قرارات المحكمة الدستورية


قرار رقم : 2011/818
تاريخ صدور القرار : 20-10-2011

المملكة المغربية            الحمد لله وحده، 
المجلس الدستوري

ملف عدد: 1172/11

قرار رقم: 11/ 818 م.د

 
 
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون


المجلس الدستوري،

بنــاء على الدستور الصادر بتـنـفـيذه الـظـهـير الـشـريـف رقم 1.11.91 بتاريخ   27 من شعبان 1432 (29 يوليو2011)، لا سيما فصله 177 وكذا فصوله 7 و9 و49 و84 و85 و132 و176؛

وبعد الاطلاع على القانون التنظيمي رقم 11-29 المتعلق بالأحزاب السياسية، المحال إلى المجلس الدستوري بمقتضى رسالة السيد رئيس الحكومة المسجلة بالأمانة العامة للمجلس في 12 أكتوبر 2011، وذلك من أجل البت في مطابقته للدستور، على وجه الاستعجال، عملا بأحكام الفقرتين الثانية والرابعة من الفصل 132 من الدستور؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه، لاسيما الفقرة الأولى من المادة 21 والفقرة الأولى من المادة 23 والفقرة الثانية من المادة 24 منه؛

وبناء على المرسوم رقم 2.11.540 الصادر في 10 من شوال 1432 (9 سبتمبر 2011) بدعوة مجلس النواب ومجلس المستشارين لعقد دورة استثنائية؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛

أولاـ فيما يتعلق بالاختصاص:

1ـ حيث إن الفصل 132 من الدستور ينص في فقرته الثانية على أن القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها تحال إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور؛

وحيث إن الفصل 177 من الدستور ينص على "يستمر المجلس الدستوري القائم حاليا في ممارسة صلاحياته، إلى أن يتم تنصيب المحكمة الدستورية المنصوص عليها في هذا الدستور"، مما يكون المجلس الدستوري بموجبه مختصا بالبت في مطابقة القوانين التنظيمية للدستور؛

2ـ حيث إن الفصل 176 من الدستور ينص على أنه "إلى حين انتخاب مجلسي البرلمان، المنصوص عليهما في هذا الدستور، يستمر المجلسان القائمان حاليا في ممارسة صلاحياتهما، ليقوما على وجه الخصوص، بإقرار القوانين اللازمة لتنصيب مجلسي البرلمان الجديدين، وذلك دون إخلال بالأحكام المنصوص عليها في الفصل 51 من هذا الدستور" الأمر الذي يكون بمقتضاه البرلمان القائم حاليا مختصا بإقرار القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية؛

ثانيا ـ فيما يتعلق بالشكل والإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي:

حيث إنّه يبين من الوثائق المدرجة في الملف أنّ القانون التنظيمي المحال إلى المجلس الدستوري، تم التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد في 9 سبتمبر2011، وأَودع السيد رئيس الحكومة مشروعه لدى مكتب مجلس النواب في نفس التاريخ، وجرت المداولة فيه من قبل هذا المجلس خلال جلسته العامة المنعقدة في7 أكتوبر2011؛

وحيث إنّ القانون المذكور ورد في شكل قانون تنظيمي وفق أحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 7 من الدستور، وتداول في مشروعه المجلس الوزاري طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وتم إيداعه أولاً لدى مكتب مجلس النواب، ولم يتم التداول في مشروعه إلا بعد مضي عشرة أيام من تاريخ إيداعه، كما تمّت المصادقة عليه وفقا لأحكام الفقرة الأولى من الفصل 85 من الدستور؛

ثالثا ـ فيما يتعلق بالموضوع:

حيث إن الفصل السابع من الدستور ينص في فقرته الأخيرة على "يحدد قانون تنظيمي، في إطار المبادئ المشار إليها في هذا الفصل، القواعد المتعلقة، بصفة خاصة، بتأسيس الأحزاب السياسية، وأنشطتها ومعايير تخويلها الدعم المالي للدولة، وكذا كيفيات مراقبة تمويلها"؛

وحيث إن القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية المعروض على أنظار المجلس الدستوري يحتوي على 72 مادة تتوزع على سبعة أبواب، تناول الأول منها أحكاما عامة، والثاني تأسيس الأحزاب السياسية والانخراط فيها في فرعين خصص الأول منهما لبيان كيفية تأسيس الأحزاب السياسية والثاني لبيان شروط الانخراط فيها، أما الباب الثالث فتطرق لمبادئ تنظيم الأحزاب السياسية وتسييرها، وخصص الباب الرابع لنظام تمويل الأحزاب السياسية وكيفيات مراقبته في أربعة فروع، تناول الأول منها موارد الأحزاب السياسية والثاني الدعم السنوي الممنوح لها والثالث مساهمة الدولة في تمويل حملاتها الانتخابية والرابع مراقبة تمويلها، أما الباب الخامس فخصص لاتحادات الأحزاب السياسية واندماجها في فرعين تناول الأول منهما اتحادات الأحزاب السياسية والثاني اندماجها، وخصص الباب السادس لتحديد الجزاءات، والباب السابع والأخير لأحكام انتقالية؛

وحيث إنه، بعد فحص مواد هذا القانون التنظيمي مادة مادة تبين أنها تكتسي صبغة قانون تنظيمي وفق أحكام الفقرة الأخيرة من الفصل السابع من الدستور؛

فيما يخص الباب الأول المتعلق بأحكام عامة:

حيث إن هذا الباب يشمل المواد من 1 إلى 4 ويتناول تحديد محتويات هذا القانون التنظيمي والتعريف بالحزب السياسي وبيان مهامه وحالات بطلانه وفق ما ينص عليه الفصل السابع من الدستور؛

فيما يخص الباب الثاني المتعلق بتأسيس الأحزاب السياسية والانخراط فيها:

حيث إن هذا الباب يضم فرعين ويشمل المواد من 5 إلى 23؛

في شأن المادة 5:

حيث إن هذه المادة تنص على أنه "يجب على الأعضاء المؤسسين والمسيرين لحزب سياسي أن يكونوا ذوي جنسية مغربية، بالغين من العمر 18 سنة شمسية كاملة على الأقل، ومسجلين في اللوائح الانتخابية العامة ومتمتعين بحقوقهم المدنية والسياسية؛

كما يجب على الأعضاء المؤسسين والمسيرين أن يكونوا حاملين للجنسية المغربية وغير متحملين لأية مسؤولية سياسية في دولة أخرى قد يحملون جنسيتها"؛

وحيث إن الشروط التي تفرضها المادة المذكورة على المؤسسين والمسيرين لحزب سياسي هي نفس الشروط الواجب توفرها في كل مواطن أو مواطنة لممارسة حقه في التصويت وفي الترشح للانتخابات طبقا للفصل 30 من الدستور، وتستجيب لما ينص عليه فصله السابع من أن الأحزاب السياسية تساهم "في التعبير عن إرادة الناخبين"، مما يستلزم أن يكون مؤسسو ومسيرو الأحزاب السياسية هم أنفسهم مسجلين في اللوائح الانتخابية، أما ما تشترطه الفقرة الثانية من هذه المادة من أن الأعضاء المؤسسين والمسيرين يجب أن لا يكونوا متحملين لأية مسؤولية سياسية في دولة أخرى قد يحملون جنسيتها، فيبرره ما يترتب عن الجمع بين مسؤوليات سياسية في دولتين من التزامات قد تكون متباينة؛

وحيث إنه، بناء على ذلك، فليس في هذه الشروط ما ينتقص من حرية تأسيس الأحزاب السياسية المنصوص عليها في الفصل 7 من الدستور، ولا من حقوق المواطنة المضمونة، بموجب فصله 17، للمغاربة المقيمين في الخارج، مما يجعل مقتضيات هذه المادة ليس فيها ما يخالف الدستور؛

في شأن المادتين 6 و11:

حيث إن مقتضيات المادة 6 تحدد شروط ومحتويات ملف تأسيس الحزب السياسي الذي يودعه الأعضاء المؤسسون لدى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، وتنص على أنه يجب أن يكون الأعضاء المؤسسون للحزب، المحدد عددهم في 300، موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلية على ثلثي عدد جهات المملكة على الأقل شرط أن لا يقل عددهم في كل جهة عن 5 في المائة من العدد الأدنى للأعضاء المؤسسين المطلوب قانونا؛

 وحيث إن أحكام المادة 11 تنص على أن اجتماع المؤتمر التأسيسي للحزب يعتبر قانونيا إذا حضره 1000 مؤتمر على الأقل، من بينهم ما لا يقل عن ثلاثة أرباع الأعضاء المؤسسين، وتشترط بدورها أن يكون المؤتمرون موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلية على ثلثي عدد جهات المملكة على الأقل، شريطة ألا يقل عددهم في كل جهة عن 5 في المائة من هذا العدد؛

وحيث إن العدد المطلوب قانونا في تأسيس الأحزاب السياسية المحدد في 300 من الأعضاء المؤسسين و1000 من المؤتمرين، واشتراط توزيعهم بحسب مقرات إقامتهم الفعلية على ثلثي عدد جهات المملكة على الأقل شريطة ألا يقل عددهم في كل جهة عن 5  في المائة من هذا العدد يرمي، من جهة، إلى ضمان حد أدنى من الجدية في عملية تأسيس الأحزاب السياسية التي يتعين عليها على الأقل أن تكون قادرة بشريا على إنشاء هياكلها التنظيمية الوطنية والجهوية، وهو ما لا يحد من حرية المواطنين في تأسيس الأحزاب السياسية، كما يرمي، من جهة أخرى، إلى تطبيق ما ينص عليه الدستور في فصله السابع من حظر تأسيس الأحزاب السياسية على أساس جهوي، مما تكون معه مقتضيات المادتين 6 و11 ليس فيها ما يخالف الدستور؛

في شأن المادتين 7 و8:

حيث إن هاتين المادتين حددتا بدقة طبيعة الدور الذي تضطلع به السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، في مختلف مراحل إجراءات تأسيس حزب سياسي، باعتبارها الجهة التي تتلقى ملفات التصريح بتأسيس الأحزاب السياسية، ويستفاد من هاتين المادتين أن دور هذه السلطة يقتصر على مراقبة احترام هذه الأحزاب للشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي، حيث يتعين عليها، في حال استيفاء ملف التصريح بتأسيس الحزب للشروط المطلوبة، أن توجه وجوبا إشعارا بذلك إلى الأعضاء المؤسسين بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتوصل داخل أجل الثلاثين يوما الموالية لتاريخ إيداع الملف، وفي حال ملاحظتها لوجود إخلال بالشروط أو الإجراءات القانونية المطلوبة في تأسيس الحزب السياسي، يجب عليها اللجوء، داخل أجل ستين يوما يبتدئ من تاريخ إيداع ملف التصريح بتأسيس الحزب، إلى المحكمة الإدارية بالرباط التي تختص وحدها برفض التصريح بتأسيس الحزب المعني؛

وحيث إن أحكام المادتين المذكورتين، بتقييدها لدور السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية في مراحل التصريح بتأسيس الأحزاب السياسية، وإسناد صلاحية رفض التصريح بتأسيس الحزب إلى السلطة القضائية وحدها، تكون قد احترمت ما تنص عليه الفقرة الثانية من الفصل السابع من الدستور من أنه "تؤسس الأحزاب وتمارس أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون"، مما تكون معه المادتان 7 و8 ليس فيهما ما يخالف الدستور؛

في شأن المادة 20:

حيث إن هذه المادة تنص على أنه "لا يمكن لعضو في أحد مجلسي البرلمان أو في مجالس الجماعات الترابية أو في الغرف المهنية التخلي عن الانتماء للحزب السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، تحت طائلة تجريده من عضويته في المجالس أو الغرف المذكورة"؛

وحيث إنه، لئن كان الفصل 61 من الدستور ينص على أنه يجرد من صفة عضو في أحد مجلسي البرلمان كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها، فإن هذا الفصل يتضمن بوضوح مبدأ الوفاء السياسي من قِـبل المنتخبين تجاه ناخبيهم من خلال الهيئات السياسية التي ترشحوا باسمها، مما يجعل هذا المبدأ يسري أيضا على المنتخبين في  مجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية؛

وحيث إنه، لئن كان من حق المنتخب، في نطاق ممارسة حرية الانتماء السياسي المكفولة دستوريا، أن يتخلى إراديا عن الانتماء للحزب السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، وهو ما تنظمه المادة 22 من هذا القانون التنظيمي، فإن الديمقراطية المواطنة التي جعلها الدستور في فصله الأول، إلى جانب ربط المسؤولية بالمحاسبة، من مقومات النظام الدستوري للمملكة والتي تتلازم فيها الحقوق بالواجبات، كما يشير إلى ذلك الدستور في تصديره، بالإضافة إلى الدور الدستوري المخول للأحزاب السياسية في الحياة الوطنية بموجب فصله السابع، يجعل حرية المنتخب في تغيير انتمائه السياسي مقيدة بحقوق الناخبين وحقوق الهيئات السياسية التي رشحته لمهام انتدابية، في نطاق تعاقد معنوي بين الطرفين؛

وحيث إنه بناء على ذلك، فإن مقتضيات المادة 20 أعلاه، ليس فيها ما يخالف الدستور؛

فيما يخص  الباب الثالث المتعلق بمبادئ تنظيم الأحزاب السياسية وتسييرها:

حيث إن هذا الباب يشمل المواد من 24 إلى 29؛

وحيث إن أحكام هذه المواد تفرض عددا من الواجبات والالتزمات على كل حزب سياسي، تتمثل في وجوب أن يتوفر على برنامج يحدد الأسس والأهداف التي يتبناها الحزب، وعلى نظام أساسي يحدد القواعد المتعلقة بتسييره وتنظيمه الإداري والمالي، وعلى نظام داخلي يحدد كيفيات تسيير كل جهاز من أجهزته وكذا شروط وكيفيات انعقاد اجتماعات هذه الأخيرة، وأن ينظم ويسير وفق مبادئ ديمقراطية كما يتعين عليه مراعاة مبادئ الحكامة الجيدة، وأن يعمل على توسيع وتعميم مشاركة النساء والشباب في التنمية السياسية للبلاد من خلال  السعي إلى بلوغ نسبة الثلث لفائدة النساء داخل أجهزته المسيرة وطنيا وجهويا في أفق التحقيق التدريجي لمبدأ المناصفة بين النساء والرجال، كما يتعين عليه أن يحدد في نظامه الأساسي نسبة الشباب الواجب إشراكهم في الأجهزة المسيرة للحزب، وأن يتوفر على هياكل تنظيمية وطنية وجهوية، وأن يراعي معايير الشفافية والديمقراطية في اختيار مرشحاته ومرشحيه لمختلف العمليات الانتخابية؛

وحيث إن أحكام هذه المواد تهدف إلى جعل الأحزاب السياسية تتقيد، في أسسها وأهدافها وفي تنظيمها وتدبير شؤونها وممارسة أنشطتها، بما يتضمنه الدستور من ثوابت جامعة وما ينص عليه في فصله السابع من أنه لا يجوز أن يكون هدف الأحزاب السياسية "المساس بالدين الإسلامي، أو بالنظام الملكي، أو المبادئ الدستورية، أو الأسس الديمقراطية، أو الوحدة الوطنية أو الترابية للمملكة"، ومن أنه "يجب أن يكون تنظيم الأحزاب السياسية وتسييرها مطابقا للمبادئ الديمقراطية"، وما يشير إليه فصله 19 من سعي الدولة إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء، وما يرومه فصله 33 من توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية السياسية للبلاد، وما ينص عليه فصله 11 من أن "الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي"؛

وحيث إنه، بناء على هذه الأسس الدستورية، فإن ما تفرضه مواد هذا الباب من واجبات والتزامات على عاتق الأحزاب السياسية، باعتبار دورها الدستوري، ليس فيها ما يحد من مبدأ الحرية الفكرية والسياسية للأحزاب السياسية ولا من مبدأ حريتها في تنظيمها الذاتي، وتبعا لذلك، فإنه ليس فيها ما يخالف الدستور؛

فيما يخص الباب الرابع المتعلق بنظام تمويل الأحزاب السياسية وكيفيات مراقبته:

حيث إن هذا الباب يشمل المواد من 30 إلى 49؛

وحيث إن الفرع الأول من الباب المذكور حدد بدقة وبصفة حصرية موارد الأحزاب السياسية، وبين في فرعيه الثاني والثالث على التوالي القواعد العامة والشروط التي وفقا لها تمنح الدولة دعما ماليا سنويا للأحزاب السياسية وتساهم في تمويل الحملات التي تقوم بها الأحزاب المشاركة في الانتخابات العامة الجماعية والجهوية والتشريعية، وتطرق في فرعه الرابع إلى التزامات الأحزاب السياسية في المجال المالي والمحاسباتي، وأسند إلى المجلس الأعلى للحسابات تدقيق حساباتها عموما، وفحص مستندات الإثبات المتعلقة بصرف المبالغ التي تسلمها كل حزب معني برسم مساهمة الدولة في تمويل حملاته الانتخابية، وأتاح لكل ذي مصلحة إمكانية الاطلاع على الوثائق والمستندات المحاسبية الخاصة بالأحزاب السياسية في مقر هذا المجلس، واعتبر كل استخدام كلي أو جزئي للتمويل العمومي الممنوح من طرف الدولة لأغراض غير تلك التي منح من أجلها اختلاسا للمال العام، وربط استمرار استفادة الأحزاب السياسية من التمويل العمومي بعقد مؤتمراتها الوطنية مرة كل أربع سنوات على الأقل؛

وحيث إن أحكام هذا الباب قد راعت، فيما يخص استفادة الأحزاب السياسية من الدعم المالي للدولة، مبدأ المشاركة في الانتخابات العامة التشريعية، ومبدأ المساواة أمام معايير الاستفادة المعتمدة في منح هذا الدعم، ومبدأ التناسب بين مقادير التمويل الممنوحة وعدد المقاعد وعدد الأصوات التي يحرز عليها كل حزب، ومبدأ تسيير الأحزاب السياسية لشؤونها تسييرا مطابقا لمبادئ الديمقراطية، ومبدأ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، وكل ذلك وفقا لأحكام الدستور لا سيما فصله الثاني وفصله السابع والفقرة الأخيرة من فصله 147؛

في شأن المادة 31:

حيث إن هذه المادة تنص في فقرتها الرابعة على إمكانية استفادة الأحزاب السياسية من خدمات موظفين عموميين في إطار الوضع رهن الإشارة؛

لكن، حيث إن الموظف عندما يكون موضوعا رهن إشارة إدارة عمومية أخرى يزاول بها مهامه، فإنه يظل تابعا لإطاره بإدارته الأصلية ويتقاضى راتبه منها؛

وحيث إن الدستور، بموجب فصله السابع، ينص على تخويل الدولة دعما ماليا للأحزاب السياسية، وهو دعم يخضع لمراقبة المجلس الأعلى للحسابات بموجب الفقرة الأخيرة من الفصل 147 من الدستور؛

وحيث إن وضع الموظفين رهن الإشارة فيما يخص الأحزاب السياسية – وهي ليست أجهزة عمومية – بما قد يتسم به هذا الوضع رهن الإشارة من دوام، لا يندرج في مفهوم الدعم المالي المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من الفصل السابع من الدستور وما يخضع له هذا الدعم من مراقبة، ولا ينسجم مع مبادئ الحكامة الجيدة المقررة دستوريا؛

وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، فإن أحكام مواد الباب الرابع ليس فيها ما يخالف الدستور، باستثناء الفقرة الرابعة من المادة 31 التي تنص على "يمكن للأحزاب السياسية أن تستفيد من خدمات موظفين عموميين في إطار الوضع رهن الإشارة، وفق شروط وكيفيات تحدد بموجب نص تنظيمي" فإنها غير مطابقة للدستور؛

فيما يخص الباب الخامس المتعلق باتحادات الأحزاب السياسية واندماجها:

حيث إن هذا الباب يتكون من فرعين ويشمل المواد من 50 إلى 59؛

في شأن المادتين  50 و55:

حيث إن الفقرة الثانية من المادة 50 تنص على أن الاتحاد الذي يمكن للأحزاب السياسية المؤسسة بكيفية قانونية أن تنتظم فيه، "لا يعتبر ... حزبا سياسيا بمفهوم هذا القانون التنظيمي ولا يستفيد من التمويل العمومي ..."، وتنص المادة 55 على أنه "يمكن لاتحادات الأحزاب السياسية أن تقدم على صعيد كل دائرة انتخابية، لائحة ترشيح لمختلف الاستحقاقات الانتخابية، بتزكية من الأحزاب المشكلة للاتحاد، على أن لا تتضمن اللائحة المذكورة سوى مترشحين ينتمون لحزب سياسي واحد من الأحزاب التي يتألف منها الاتحاد"؛

وحيث إنه، لئن كان الدستور ليس فيه ما يحول دون انتظام الأحزاب السياسية في اتحادات تتمتع بالشخصية الاعتبارية بهدف العمل جماعيا من أجل تحقيق غايات مشتركة، كما تضمنته الفقرة الأولى من المادة 50 أعلاه، فإن ما تنص عليه الفقرة الأولى من الفصل 47 من الدستور من أن الملك "يعين... رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها"، وما أسنده الفصل السابع منه للأحزاب السياسية دون سواها من مهام، والتي مراعاة لها خولها وحدها "الدعم المالي للدولة" وأناط بالمجلس الأعلى للحسابات، طبقا للفصل 147 منه، مهمة "تدقيق حسابات الأحزاب السياسية"، يجعل ما تنص عليه المادتان المذكورتان من عدم اعتبار الاتحاد حزبا سياسيا وعدم استفادته من التمويل العمومي وعدم السماح له بتقديم لائحة مشتركة لمختلف الاستحقاقات الانتخابية مطابقا للدستور؛

فيما يخص الباب السادس المتعلق بالجزاءات:

حيث إن هذا الباب يشمل المواد من 60 إلى 70؛

وحيث إن أحكام هاته المواد حددت الجزاءات المقررة بها في مواجهة الأحزاب السياسية والأشخاص المعنيين بتطبيق هذا القانون التنظيمي، كما حددت كلا من أسباب إبطال تأسيس الحزب السياسي وبطلان تأسيسه، ونصت المادة 68 على الحالات المؤدية إلى حل الأحزاب السياسية؛

وحيث إنه، يبين من تلك المواد أنها أسندت للسلطة القضائية وحدها الاختصاص بإصدار الأحكام المتعلقة بإبطال أو بطلان تأسيسها أو حلها، واتخاذ التدابير الاستعجالية بشأنها بطلب من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية وداخل آجال محددة في إطار الضمانات القضائية المكفولة دستوريا، مما يعد تطبيقا لمقتضيات الفصل التاسع من الدستور الذي ينص على أنه "لا يمكن حل الأحزاب السياسية ... أو توقيفها من لدن السلطات العمومية إلا بمقتضى مقرر قضائي"؛

وحيث إنه، يبين من أحكام المادة 68 أنها حددت على سبيل الحصر الأسباب الداعية إلى حل حزب سياسي والمتمثلة في أن يكون هذا الحزب يحرض على قيام مظاهرات مسلحة في الشارع أو يكتسي من حيث الشكل والنظام العسكري أو الشبيه به صبغة مجموعات قتال أو فرق مسلحة خصوصية، أو يهدف إلى الاستيلاء على مقاليد الحكم بالقوة، أو يهدف إلى المس بالدين الإسلامي، أو بالنظام الملكي، أو بالمبادئ الدستورية، أو بالأسس الديمقراطية أو بالوحدة الوطنية أو الترابية للمملكة؛

وحيث إن هذا الحل ينبني إما على قيام حزب سياسي بأفعال منافية تماما لأساليب العمل السياسي السلمي والديمقراطي أو أفعال محظورة دستوريا بموجب الفقرة الخامسة من الفصل السابع من الدستور، مما يجعل هذه المادة مطابقة لهذا الأخير مع مراعاة أن المقصود بالمبادئ الدستورية المشار إليها أعلاه هي المبادئ المقررة صراحة في الدستور؛

وحيث إن أحكام هذا الباب تراعي مبدأ التناسب بين الأفعال المرتكبة والجزاءات المقررة لها؛

وحيث إنه، تأسيسا على ذلك، ليس في أحكام مواد الباب السادس ما يخالف الدستور؛

فيما يخص الباب السابع المتعلق بأحكام انتقالية:

حيث إن هذا الباب يشمل المادتين 71 و72؛

وحيث إن هاتين المادتين تضمنتا أحكاما انتقالية تتعلق بنسخ الأحكام التشريعية المخالفة لهذا القانون التنظيمي ودعوة الأحزاب السياسية واتحاداتها لملاءمة أوضاعها مع مقتضيات هذا القانون في أجل محدد، فليس فيهما ما يخالف الدستور؛

لهذه الأسباب:

أولا – يصرح بأن الفقرة الرابعة من المادة 31 من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية التي تنص على "يمكن للأحزاب السياسية أن تستفيد من خدمات موظفين عموميين في إطار الوضع رهن الإشارة، وفق شروط وكيفيات تحدد بموجب نص تنظيمي" غير مطابقة للدستور؛

ثانيا – يصرح بأن باقي أحكام مواد القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية ليس فيها ما يخالف الدستور، مع مراعاة التفسير الوارد في الحيثيات المتعلقة بالمواد 7 و8 و68؛

ثالثا – يصرح بأن الفقرة الرابعة من المادة 31 المذكورة أعلاه المقضي بعدم مطابقتها للدستور يمكن فصلها من مقتضيات هذه المادة، ويجوز بالتالي إصدار الأمر بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية المعروض على نظر المجلس الدستوري باستثناء الفقرة المذكورة؛

رابعا – يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس الحكومة وبنشره في الجريدة الرسمية.

               وصدر بمقر المجلس الدستوري في يوم الخميس 22 من ذي القعدة 1432 (20 أكــتـــوبـر 2011)

 

الإمضاءات

محمد أشركي

حمداتي شبيهنا ماء العينين     ليلى المريني    أمين الدمناتي     عبد الرزاق مولاي ارشيد

محمد الصديقي             رشيد المدور        محمد أمين بنعبد الله      محمد قصري

محمد الداسر           شيبة ماء العينين           محمد أتركين