنصوص عليها في المادة 54 من هذا القانون التنظيمي، على المساهمة في تطوير البرمجيات المعلوماتية اللازمة لسير المهام القضائية بالمحاكم ولرقمنة الخدمات والإجراءات القضائية."؛   
وحيث إنه، من جهة أولى، فإن تتبع أداء القضاة، يندرج ضمن اختصاصات المجلس، إذ يتعلق بتقييم أدائهم، وهو اختصاص من صميم تدبير الوضعيات المهنية للقضاة المسند تطبيق ضماناته، إلى المجلس بموجب الفقرة الأولى من الفصل 113 من الدستور، وتحديد معايير تدبيره إلى قانون تنظيمي (الفقرة الرابعة من الفصل 116 من الدستور)، ومن جهة ثانية، فإن تتبع مهام الإدارة القضائية التي تتسم بالطابع القضائي، ومدى احترام الآجال الاسترشادية  للبت، لها سند من أحكام الفصول 117 و 120 (الفقرة الأولى) و154 (الفقرة الأخيرة) من الدستور، كما، أقرت، في صيغتها المعروضة صراحة، قيد عدم الإخلال بمبدإ استقلال السلطة القضائية وبأحكام الفصلين 109 و110 من الدستور بصفة خاصة، ومن جهة ثالثة، فإن مهام تتبع الاجتهاد القضائي وتصنيفه وتبويبه وتعميمه، وموافاة المجلس بالمعطيات اللازمة لممارسة الاختصاصات الموكلة إليه، وتكوين القضاة، كما تطوير البرمجيات المعلوماتية في إطار الهيئة المشتركة المنصوص عليها في المادة 54 من هذا القانون التنظيمي، أتت كلها لإعمال مبادئ وأهداف ذات طبيعة دستورية، أو لتحقيق الطابع الفعلي لحقوق كفلها الدستور، ويساهم المجلس، في نطاق الاختصاصات الموكلة إليه في إنفاذها، كل ذلك، طبقا لأحكام الفصل 6 (الفقرة 2)، والفصول 117 و118 (الفقرة الأولى)    و120 و125 و154 و156 (الفقرة الأولى)، بصفة خاصة، مما تكون معه مقتضيات المادة 108 المكررة مطابقة للدستور؛  


لهذه الأسباب:

أولا- تصرح بأن القانون التنظيمي رقم 13.22 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.40 بتاريخ 14 من جمادى الآخرة 1437 (24 مارس 2016)، ليس فيه ما يخالف الدستور؛

ثانيا - تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية.  

 وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الأربعاء 15 من شعبان 1444

(8 مارس 2023)

الإمضــاءات

اسعيد إهراي

عبد الأحد الدقاق      الحسن بوقنطار       أحمد السالمي الإدريسي    محمد بن عبد الصادق

مولاي عبد العزيز العلوي الحافظي            محمد الأنصاري                ندير المومني
لطيفة الخال           الحسين اعبوشي           محمد علمي              خالد برجاوي