قرارات المحكمة الدستورية


قرار رقم : 2015/970
تاريخ صدور القرار : 12-07-2015

المملكة المغربية            الحمد لله وحده،        

المجلس الدستوري

ملف عدد: 1426/15

قرار رقم: 970/15 م. د

                                                                                             

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

 

المجلس الدستوري،

 بعد اطلاعه على القانون التنظيمي رقم 34.15 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.173 بتاريخ 24 من ذي الحجة 1432 (21 نوفمبر 2011)، المحال إلى المجلس الدستوري بمقتضى رسالة السيد رئيس الحكومة المسجلة بالأمانة العامة للمجلس الدستوري في 7 يوليو 2015 قصد البت في مطابقته للدستور على وجه الاستعجال، وهو ما راعاه المجلس الدستوري؛

 وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو2011)، لاسيما فصوله 19 و30 و132 و146 و177 منه؛

 وبناء على المادة 48 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435(13 أغسطس 2014)؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه، لاسيما الفقرة الأولى من المادة 21 والفقرة الأولى من المادة 23 منه؛

وبعد الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛

أولا– فيما يتعلق بالاختصاص:

حيث إن الفصل 132 من الدستور ينص في فقرته الثانية على أن القوانين التنظيمية، تحال إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور قبل إصدار الأمر بتنفيذها؛

وحيث إن المجلس الدستوري، القائم حاليا، يستمر في ممارسة صلاحياته إلى حين تنصيب المحكمة الدستورية، عملا بأحكام الفصل 177 من الدستور ومقتضيات الفقرة الأولى من المادة 48 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية التي جاءت تطبيقا له، الأمر الذي بموجبه يكون المجلس الدستوري مختصا بالبت في مطابقة القوانين التنظيمية للدستور؛

ثانيا- فيما يتعلق بالشكل والإجراءات المتبعة:

حيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف أن القانون التنظيمي  رقم 34.15 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، المعروض على نظر المجلس الدستوري، جرى التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 15 مايو 2015 طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وتم إيداعه بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب بتاريخ 22 مايو 2015، وأن هذا المجلس لم يشرع في التداول فيه إلا بعد مضي عشرة أيام على إيداعه لدى مكتبه، وذلك خلال جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 17 يونيو 2015 التي وافق خلالها على المشروع، في قراءة أولى، وبعد أن أدخل مجلس المستشارين، في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 23 يونيو 2015، تعديلا على بعض مواد هذا المشروع، صادق عليه مجلس النواب نهائيا، في قراءة ثانية، في جلسته العامة المنعقدة في 30 يونيو 2015   بـ 208 صوتا، وهو ما يشكل الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب البالغ عددهم 395 عضوا، والكل وفق أحكام الفصلين 84 و85 من الدستور؛

ثالثا- فيما يتعلق بالموضوع:

حيث إن مما يسنده الدستور إلى قانون تنظيمي بموجب فصله 146، تحديد عدد أعضاء مجالس الجماعات الترابية والقواعد المتعلقة بأهلية الترشيح، وحالات التنافي، وحالات منع الجمع بين الانتدابات، وكذا النظام الانتخابي، وأحكام تحسين تمثيلية النساء داخل المجالس المذكورة؛

وحيث إن القانون التنظيمي رقم 34.15 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي        رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، يحتوي على ثلاث مواد، غيرت وتممت المادة الأولى منه أحكام المواد 7 (الفقرة الثالثة) و8 و10 (الفقرة الثانية) و11 (فقرات سادسة وسابعة وثامنة مضافة) و21 (فقرة ثامنة مضافة) و35 و36 و43 و76 و77 (الفقرة الأولى) و85  (الفقرة الثانية) و92 (فقرة مضافة) و134 (الفقرة الأولى) و138 ( فقرة ثالثة مضافة) و141، وأضافت المادة الثانية منه المادة 128 المكررة، ونسخت المادة الثالثة والأخيرة منه مقتضيات المادة 14 والفقرة الأولى من المادة 87 والفقرتين الأولى والثانية من المادة 112 والباب السادس من الجزء الثالث من القسم الثاني؛

وحيث إنه، يبين من فحص التغييرات والتتميمات التي أدخلتها مواد القانون التنظيمي رقم 34.15 المذكور على القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية أنها تكتسي كلها صبغة قانون تنظيمي؛

1-   فيما يخص التعديلات المدخلة على المواد 7 و 8 و 10 و 11 :

حيث إن هذه المواد تم تغييرها أو تتميمها قصد السماح لتحالفات الأحزاب السياسية بالمشاركة في انتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية، من خلال تمكينها من تقديم لوائح ترشيح باسمها وتخصيص رمز خاص بها وترتيب الترشيحات المقدمة بتزكية منها في الإطارات المخصصة للترشيحات في ورقة التصويت الفريدة، وليس فيها ما يخالف الدستور؛

2-   فيما يخص التعديلات المدخلة على المادتين 35 و 43 :

حيث إن المادة 43 نصت على أنه، دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد، يعاقب بغرامة من 10.000 إلى 50.000 درهم عن كل إخلال بالقواعد المنصوص عليها في المادة 35 ؛

وحيث إن المادة 35 ألزمت أصحاب الإعلانات الانتخابية وكذا المؤسسات أو الأشخاص الذين يقومون بإعدادها أو تعليقها أو توزيعها بالتقيد بأحكام المادة 118 من القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية، كما منعت تعليق الإعلانات الانتخابية في الأماكن والتجهيزات التي تحدد أصنافها بمرسوم يتخذ باقتراح من وزير الداخلية؛

وحيث إن المادة 118 من القانون رقم 57.11، المحال عليها، حددت بدقة المواد التي لا يجوز، بأي شكل من الأشكال، أن تتضمنها برامج الفترة الانتخابية والبرامج المعدة للحملة الانتخابية ؛

وحيث إن الجزاءات التي تضمنتها المادة 43 المذكورة تنصب على مخالفات حددتها المادة 35 مباشرة أو بالإحالة على المادة 118 من القانون رقم 57.11، مما تكون معه  المادتان 43 و35  قد راعتا ما نص عليه الدستور، في كل من الفقرة الأولى من فصله 23 من عدم جواز متابعة أو إدانة أي شخص إلا في الحالات التي ينص عليها القانون، وفي فصله 71 من أن القانون يختص بتحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها ؛

وحيث إنه، بناء على ما سبق، فليس في التعديلات المدخلة على المادتين 43 و35 ما يخالف الدستور؛

3- فيما يخص التعديلات المدخلة على المواد 76 و77 (الفقرة الأولى) و85 (الفقرة الثانية) و92 (الفقرة المضافة) و134 (الفقرة الأولى) و138 (الفقرة الثالثة المضافة) و141، وكذا ما نصت عليه المادة 128 المكررة :

حيث إن هذه التعديلات اشتملت، بالخصوص، على مقتضيات تنص، فيما يتعلق بمجالس الجهات، على أنه يخصص للنساء في كل دائرة انتخابية ثلث المقاعد على الأقل، وفيما يتعلق بمجالس الجماعات والمقاطعات، على أنه يخصص للنساء عدد من المقاعد الملحقة في كل جماعة أو مقاطعة علاوة على عدد المقاعد المحددة، وأنه في مجالس الجهات وكذا في مجالس الجماعات والمقاطعات التي ينتخب أعضاؤها باللائحة يجب أن تشتمل كل لائحة ترشيح على جزأين يتضمن الجزء الثاني منهما وجوبا أسماء مترشحات فقط في عدد يطابق عدد المقاعد المخصصة للنساء في الدائرة الانتخابية المعنية، ولا يحول ذلك، في الحالتين معا، دون حقهن في الترشح برسم المقاعد الأخرى، مع اعتبار المترشحة الوارد اسمها في المرتبة الأولى بالنسبة للجزء المخصص للنساء بمثابة رأس لائحة ولها نفس الحقوق المخولة لرأس لائحة الترشيح المعنية؛

وحيث إن التدابير التي تضمنتها المقتضيات سالفة الذكر تروم تيسير ولوج النساء إلى الوظائف الانتخابية داخل مجالس الجهات ومجالس الجماعات والمقاطعات؛

وحيث إن الدستور ينص في الفقرة الثانية من فصله 19 على أن الدولة تسعى إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء، وفي الفقرة الأولى من فصله 30 على ضرورة أن ينص القانون على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية، وفي فصله 146 على أن القانون التنظيمي المتعلق بمجالس الجماعات الترابية يتعين أن يتضمن أحكاما تهم تحسين تمثيلية النساء داخل هذه المجالس؛

وحيث إنه، ليس من صلاحيات المجلس الدستوري التعقيب على السلطة التقديرية للمشرع في اختيار نوعية التدابير التشريعية التي يرتضيها سبيلا لبلوغ أهداف أو تطبيق مقتضيات مقررة في الدستور، طالما أن ذلك لا يخالف أحكام هذا الأخير؛

وحيث إنه، لئن كانت مقتضيات المواد المعدلة أو المتممة سالفة الذكر جاءت لإعمال أهداف وأحكام مقررة في الدستور، فإنه يتعين في هذا المجال أيضا استحضار المبادئ الأساسية الثابتة التي يرتكز عليها الدستور في مضمار ممارسة الحقوق السياسية، والمتمثلة بالخصوص في المواطنة وحرية الانتخاب والترشيح من خلال اقتراع عام خاضع لنفس القواعد والشروط  وقائم على أساس مبادئ المساواة، وتكــافؤ الفرص، وحظر ومكافحة كل أشكال التمييز، وفق ما ينص عليه الدستور في تصديره وفي فصوله 2 (الفقرة الثانية) و6 (الفقرة الأولى) و19 (الفقرة الأولى) و30 (المقطع الثاني من الفقرة الأولى)، وهي مبادئ لا تسمح بإضفاء صبغة الديمومة على تدابير قانونية استثنائية تمليها دواع مرحلية ترمي بالأساس إلى الارتقاء بتمثيلية النساء وتمكينهن من ممارسة مهام ومسؤوليات انتخابية داخل مجالس الجهات ومجالس الجماعات والمقاطعات، قصد الانخراط بنجاح في النظام الانتخابي العام؛

وحيث إنه، بناء على ذلك، فإن ما تضمنته التعديلات آنفة الذكر من مقتضيات تتعلق بتخصيص ثلث المقاعد على الأقل للنساء في كل دائرة انتخابية، فيما يخص انتخاب أعضاء مجالس الجهات، وعدد من المقاعد، محدد بصفة مسبقة، في مجالس الجماعات والمقاطعات، واعتبار المترشحة الوارد اسمها في المرتبة الأولى بالنسبة للجزء المخصص للنساء بمثابة رأس لائحة ولها نفس الحقوق المخولة لرأس لائحة الترشيح المعنية، يتعين اعتبارها مقتضيات مرحلية يتوقف العمل بها بمجرد تحقق الأهداف التي بررت اللجوء إليها، وهو أمر يعود تقديره للمشرع؛

وحيث إنه، مع مراعاة هذه الملاحظة، فليس في التعديلات المدخلة على المواد المذكورة أعلاه ما يخالف الدستور؛

لهذه الأسباب:

أولا- يصرح بأن القانون التنظيمي رقم 34.15 القاضي  بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.173 بتاريخ 24 من ذي الحجة 1432 (21 نوفمبر 2011)، ليس فيه ما يخالف الدستور، مع مراعاة الملاحظات التي أبداها المجلس الدستوري بشأن التغييرات والتتميمات المدخلة على المواد 76 و77 (الفقرة الأولى) و85 (الفقرة الثانية) و92 (الفقرة المضافة) و128 المكررة و134 (الفقرة الأولى) و138 (الفقرة الثالثة المضافة) و141؛

ثانيا - يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية.

                 وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الأحد 25  من رمضان  1436 (12 يوليو 2015)

 

الإمضاءات:

محمد أشركي

حمداتي شبيهنا ماء العينين                ليلى المريني                        أمين الدمناتي

عبد الرزاق مولاي ارشيد              محمد الصديقي                       رشيد المدور

محمد أمين بنعبد الله           محمد الداسر                  شيبة ماء العينين             محمد أتركين