قرارات المحكمة الدستورية


قرار رقم : 2011/821
تاريخ صدور القرار : 19-11-2011

المملكة المغربية            الحمد لله وحده،   

المجلس الدستوري

ملف عدد: 1177/11

قرار رقم: 821/11 م.د

 

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

 

المجلس الدستوري،

بناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)، لا سيما فصله 177 وكذا فصوله 49 و84 و85 و132 و146 و176؛

وبعد الاطلاع على القانون التنظيمي رقم 11- 59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية المحال إلى المجلس الدستوري بمقتضى رسالة السيد رئيس الحكومة المسجلة بالأمانة العامة للمجلس في 10 نوفمبر 2011، وذلك من أجل البتِّ في مطابقته للدستور عملا بأحكام الفقرة الثانية من فصله 132، على وجه الاستعجال طبقا للفقرة الرابعة منه، وهو ما استجاب له المجلس الدستوري؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه، لا سيما الفقرة الأولى من المادة 21 والفقرة الأولى من المادة  23 منه؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛

أولا – فيما يتعلق بالاختصاص:

1- حيث إنّ الفصل 132 من الدستور ينص في فقرته الثانية على أنّ القوانين التنظيمية تحال إلى المحكمة الدستورية لتبتّ في مطابقتها للدستور قبل إصدار الأمر بتنفيذها؛

وحيث إنّ الفصل 177 من الدستور ينص على أن المجلس الدستوري القائم حاليا يستمر في ممارسة صلاحياته إلى أن يتم تنصيب المحكمة الدستورية المنصوص عليها في هذا الدستور، مما يكون المجلس الدستوري بموجبه مختصا بالبتِّ في مطابقة القوانين التنظيمية للدستور؛

2- حيث إن الفصل 176 من الدستور ينص على أنه "إلى حين انتخاب مجلسي البرلمان، المنصوص عليهما في هذا الدستور، يستمر المجلسان القائمان حاليا في ممارسة صلاحياتهما، ليقوما على وجه الخصوص، بإقرار القوانين اللازمة لتنصيب مجلسي البرلمان الجديدين، وذلك دون إخلال بالأحكام المنصوص عليها في الفصل 51 من هذا الدستور"، الأمر الذي يكون بمقتضاه البرلمان القائم حاليا مختصّاً بإقرار القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية؛ 

ثانيا – فيما يتعلق بالشكل والإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي:

حيث إنه، يبين من الوثائق المدرجة في الملف أن القانون التنظيمي المحال إلى المجلس الدستوري تداول في مشروعه المجلس الوزاري المنعقد في 3 أكتوبر 2011، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وقام السيد رئيس الحكومة بإيداعه بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب في 4 أكتوبر 2011؛

وحيث إن القانون المذكور ورد في شكل قانون تنظيمي وفق أحكام الفصل 146 من الدستور، وتم عرض مشروعه للمداولة بمجلس النواب بتاريخ 18 أكتوبر 2011، أي بعد مضيّ عشرة أيام على تاريخ إيداعه بمكتب المجلس المذكور، وذلك وفقا لأحكام الفصلين 84 و85 من الدستور؛

ثالثا – فيما يتعلق بمشمولات هذا القانون التنظيمي:

حيث إنه، لئن كان القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية المعروض على أنظار المجلس الدستوري  يقتصر على تحديد عدد أعضاء مجالس الجماعات الترابية، والقواعد المتعلقة بأهلية الترشيح وحالات التنافي، وحالات منع الجمع بين الانتدابات، وكذا النظام الانتخابي، وأحكام تحسين تمثيلية النساء داخل المجالس المذكورة، دون سواها من المواضيع الأخرى المحددة بالفصل 146 من الدستور، فإن ذلك تبرره أحكام الفصل 176 من الدستور التي أسندت لمجلسي البرلمان الحاليين على وجه الخصوص إقرار القوانين اللازمة لتنصيب مجلسي البرلمان الجديدين ويدخل ضمنها القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية الذي تتشكل منه ثلاثة أخماس أعضاء مجلس المستشارين، مما يجعل منح المشرع الأولوية للجوانب المتعلقة بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، بموجب هذا القانون التنظيمي، ليس فيه ما يخالف الدستور؛

رابعا – فيما يتعلق بالموضوع:

حيث إن القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية المعروض على نظر المجلس الدستوري يحتوي على 162 مادة موزعة إلى أربعة أقسام: تناول القسم الأول منه الأحكام المشتركة لتنظيم انتخاب أعضاء مجالس الجهات ومجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجماعات والمقاطعات في أربعة أجزاء، خصص الأول منه لمعالجة الأحكام المتعلقة بمدة الانتداب وتاريخ الاقتراع والترشيحات ويتفرع إلى بابين، تناول الأول مدة الانتداب وتاريخ الاقتراع والثاني الترشيحات في فرعين خصص الأول منهما لأهلية الترشيح وموانعه والثاني لإيداع الترشيحات وتسجيلها أو رفضها والذي قسم إلى فصلين تناول الأول إيداع التصريحات بالترشيح والثاني تسجيل الترشيحات ورفضها وتناول الجزء الثاني موضوع التصويت في ثلاث أبواب، خصص الأول للعمليات التحضيرية للاقتراع وهو مقسم إلى ثلاث فروع تناول الأول منها أوراق التصويت والثاني تصويت المغاربة المقيمين خارج تراب المملكة والثالث مكاتب التصويت  والمكاتب المركزية وعالج الباب الثاني منه عمليات التصويت والثالث فرز وإحصاء الأصوات وإعلان النتائج، فيما خصص الجزء الثالث للمنازعات الانتخابية وقسم إلى بابين تناول الأول الطعون المتعلقة بالترشيحات والثاني الطعون المتعلقة بالعمليات الانتخابية وتناول الجزء الرابع موضوع الحملة الانتخابية وتحديد المخالفات والعقوبات المقررة لها في بابين خصص الأول منها للحملة الانتخابية والثاني لتحديد المخالفات والعقوبات المقررة لها؛

أما القسم الثاني فقد تضمن الأحكام الخاصة بانتخاب أعضاء مجالس الجهات ومجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجماعات والمقاطعات في ثلاثة أجزاء، خصص الأول منها للأحكام الخاصة بانتخاب أعضاء مجالس الجهات في سبعة أبواب تناول الأول منها موضوع التأليف والهيئة الناخبة وأسلوب الاقتراع والثاني أهلية الترشح للانتخاب وحالة التنافي والثالث الترشيحات والرابع العمليات الانتخابية، وقسم إلى فرعين، عالج الأول منها أوراق التصويت ومكاتب التصويت والثاني عمليات التصويت والفرز وإعلان النتائج وقسم هو الآخر إلى فصلين خصص الأول منهما لأحكام عامة والثاني لإيداع المحاضر وأحكام متفرقة، وتناول الباب الخامس المنازعات الانتخابية والسادس تعويض أعضاء مجالس الجهات والانتخابات الجزئية والسابع الحملة الانتخابية وتحديد المخالفات والعقوبات المقررة لها، وتناول الجزء الثاني أحكاما خاصة بانتخاب أعضاء مجالس العمالات والأقاليم في ستة أبواب خصص الأول منها لمعالجة التأليف وأسلوب الاقتراع والثاني لعدم أهلية الترشيح للانتخاب وحالات التنافي والثالث للتصريح بالترشيح والرابع للعمليات الانتخابية والخامس لسير عمليات التصويت وفرز وإحصاء الأصوات وإعلان النتائج والسادس للمنازعات الانتخابية وأحكام متفرقة، وتناول الجزء الثالث أحكاما خاصة بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات في ثمانية أبواب، خصص الأول منها للتأليف وأسلوب الاقتراع والثاني لأهلية الترشح وموانعه والثالث للتصريح بالترشيح والرابع للعمليات التحضيرية للاقتراع والخامس لسير التصويت وفرز وإحصاء الأصوات وإعلان النتائج، والسادس لأحكام خاصة بالانتخاب برسم الدوائر الانتخابية الإضافية المحدثة في الجماعات والمقاطعات وقسم إلى أربعة فروع، تناول الأول منها تحديد عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية الإضافية وأسلوب الاقتراع والثاني التصريح بالترشيح وأوراق التصويت والثالث سير التصويت وفرز وإحصاء الأصوات وإعلان النتائج والرابع تعذر إجراء الانتخاب برسم الدائرة الانتخابية الإضافية، وتناول الباب السابع المنازعات الانتخابية والانتخابات الجزئية والثامن الحملة الانتخابية وزجر المخالفات؛

 أما القسم الثالث منه فقد تناول موضوع تمويل الحملات الانتخابية للمترشحين، فيما خصص القسم الرابع والأخير لأحكام انتقالية وختامية؛

وحيث إنه، بعد فحص مواد هذا القانون التنظيمي مادة مادة، ومع الأخذ بعين الاعتبار ما سيأتي بيانه فيما يلي بخصوص المادتين 5 و6 (البند الثاني من الفقرة الأولى) والمادتين 8 و111 والمادة 12 (الفقرة الأولى) والمواد من 41 إلى 72 والمادتين 76 و77 والمواد 102 و103 و104 والمواد من 143 إلى 149، فإن باقي مواد القانون التنظيمي المعروض على أنظار المجلس الدستوري تكتسي كلها صبغة قانون تنظيمي كما حددته أحكام الفصل 146 من الدستور، وليس فيها ما يخالفه؛

في شأن المادتين 5 و 6 (البند الثاني من الفقرة الأولى)  المتعلقتين بعدم الأهلية للترشيح:

حيث إن المادة 5 أعلاه تنص على أنه "يمكن للمغاربة المقيمين خارج تراب المملكة أن يقدموا ترشيحاتهم لانتخابات أعضاء مجالس الجهات ومجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجماعات والمقاطعات وفق الكيفيات والشروط داخل الآجال المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي؛

غير أنه لا يؤهل للترشح كل مغربية أو مغربي مقيم بالخارج يتولى مسؤولية حكومية أو انتدابية أو عمومية ببلد الإقامة"؛

وحيث إن ما تشترطه الفقرة الثانية من هذه المادة من أن المغاربة المقيمين بالخارج والذين يتولون مسؤولية حكومية أو انتدابية أو عمومية ببلد الإقامة يكونون غير مؤهلين للترشح، يجد مبرره فيما يترتب عن الجمع بين مسؤوليات عمومية في دولتين من التزامات قد تكون متباينة؛

وحيث إنه، تأسيسا على ذلك، فليس في هذا الشرط ما ينتقص من حقوق المواطنة، بما فيها حق الترشيح المكفول بموجب الفصل 17 من الدستور للمغاربة المقيمين بالخارج، مما يجعل هذه الفقرة ليس فيها ما يخالف الدستور؛

وحيث إن المادة 6 في البند الثاني من الفقرة الأولى من هذا القانون التنظيمي تنص على أنه لا يؤهل للترشح "الأشخاص الذين صدر في حقهم قرار عزل من مسؤولية انتدابية أصبح نهائيا بمقتضى حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به، في حالة الطعن في القرار المذكور، أو بسبب انصرام أجل الطعن في قرار العزل دون الطعن فيه"؛

وحيث إن أحكام الفقرة الثانية من نفس المادة تنص على أن مانع الأهلية المذكور يرفع بعد انصرام مدة انتدابية كاملة ابتداء من التاريخ الذي يصير فيه قرار العزل نهائيا؛

وحيث إن الدستور في فصله الأول ينص على ربط المسؤولية بالمحاسبة، مما يترتب عنه تحمل كل من يضطلع بمسؤولية عمومية انتخابية أو غيرها تبعات تصرفه، كما أنه أبرز في فصليه الثاني والحادي عشر مبدأ نزاهة الانتخابات باعتبارها أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي، مما يفترض معه أن يكون جميع المعنيين به متحلين بقيم النزاهة في سلوكهم وفي تدبيرهم للمسؤولية الانتدابية التي أسندت إليهم؛

وحيث إنه، مادام قرار العزل من أي مسؤولية انتدابية محاطا بالضمانات القضائية، ومانع الترشيح المؤقت يتناسب معه كجزاء، فإن ما قررته المادة  السادسة في بندها الثاني من فقرتها الأولى لا يمس بحق الترشيح المضمون دستوريا، وليس فيه ما يخالف الدستور؛

في شأن المادتين 8 و 111 المتعلقتين بلوائح الترشيح:

حيث إن مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة الثامنة من هذا القانون التنظيمي تنص على أنه "لا تقبل لوائح الترشيح التي تتضمن أسماء أشخاص ينتمون لأكثر من حزب سياسي واحد أو تتضمن في نفس الآن ترشيحات مقدمة بتزكية من حزب سياسي وترشيحات لأشخاص بدون انتماء سياسي"؛

وحيث إن الفقرة الرابعة من المادة 111 من هذا القانون التنظيمي، تستثني انتخاب أعضاء مجالس العمالات والأقاليم من تطبيق مقتضيات المادة الثامنة المشار إليها أعلاه، بنصها على أنه "خلافا لأحكام الفقرة الثالثة من المادة 8 من هذا القانون التنظيمي، تقبل لوائح الترشيح التي تتضمن أسماء أشخاص ينتمون لأكثر من حزب سياسي واحد أو تتضمن في نفس الآن ترشيحات مقدمة بتزكية من حزب سياسي وترشيحات لأشخاص بدون انتماء سياسي"؛

وحيث إن ما يتضمنه الفصل السابع من الدستور من أن الأحزاب السياسية تساهم في التعبير عن إرادة الناخبين ومن كونها تستفيد من دعم مالي تخوله لها الدولة حسب معايير تحدد بقانون تنظيمي، وما يشير إليه فصله الأول من ربط المسؤولية بالمحاسبة، فضلا عن كون ثلاثة أخماس أعضاء مجلس المستشارين، وهو هيئة سياسية، يمثلون الجماعات الترابية، يبيح للمشرع في نطاق سلطته التقديرية، من أجل صيانة هذه المبادئ وتأمين تطبيقها تطبيقا سليما، أن يشترط عموما في لوائح الترشيح لمجالس الجماعات الترابية أن لا تتضمن أسماء أشخاص ينتمون لأكثر من حزب سياسي واحد أو تتضمن في نفس الآن ترشيحات مقدمة بتزكية من حزب سياسي وترشيحات لأشخاص بدون انتماء سياسي؛

وحيث إنه، لئن كان الفصل 111 من هذا القانون التنظيمي يستثني مجالس العمالات والأقاليم من تطبيق أحكام المادة الثامنة المشار إليها أعلاه ويبيح، خلافا لها، بأن تتضمن لوائح الترشيح المقدمة برسم انتخاب هذه المجالس أسماء أشخاص ينتمون لأكثر من حزب سياسي واحد أو تتضمن في نفس الآن ترشيحات مقدمة بتزكية من حزب سياسي وترشيحات لأشخاص بدون انتماء سياسي، فإن هذا الاستثناء يجد مبرره في محدودية القاعدة الإنتخابية لهذه المجالس، وهي الوحيدة ضمن مجالس الجماعات الترابية التي ينتخب أعضاؤها بطريقة غير مباشرة، مما قد يتعذر معه، لدى تشكيل هذه المجالس، التقيد الكامل بأحكام المادة الثامنة سالفة الذكر؛

وحيث إنه، تأسيسا على ذلك، فإن أحكام المادة الثامنة والاستثناء الوارد عليها بموجب المادة 111 من هذا القانون التنظيمي ليس فيهما ما يخالف الدستور؛

في شأن المادة 12 المتعلقة بتصويت المغاربة المقيمين خارج تراب المملكة :

حيث إن هذه المادة تنص في فقرتها الأولى على أنه "يجوز للناخبات والناخبين المقيدين في اللوائح الانتخابية العامة المقيمين خارج تراب المملكة أن يصوتوا في الاقتراع عن طريق الوكالة"؛

وحيث إنه، لئن كان التصويت حقا شخصيا بموجب الفصل 30 من الدستور، فإن الدستور نفسه أوكل في فصله 17 للقانون تحديد شروط وكيفيات الممارسة الفعلية لحق التصويت وحق الترشيح بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج انطلاقا من بلدان الإقامة، الأمر الذي يجعل من سن المشرع، في نطاق سلطته التقديرية، إجراء التصويت عن طريق الوكالة من حيث هو استثناء من مبدإ شخصية الانتخاب بالنسبة للفئة المذكورة على وجه الخصوص، مقرونا بالإجراءات المبينة في الفقرات الموالية من نفس المادة، ليس فيه ما يخالف الدستور؛

في شأن المواد من 41 إلى 72 المتعلقة بتحديد المخالفات والعقوبات المقررة لها:

حيث إنه يبين من فحص تلك المواد مادة مادة، أن المشرع، لئن عمد إلى تشديد العقوبات المطبقة على المخالفات المرتكبة بمناسبة الانتخابات، فإنه في ذلك قام بإعمال أحكام الفصل 11 من الدستور الذي ينص في فقرته الأولى على أن "الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي"، ولم يتجاوز في إقراره لتلك العقوبات مبدأ التناسب بين هذه الأخيرة والمخالفات المرتكبة بمناسبة الانتخابات؛

وحيث إنه، بناء على ذلك، فإن أحكام هاته المواد ليس فيها ما يخالف الدستور؛

في شأن المادتين 76 و77 المتعلقتين بمعايير التقطيع الانتخابي والدائرة الانتخابية للنساء:

1- في شأن الأحكام المتعلقة بمعايير التقطيع الانتخابي:

حيث إن المادة 76 في فقرتها الأولى تنص على أنه "يشكل النفوذ الترابي للعمالة أو الإقليم أو عمالة المقاطعات أساس التقطيع الانتخابي للجهة"؛

وحيث إن المادة 77 في فقرتها الأخيرة تنص على أنه "يجب أن يراعى في توزيع عدد المقاعد على العمالات والأقاليم وعمالات المقاطعات عدد السكان القانونيين بكل عمالة أو إقليم أو عمالة مقاطعات"؛

وحيث إنه، لئن كان الفصل 71 من الدستور قد أدخل في مجال القانون مبادئ التقطيع الانتخابي المتعلق بالنظام الانتخابي للجماعات الترابية، فإن الفصل 146 منه نص على أن تحدد بقانون تنظيمي بصفة خاصة القواعد المتعلقة بالنظام الانتخابي لأعضاء مجالس الجماعات الترابية؛

وحيث إن مفهوم النظام الانتخابي يشمل معايير التقطيع الانتخابي التي ترتبط به ارتباطا عضويا، ومن تم فإدراج المشرع لمعايير التقطيع الانتخابي ضمن مجال القانون التنظيمي ليس فيه ما يخالف الدستور؛  

2- في شأن الأحكام المتعلقة بالدائرة الانتخابية المخصصة للنساء:

حيث إن المادة 76 من هذا القانون التنظيمي تنص على إحداث دائرتين انتخابيتين على صعيد كل عمالة أو إقليم أو عمالة مقاطعات تخصص إحداهما للنساء،  على أن لا يقل عدد المقاعد المخصصة لهن عن ثلث المقاعد المخصصة للعمالة أو الإقليم أوعمالة المقاطعات المعنية برسم مجلس الجهة، وفق مقتضيات المادة 77 من نفس القانون؛

وحيث إن الفصل 146 من الدستور يجعل من ضمن مشمولات القانون التنظيمي المتعلق بالجهات والجماعات الترابية الأخرى تحديد "أحكام تحسين تمثيلية النساء" داخل مجالس هذه الجماعات؛

وحيث إنه، يعود للمشرع اختيار نوعية الأحكام التي يرتئيها ملائمة لتحسين تمثيلية النساء في مجالس الجماعات الترابية، وهي أحكام يقتصر دور المجلس الدستوري بشأنها على مراقبة مدى مطابقتها للدستور؛

وحيث إن ما يقره المشرع بخصوص مجالس الجهات من تخصيص إحدى الدائرتين المحدثتين على صعيد كل عمالة أو إقليم أو عمالة مقاطعات للنساء، على أن تمثل مقاعد هذه الدائرة على الأقل ثلث عدد المقاعد المخصصة للعمالة أو الإقليم أو عمالة المقاطعات المعنية برسم الجهة، جاء تطبيقا لمبادئ أخرى أقرها الدستور نفسه والمتمثلة، فضلا عن أحكام المادة 146 آنفة الذكر، في ما يتضمنه فصله 30 من دعوة المشرع إلى وضع مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية في أفق تحقيق المناصفة باعتبارها هدفا تسعى الدولة إلى بلوغه وفقا للفصل 19 من الدستور؛

وبناء على ما سبق بيانه، ومع مراعاة أن تكون هذه التدابير القانونية، التي تمليها دواع مرحلية ومؤقتة ترمي بالأساس إلى الارتقاء بتمثيلية النساء بالمجالس الجهوية، محدودة في الزمن يتوقف العمل بها بمجرد تحقيق الأهداف التي بررت اللجوء إليها، فإن مقتضيات المادتين 76 و77 ليس فيهما ما يخالف الدستور؛

في شأن المواد 102 و103 و104 المتعلقة بتأليف مجالس العمالات والأقاليم:

حيث إنه، لئن كانت المقتضيات المتعلقة بتأليف مجالس العمالات والأقاليم خالية من أي أحكام تشريعية ترمي إلى تحسين تمثيلية النساء داخلها كما تدعو إلى ذلك أحكام الفصل 146 من الدستور، فإن الدوائر الانتخابية الإضافية المتعلقة بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات الواردة في المواد 102 و103 و104 من هذا القانون التنظيمي، تضمن للنساء تمثيلية معينة في مجالس الجماعات التي تنبثق منها مجالس العمالات والأقاليم ويكون المشرع بذلك قد آثر طريقة غير مباشرة في تحسين تمثيلية النساء في هذه المجالس، مما يجعل مقتضيات هذه المواد ليس فيها ما يخالف الدستور؛

في شأن المادة 143 المتعلقة بالدوائر الانتخابية الإضافية:

حيث إن أحكام المادة 143 تنص في فقرتها الأولى على أنه "زيادة على الدوائر الانتخابية المنصوص عليها في المادة 129 من هذا القانون التنظيمي، تحدث على صعيد مجموع النفوذ الترابي لكل جماعة أو مقاطعة حسب الحالة دائرة انتخابية تسمى “دائرة انتخابية إضافية’’، ويحدد عدد المقاعد المخصصة لها طبقا لأحكام المادة 144 بعده"؛

وحيث إنه، لئن كان المشرع لم ينص صراحة على تخصيص هذه الدوائر الإضافية للنساء، فقد تبين للمجلس الدستوري من الاطلاع على تقرير لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية لمجلس النواب وكذا تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين المتضمنتين للأشغال التحضيرية للقانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، أن الدوائر الانتخابية الإضافية ستخصص للنساء، الأمر الذي يكون معه المشرع، وإن لم يذكر ذلك صراحة في أحكام الباب السادس المخصص للدوائر الانتخابية الإضافية، قد راعى ما ينص عليه الفصل 146 من الدستور من كون القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية يحدد أحكام تحسين تمثيلية النساء داخل مجالس الجماعات المذكورة؛

ومع مراعاة هذا التفسير بشأن تخصيص الدوائر الانتخابية الإضافية للنساء وحدهن، ولو دعا الأمر إلى إبقائها شاغرة عملا بأحكام المادة 149 من هذا القانون التنظيمي، فإن أحكام المادة 143 المذكورة وما يليها إلى غاية المادة 149 المرتبطة بها ليس فيها ما يخالف الدستور؛

لهذه الأسباب:

أولا – يصرح بأن أحكام القانون التنظيمي رقم 11-59 المتعلق بانتخاب أعضاء  مجالس الجماعات الترابية المعروض على نظر المجلس الدستوري مطابقة للدستور، مع مراعاة ما ورد بيانه بشأن المادتين 76 و77 من اعتبار معايير التقطيع الانتخابي تندرج في مجال القانون التنظيمي، وما ورد بخصوص المادة 143 من كون الدوائر الانتخابية الإضافية المحدثة في الجماعات والمقاطعات تخصص للنساء؛

ثانيا – يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس الحكومة وبنشره في الجريدة الرسمية.             

                    وصدر بمقر المجلس الدستوري في يوم السبت 22 من ذي الحجة 1432 (19 نــونـبـر2011)

 

الإمضاءات

محمد أشركي

شبيهنا حمداتي ماء العينين      ليلى المريني        أمين الدمناتي      عبد الرزاق مولاي ارشيد

محمد الصديقي             رشيد المدور        محمد أمين بنعبد الله        محمد قصري 

محمد الداسر                  شيبة ماء العينين             محمد أتركين